الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية) |
![]() |
![]() |
||||||||
الصفحة - من الجزء (عرض الصورة)![]() قال لا بد أن يوقفك الحق و يشخص لك أعمالك كلها و هو قد أمرك بالعمل فيرى هل عملت بما أمرك به من الأعمال و قد أمرتك نفسك بعمل و أمرك الخلق بعمل فتأتي و لك ثلاثة أنواع من العمل ترفع إليك خزائنها فما كان لله فهو لله مخلص فيزول إضافته إليك و كذلك ما كان للناس و لا يبقى لك إلا ما كان لك فيقال لك هل خلعت على هذه الأعمال كلها حكم الحق عليها فجريت فيها بحكم الحق حتى تكون مؤمنا أو كنت في وقت عملك تشهد أنك آلة يعمل بها خالقك كل عمل ظهر منك أو ما تعديت بالعمل غير ذات العمل لما أمرك به من أمرك كان من كان فأنت عند ذلك بحسب ما يكون الأمر في نفسه و الرسول حاضر معك و كل من أمرك حاضر عند ذلك فإنه في وقت أمره إياك بالعمل قد تعبدك و أنت لمن تعبدك في كل عمل فتكون في الزمن الواحد في أحوال مختلفة فتكون الرائي المحجوب المعذب المنعم كما يجمع الحق بين الأضداد [عمل بعلمه من استغفر في ظلمه]و من ذلك عمل بعلمه من استغفر في ظلمه استغفر اللّٰه من ظلمي و من زللي *** فإنني منهما و اللّٰه في خجل إني عجلت إلى ربي لأرضيه *** من قوله ﴿خُلِقَ الْإِنْسٰانُ مِنْ عَجَلٍ﴾ [الأنبياء:37] قال الظالم ظالمان ظالم لنفسه و ظالم نفسه فالظالم نفسه طلب منه الاستغفار مع أنه يغفر له و إن لم يستغفر و إنما أمره الحق بالاستغفار ليقيمه إذا جنى ثمرة ذلك في مقام الإذلال لما له في ذلك من الكسب فإن الذي يأخذ من جهة الهبة قصير اليد و الذي يأخذ من كسبه طويل اليد فإنه طالب حق و مستحقه فالرجل من أخذ من كسبه في حال ذلة و يده قصيرة ما دام في الحياة الدنيا فإنه لا ينفذ في ظلمة الكسب إلى الوهب إلا بنور ساطع قوي من المعرفة الصحيحة التي لا علة فيها و لا تأثير للاكوان و إن غولط فيتغالط إذا كان أديبا لأنه لا يغالط إلا و الموطن يعطيه فيجري مع الحق فيما أجراه فيه و الحق يعلم ما هو فيه [ما أحاط من شاهد البساط]و من ذلك ما أحاط من شاهد البساط كل من يشاهد البساط تراه *** ذا ضلال و حيرة في البساط فإذا ما سألته قال صدقا *** إنما كان ذلكم في انبساطي قال أهل البساط لا يتعدى طرفهم من هم في بساطه غير إن البسط كثيرة بساط عمل و بساط علم و بساط تجل و بساط مراقبة فإن كنت في العمل فما و إن كنت في العلم فيمن و إن كنت في التجلي فمن و إن كنت في المراقبة فلمن و هكذا في كل بساط يكون فيقال لك في العمل ما قصدت و في العلم من هو معلومك و في التجلي من تراه و في المراقبة لمن راقبت فأنت بحسب جوابك عن هذه الأسئلة فأنت محصور بالخطاب محصور بالجواب فما تشاهد سوى الحال الخاص بك ما دمت في البساط فإن أجبت بما يقتضيه الحال كنت حكيما حكما و إن أجبت بالحق لا بك فكنت على قدر اعتقادك في الحق ما هو و إن أجبت بنفسك أجبت إجابة عبد و المراتب متفاضلة [علم الاختصاص بالختم الخاص]و من ذلك علم الاختصاص بالختم الخاص إني من أصل أجواد خضارمة *** من البهاليل أهل الجود و الرفد ما منهم أحد يسعى لمفسدة *** و لا يرى جوده يجري إلى أمد قال الختم الخاص هو المحمدي ختم اللّٰه به ولاية الأولياء المحمديين أي الذين ورثوا محمدا ﷺ و علامته في نفسه أن يعلم قدر ما ورث كل ولي محمدي من محمد ﷺ فيكون هو الجامع علم كل ولي محمدي لله تعالى و إذا لم يعلم هذا فليس بختم أ لا ترى إلى النبي ﷺ لما ختم به النبيين أوتي جوامع الكلم و اندرجت الشرائع كلها في شرعه اندراج أنوار الكواكب في نور الشمس فيعلم قطعا إن الكواكب قد ألقت شعاعاتها على الأرض و تمنع الشمس أن تميز ذلك فتجعل النور للشمس خاصة [المدى الشاسع مانع]و من ذلك المدى الشاسع مانع إذا بلغ المدى الشاسع *** رجال ما لهم مانع تراهم في محاربهم *** عبيدا حاله جامع لما يلقاه من أ لم *** البعد عنهم قاطع قال لما خلق اللّٰه الإنسان عجولا : و خلق فيه الطلب و لم يحصل له مطلوبه في أول قدم بعد عليه المدى لعجلته فيقف مع طول |
|
||||||||
![]() |
![]() |
||||||||
الفتوحات
المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين. |