الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية) |
![]() |
![]() |
||||||||||
الصفحة - من الجزء (عرض الصورة)![]() يطلب المألوه بالذات ﴿وَ إِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ﴾ [هود:123] فهو الغاية و منه بدا الأمر كله و لذلك جاء بالرجوع لأنه لا يمكن أن يكون رجوع إلا من خروج تقدم و الموجودات كلها المحدثات ما خرجت إلى الوجود إلا عن اللّٰه فلهذا ترجع أحكامها إليه و لم تزل عنده و إنما سميت راجعة لما طرأ للخلق من رؤية الأسباب التي هي حجب على أعين الناظرين فلا يزالون ينظرون و يخترقون الأسباب من سبب إلى سبب حتى يبلغوا إلى السبب الأول و هو الحق فهذا معنى الرجوع و من ذلك من جاء شيئا إمرا أحدث له القرين ذكرا قال كل أمر يقع التعجب منه فإن صاحبه الذي أوجده للتعجب ما أوجده بهذه الحالة إلا ليحدث منه ذكرا لهذا الذي تعجب منه فلا تستعجل فإنه لا بد أن يخبره موجدة بحديثه إلا إن الإنسان خلق عجولا : ففي طبعه الحركة و الانتقال لأنها أصله فإن خروجه من العدم إلى الوجود نقله فهو في أصل نشأته و وجوده متحرك فلهذا قال ﴿خُلِقَ الْإِنْسٰانُ مِنْ عَجَلٍ﴾ [الأنبياء:37] و خلق ﴿(كٰانَ)الْإِنْسٰانُ عَجُولاً﴾ و لو رام غير العجلة ما استطاع و ما في العالم أمر لا يتعجب منه فالوجود كله عجب فلا بد أن يحدث اللّٰه منه ذكرا للمتعجبين فالعارفون أحدث اللّٰه لهم ذكرا منه في هذه الدار فعرفوا لما خلقوا له و لما خلق لهم و العامة تعرف حقائق هذه الأمور في الآخرة فلا بد من العلم و هو إحداث الذكر [الركون لا يكون إلا لمغبون]و من ذلك الركون لا يكون إلا لمغبون لا تركنن إلى غير الإله فما *** يركن إلى غيره إلا الذي جهله سبحانه و تعالى أن يقر له *** في ملكه بشريك غير من خذله من قال إن له ندا و صاحبة *** فربه بحسام الجهل قد قتله و اللّٰه ما طلعت شمس و لا غربت *** على محب له إلا و قد وصله بما يريد و ما يبغيه من مسخ *** إلا حباه بها في تحفة وصله سبحانه و تعالى أن يحيط به *** نظم من الشعر أو نثر من البطلة لا تركن إلى غير ركن فتخيب انظر في القرآن بما أنزل على محمد ﷺ لا تنظر فيه بما أنزل على العرب فتخيب عن إدراك معانيه فإنه نزل ﴿بِلِسٰانٍ﴾ [ابراهيم:4] رسول اللّٰه ﷺ لسان ﴿عَرَبِيٍّ مُبِينٍ﴾ [النحل:103] ﴿نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ﴾ [الشعراء:193] جبريل عليه السّلام على قلب محمد ﷺ فكان به ﴿مِنَ الْمُنْذِرِينَ﴾ [الشعراء:194] أي المعلمين فإذا تكلمت في القرآن بما هو به محمد ﷺ متكلم نزلت عن ذلك الفهم إلى فهم السامع من النبي ﷺ فإن الخطاب على قدر السامع لا على قدر المتكلم و ليس سمع النبي ﷺ و فهمه فيه فهم السامع من أمته فيه إذا تلاه عليه و هذه نكتة ما سمعتها قبل هذا عن أحد قبلي و هي غريبة و فيها غموض و من ذلك من لم يتكبر على خلقه فقد أدى واجب حقه ليس التكبر و الإهمال من شيمي *** بل التواضع و الإمهال من شيمي إني عبدت الذي أحبني و يغفر لي *** و هو المهيمن رب الصفح و الكرم قال لا يتكبر على الأمثال إلا من جهل إنهم أمثال فكما لا يتكبر الشيء على نفسه كذلك لا يتكبر على مثله و من لم يتكبر على خلق اللّٰه فقد أعطاهم حقهم الذي وجب لهم عليه كما أعطاه اللّٰه خلقه الذي لم يكن إلا به و إلا فما هو هو فإن الإنسان إذا لم يكن هو الحيوان الناطق و إلا فليس بإنسان فهذا أعطى كل شيء خلقه و أوجب عليك أنت الحقوق فما في العالم إلا من له حق عليك تؤديه إليه إذا طلبه منك و ما لم يطلبه بحاله أو لسانه لم يتعين عليك فلا بد من الأوقات فيه كما هو في الإيجاد و الآجال إذا جاء الوقت قال تعالى ﴿فَإِذٰا جٰاءَ أَجَلُهُمْ لاٰ يَسْتَأْخِرُونَ سٰاعَةً وَ لاٰ يَسْتَقْدِمُونَ﴾ [الأعراف:34] و قال تعالى في شأن القيامة ﴿لاٰ يُجَلِّيهٰا لِوَقْتِهٰا إِلاّٰ هُوَ﴾ [الأعراف:187] فحينئذ يعطيها خلقها كذلك إذا حان أجل أداء الحق تعين عليك الأداء فإن أنت لم تفعل فأنت ظالم و لا يتعين أداء حق إلا مع قدرة المؤدي على أدائه و ذلك وقته [ المقصود رؤية التقصير مع بذل المجهود]و من ذلك المقصود رؤية التقصير مع بذل المجهود ما كان مقصودي من التقصير *** إلا الذي أدركت في التشمير حتى يراني العاذلون قد اعتنى *** من قمت فيه بنفثه المصدور |
|
||||||||||
![]() |
![]() |
||||||||||
الفتوحات
المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين. |