الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية) |
![]() |
![]() |
|||||||||
الصفحة - من الجزء (عرض الصورة)![]() فلو ترى الشمس و الأفلاك دائرة *** في نارها و نجوم الليل تنتثر من بعد ما طمست أنوارها و مضت *** أحكامها و بدت في العين تنكدر ماتوا و راح الذي قد كان يجمعهم *** في دار دنياهم فالكل قد قبروا [العلماء في الحضرة العليم على ثلاث مراتب]يدعى صاحب هذه الحضرة عبد العليم و العلماء في هذه الحضرة على ثلاث مراتب عالم علمه ذاته و عالم علمه موهوب و عالم علمه مكتسب و له حكم في الإلهيات و له حكم في الكون ففي اللّٰه علمه بكل شيء لذاته و عموم تعلقها بكل معلوم و قد بينا من أين تعلق علمه بالعالم و المكتسب في اللّٰه قوله ﴿حَتّٰى نَعْلَمَ﴾ [محمد:31] و الموهوب في اللّٰه ما أعطاه العبد من تصرفه في المباح فإنه لا يتعين تقييده تعين الواجب و المحظور و المندوب و المكروه فحصول العلم بالتصريف في المباح علم وهب يعلمه الحق من العبد بطريق إلهية لأنه لا يجب عليه الإتيان به كما يجب عليه اعتقاده فيه إنه مباح و الايمان به واجب و أما مراتب هذه العلوم في الكون فهينة الخطب فإن الكون قابل للعلم بالذات فالعلم الذاتي له هو ما يدركه من العلم بعين وجوده خاصة لا يفتقر في تحصيله إلى أمر آخر إلا بمجرد كونه فإذا ورد عليه ما لا يقبله إلا بكونه موجودا على مزاج خاص هو علمه الذاتي له و المكتسب ما له في تحصيله تعمل من أي نوع كان من العلوم المكتسبة و الموهوب هو ما لم يخطر بالبال و لا له فيه اكتساب كعلم الأفراد و هو علم الخضر فعلمه من لدنه علما رحمة من عند اللّٰه به حتى كان مثل موسى عليه السّلام الذي كلمه ربه يستفيد منه ما لم يكن عنده و لا أحاط به خبرا يقول لم نذق له طعما فيما علمه اللّٰه من العلم بالله [ ما من موجود في العالم إلا و له وجه خاص إلى موجدة]و اعلم أنه ما من موجود في العالم إلا و له وجه خاص إلى موجدة إذا كان من عالم الخلق و إن كان من عالم الأمر فما له سوى ذلك الوجه الخاص و إن اللّٰه يتجلى لكل موجود من ذلك الوجه الخاص فيعطيه من العلم به ما لا يعلمه منه إلا ذلك الموجود و سواء علم ذلك الموجود أو لم يعلمه أعني أن له وجها خاصا و أن له من اللّٰه علما من حيث ذلك الوجه و ما فضل أهل اللّٰه إلا بعلمهم بذلك الوجه ثم يتفاضل أهل اللّٰه في ذلك فمنهم من يعلم أن لله تجليا لذلك الموجود من هذا الوجه الخاص و منهم من لا يعلم ذلك و الذين يعلمون ذلك منهم من يعلم العلم الذي يحصل له من ذلك التجلي و منهم من لا يعلمه أعني على التعيين و ما أعني بالعلم إلا متعلق العلم هل هو كون أو هو اللّٰه من حيث أمر ما و العلم المتعلق بالله إما علم بالذات و هو سلب و تنزيه أو إثبات و تشبيه و إما علم باسم ما من الأسماء الإلهية من حيث ما سمي الحق به نفسه من كونه منعوتا بالقول و الكلام و إما علم باسم ما من أسماء الأسماء من حيث ما تقتضيها عبارات المحدثات و إما علم نسب إلهية و إما علم صفات معنوية و إما علم نعوت ثبوتية إضافية تطلب أحكاما متقابلة و إما علم ما ينبغي أن يطلق منه عليه و ما ينبغي أن لا يطلق و لكل علم أهل و أما ما يتعلق بالكون من العلم الإلهي الذي يعطيه اللّٰه من شاء من عباده من هذا الحضرة فهو إما علم يكون متعلقة نسبة العالم إلى اللّٰه و إما علم يكون متعلقه نسبة اللّٰه إلى العالم و إما علم بارتفاع النسبة بين العالم و الذات و إثباتها بين العالم و الأسماء و إما علم بإثبات النسبة بين العالم و الذات و هو علم القائلين بالعلة و المعلول و إما علم إثبات النسبة شرط لا علة و إما علم يتعلق بالصورة التي خلق اللّٰه العالم عليها كله و إما علم بالصورة التي خلق الإنسان عليها و إما علم بالبسائط و إما علم بالمركبات و إما علم بالتركيب و إما علم بالتحليل و إما علم بالأعيان الحاملة مركبة كانت أو بسائط و إما بالأعيان المحمولة و إما علم بإلهيات و إما علم بالأوضاع و إما علم بالمقادير و إما علم بالأوقات و إما علم بالاستقرارات و إما علم بالانفعالات و إما علم بالعين المؤثرة اسم فاعل المؤثرة فيها اسم مفعول و أنواع الآثار بالتوجهات و القصد أو بالمباشرة هذا كله مما يكون للعالم به أو ببعضه من هذه الحضرة العلمية فمن دخل هذه الحضرة ذوقا فقد حاز كل علم و من دخلها بالفكر فإنه ينال منها على قدر ما هو فيه و من هذه الحضرة يحيط بعض الخلق بعلم ما لا يتناهى من أعيان أشخاص نوع نوع من الممكنات على حد ما يعلم في العامة تضاعف العدد إلى ما لا يتناهى و لا يقدر أحد على إنكاره من نفسه إنه يعلم ذلك و لا يخطئ فيه ثم لتعلم إن مسمى العلم ليس سوى تعلق خاص من عين تسمى عالما لهذا التعلق و هو نسبة تحدث لهذه الذات من المعلوم فالعلم متأخر عن المعلوم لأنه تابع له هذا تحقيقه فحضرة العلم على التحقيق هي المعلومات و هو بين العالم و المعلوم و ليس للعلم عند المحقق أثر في المعلوم أصلا لأنه متأخر |
|
|||||||||
![]() |
![]() |
|||||||||
الفتوحات
المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين. |