الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية) |
![]() |
![]() |
||||||||
الصفحة - من الجزء (عرض الصورة)![]() حيث من هو مضاف إليه فافهم و الكلام في هذه التفاصيل يطول ﴿وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ﴾ [الأحزاب:4] «حضرة الرحموت الاسم الرحمن الرحيم»إلى الرحمن حلي و ارتحالي *** لأحظي بالجلال و بالجمال فإن الحق كان بنا رحيما *** رءوفا يوم يدعوني نزال [الرحموت مبالغة في الرحمة الواجبة و الامتنانية]مبالغة في الرحمة الواجبة و الامتنانية قال تعالى ﴿وَ رَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ﴾ [الأعراف:156] و من أسماء اللّٰه تعالى ﴿اَلرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ﴾ [الفاتحة:1] و هو من الأسماء المركبة كبعلبك و رامهرمز و إنما قبل هذا التركيب لما انقسمت رحمته بعباده إلى واجبة و امتنان فبرحمة الامتنان ظهر العالم و بها كان مال أهل الشقاء إلى النعيم في الدار التي يعمرونها و ابتداء الأعمال الموجبة لتحصيل الرحمة الواجبة و هي الرحمة التي قال اللّٰه فيها لنبيه ﷺ على طريق الامتنان ﴿فَبِمٰا رَحْمَةٍ مِنَ اللّٰهِ لِنْتَ لَهُمْ﴾ [آل عمران:159] ﴿وَ مٰا أَرْسَلْنٰاكَ إِلاّٰ رَحْمَةً لِلْعٰالَمِينَ﴾ [الأنبياء:107] رحمة امتنان و بها رزق العالم كله فعمت و الرحمة الواجبة لها متعلق خاص بالنعت و الصفات التي ذكرها اللّٰه في كتابه و هي رحمة داخلة في قوله ﴿رَبَّنٰا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَ عِلْماً﴾ [غافر:7] فمنتهى علمه منتهى رحمته فيمن يقبل الرحمة و كل ما سوى اللّٰه قابل لها بلا شك و من عموم رحمته و رحموته نفس الرحمن و إزالة الغضب عنه الذي لم يغضب قبله مثله و لن يغضب بعده مثله إن غضب بشهادة المبلغين عنه الإرسال عليهم الصلاة و السلام في الصحيح من النقل و سميت هذه الحضرة باسم المبالغة لعمومها و دخول كل شيء فيها فلما كان لها من التعلق بعدد الممكنات على أفراد كل ممكن و بعدد المناسبات الموجبة التركيب و هي لا تتناهى فرحمة اللّٰه غير متناهية و منها صدرت الممكنات و منها صدر الغضب الإلهي و لما صدر عنها لم يرجع إليها لأنه صدر صدور فراق لتكون الرحمة خالصة محضة و لذلك تسابقا فما تسابقا إلا عن تميز و انفراد و جميع ما سوى الغضب الإلهي وجد من الرحمة في عين الرحمة فما خرج عنها فرحمة اللّٰه لا تحد *** و كل ما عندها معد و كل من ضل عن هداها *** فإنه نحوها يرد فالقرب منها هو التداني *** و ما لديها من بعد بعد فلا تقل إنها تناهت *** فما لها في الوجود حد بها تميزت عنه فانظر *** فالرب رب و العبد عبد [إن اللّٰه خلق الخلق لكي يعرف]و من علم سبب وجود العالم و وصف الحق نفسه بأنه أحب أن يعرف فخلق الخلق و تعرف إليهم فعرفوه و لهذا سبح كل شيء بحمده : علم من ذلك أول متعلق تعلقت به الرحمة فالمحب مرحوم للوازم المحبة و رسومها [إن اللّٰه حكم على حسب الصورة]و اعلم أن الحكم على اللّٰه أبدا بحسب الصورة التي يتجلى فيها فما يصح لتلك الصورة من الصفة التي تقبلها فإن الحق يوصف بها و يصف بها نفسه و هذا في العموم إذا رأى الحق أحد في المنام في صورة أي صورة كانت حمل عليه ما تستلزمه تلك الصورة التي رآه فيها من الصفات و هذا ما لا ينكره أحد في النوم فمن رجال اللّٰه من يدرك تلك الصورة في حال اليقظة و لكن هي في الحضرة التي يراها فيها النائم لا غيرها و هذه المرتبة يجتمع فيها الأنبياء عليه السّلام و الأولياء رضي اللّٰه عنهم و هنا يصح كون الرحمة وسعت كل شيء و هذه الصورة الإلهية في هذه الحضرة من الأشياء فلا بد أن تسعها رحمة اللّٰه إن عقلت و الانتقام من رحمة المنتقم بنفسه في الخلق ﴿وَ اللّٰهُ عَزِيزٌ﴾ [البقرة:228] عن مثل هذا ﴿ذُو انْتِقٰامٍ﴾ [آل عمران:4] و ﴿اَلْخٰامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللّٰهِ عَلَيْهٰا إِنْ كٰانَ مِنَ الصّٰادِقِينَ﴾ [النور:9] و ﴿غَضِبَ اللّٰهُ عَلَيْهِ وَ لَعَنَهُ وَ أَعَدَّ لَهُ عَذٰاباً عَظِيماً﴾ [النساء:93] و إذا وفق اللّٰه عبده للتوبة فقد و فقه لما لله به فرح فإن اللّٰه يفرح بتوبة عبده في الصحيح فذلك من رحمة اللّٰه و الأخبار النبوية في ذلك أكثر من أن تحصى كثرة «حضرة الملك و الملكوت و هو الاسم الملك»إن المليك هو الشديد فكن به *** ملكا على الأعداء حتى تمتلك فإذا ملكت النفس عن تصريفها *** فيما تريد تكن به نعم الملك و أيضا إن المليك هو الشديد فكن به *** و له مليكا في القيامة تسعد |
|
||||||||
![]() |
![]() |
||||||||
الفتوحات
المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين. |