الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية) |
الصفحة - من الجزء (عرض الصورة)في حضرة لهذا التجلي فلا يعرف هذا المجلى ذوقا ذاتيا و الإنسان يشهده تعالى إذا كان من أهل العلم بالله الكامل في جميع ما يشهده فيه الملك كان الملك في أي مقام كان و مع هذا فلا يدل على إن الإنسان أعظم عند اللّٰه من الملك فالإنسان أكمل نشأة و الملك أكمل منزلة كذا قال لي رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم في مشهد واقعة أبصرته صلى اللّٰه عليه و سلم فيه فسألته لكن الإنسان أجمع بالذوق من الملك لأجل جمعيته و بعض الناس يغلط في هذا المقام من أجل تشكل الروحاني في أي صورة شاء و ما علم إن التكحل في العينين ليس كالكحل فالإنسان الكامل لا الإنسان الحيواني أكمل نشأة للحقائق التي أنشئ عليها حقائق الأسماء الإلهية و حقائق العالم و هو الذي أنشأه اللّٰه على الصورة فهو بجمعيته حق كله فالحق مجلاه إذ كان له الكمال فيراه بكل عين و يشهده في كل صورة و لا يدل هذا على أنه أفضل عند اللّٰه فإن هذا كان لجمعيته فلا يقال في الشيء إنه أفضل من نفسه و إنما تقع الفضيلة بين الغيرين و لا غير فإن الملك جزء من الإنسان و الجزء من الكل و للكل من الجزء ما ليس للجزء من الكل و المثلان لا يتفاضلان فيما هما مثلان فيه فإن تفاضلا فما هما مثلان [ممسوك الدار]و لنا في ذلك من قصيدة في واقعة عجيبة و قد نوديت ممسوك الدار مسكتك في داري لإظهار صورتي *** فسبحانكم مجلى و سبحان سبحانا فما أبصرت عيناك مثلي كاملا *** و لا أبصرت عيني كمثلك إنسانا فلم يبق في الإمكان أكمل منكمو *** نصبت على هذا من الشرع برهانا فأي كمال كان لم يك غيركم *** على كل وجه كان ذلك ما كانا طهرت إلى خلقي بصورة آدم *** و قررت هذا في الشرائع إيمانا و سميته لما تجلى بصورتي *** إلى ناظري حقا و إن كان إنسانا فقل فيه ما تهواه إن شئت أنه *** ليقبله عينا و إن كان أكوانا فلو كان في الإمكان أكمل منكمو *** لكان وجود النقص في إذا كانا لأنك مخصوص بصورة حضرتي *** و أكمل منها ما يكون فقد بأنا فماثل وجودي فالتقابل حاصل *** فزن ذاتكم إني وضعتك ميزانا تجد علم ما قد قلت فيك مسطرا *** و لا أحدا أوجدته منك ريانا ظهرت لنا مجلى فعاينت صورتي *** و عاينت فيك الكون رمزا و تبيانا و ساررتكم لما رأيت سراركم *** و أعلنت قولي إذ تجليت إحسانا و ما أنت ذاتي لا و لا أنا ذاتكم *** فإن كنت لي عينا فلا تبده الآنا فأخسرنا من كان يعلن سره *** و أربحنا من كان يخفيه كتمانا فمن كان ذا كتم لسري و غيرة *** سيلقي غدا روحا لدي و ريحانا إذا كنت لي عينا أكون لكم يدا *** و أظهركم بالحال سرا و إعلانا و صيرت قلبي للتجلي منصة *** و مهدته حبا لخيلك ميدانا و أملأته من كل شهم غشمشم *** لدعواك فرسانا تجول و ركبانا و جئتك بالأسماء يقدم جمعها *** من أسمائه الحسنى خبيرا و محسانا و أنزلتها تبغي الفناء بفنائكم *** و أرسلتها عينا معينا و طوفانا وهبتك يا عبدي من أسماء ذاتكم *** ملابس أعياد ضروبا و ألوانا فإن كنت لي بي كنت أنت و لا تقل *** أنا أنت بل كن في الخليقة رحمانا [صيام غرر الشهر و زكاة العشر]فتحقق أيدك اللّٰه ما أشرنا إليه في صيام ما ذكرناه من الثلاثة الأيام من كل شهر فهي في حقنا على حد ما ذكرناه و تقبل هذه الثلاثة الأيام في حق العامة زكاة ذلك الشهر و في مجموع السنة زكاة تلك السنة و هي ستة و ثلاثون يوما فهي |
|
||||||||
الفتوحات
المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين. |