الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية) |
![]() |
![]() |
||||||||||
الصفحة - من الجزء (عرض الصورة)
منها شيئا فهذا سبب كراهتي فيه و وقوعي و الآن قد تبت فانظر ما أحسن تعليم النبي ﷺ فلقد كان رفيقا رقيقا و إذا استرعاك اللّٰه رعية مسلمين أو أهل ذمة فإياك إن تغشهم و لا تضمر لهم سوء و انظر فيما أوجب اللّٰه عليك من الحقوق لهم فأدها إليهم و عاملهم بها ظاهرا و باطنا سرا و علانية و لا تجعل ذميا خصمك يوم القيامة و إذا رأيت من أحد حالة سيئة يطلب أن تستر عليه فاستره فيها و لو لم يرد الستر فاسترها أنت عليه على كل حال و إذا أكلت طعاما فلا تأكل أكل الجبارين متكئا و كل كما يأكل العبد فاتك عبد على مائدة سيدك فتأدب و إذا رأيت من يطلب ولاية عمل فلا تسع له في ذلك فإن الولاية مندمة و حسرة في الآخرة و قد أمرك اللّٰه بالنصيحة و إذا رأيت قوما ولوا أمرهم امرأة فلا تدخل معهم في ذلك (وصية)لا تسبق إلى فضيلة إذا وجدت السبيل إليها و انظر في الدنيا نظر الراحل عنها و المطالب بما نال منها و إذا نكحت فأولم بما قدرت عليه و إذا نمت أو دخلت بيتك أو أكلت أو شربت أو فعلت فعلا فسم اللّٰه عليه و أذكره و تناول بيمينك أمورك كلها إلا ما ورد فيه النهي من الشارع أو ما يجري مجرى النهي مثل الاستنجاء و مسك الذكر باليمين أيضا عند البول و الامتخاط فاجعل ذلك كله بيسارك و إذا أكلت مع جماعة طعاما واحدا فكل مما يليك و إذا اختلف الطعام فكل من حيث شئت و قلل النظر إلى من يأكل معك و صغر اللقمة و شدد المضغ و سم اللّٰه في أول كل لقمة و احمد اللّٰه في آخرها إذا ابتلعتها و اشكر اللّٰه حيث سوغكها و لا تكثر الشرة في الأكل و تعاهد المشي إلى المساجد مساجد الجماعات في أوقات الصلوات و لا سيما العتمة و الصبح من غير سراج تبشر بالنور التام يوم القيامة و إذا سمعت من بعطس و حمد اللّٰه فشمته و إن لم يحمد اللّٰه فذكره بحمد اللّٰه فإذا حمد اللّٰه فشمته فإذا زاد في العطاس على ثلاثة فهو مزكوم فادع اللّٰه له في الشفاء و إياك أن تخون من خانك و لا تعتد على من اعتدى عليك فإن ذلك أفضل لك عند اللّٰه و أعذر و لا تعتذر فإن اعتذارك يتضمن سوء ظنك بمن اعتذرت له و ابدأ في المعاملة مع الخلق بالأولى فالأولى و إذا تساوت الأمور و بدأ اللّٰه بذكر شيء منها فابدأ بما بدأ اللّٰه به كما فعل رسول اللّٰه ﷺ في حجته لما أراد أن يسعى بين الصفا و المروة وقف على الصفا و قرأ ﴿إِنَّ الصَّفٰا وَ الْمَرْوَةَ مِنْ شَعٰائِرِ اللّٰهِ﴾ أبدأ بما بدأ اللّٰه به و إذا قمت في عبادة اللّٰه فاعمل نشاطك فإذا كسلت فاترك و لا تكن من الذين ﴿إِذٰا قٰامُوا إِلَى الصَّلاٰةِ قٰامُوا كُسٰالىٰ﴾ [النساء:142] و إذا صليت و أحد ينظر إليك فانو في تحسين صلاتك تعليمه و أخلص لله عبادتك فإنه ما أمرك أن تعبده إلا مخلصا و افعل ما أوجب اللّٰه عليك فعله و لا بد سواء كسلت أو كنت نشيطا و إنما أمرتك بالترك في النوافل و لا تعبد اللّٰه بكسل و انتقل إلى نافلة غيرها و لا تحسن صلاتك في الملإ دون الخلافان فعل ذلك من فعله فإن ذلك الفعل استهانة استهان بها ربه كذا ثبت و إن كنت ممن يصلح للامامة فصل خلف الإمام فإنه إن أحدث الإمام في الصلاة استخلفك و إن لم تكن من أهلها فصل يمين الصف أو يساره و حافظ على الصف الأول و إذا رأيت فرجة في الصف فسدها بنفسك فلا حرمة لمن رآها و تركها و تخط رقاب الناس إليها و سارع إلى الخيرات و كن لها سابقا : و نافس فيها قبل إن يحال بينك و بينها و إياك أن تتخلى في طريق الناس أو في ظلهم و لا تحت شجرة مثمرة و لا في مجالس الناس و لا تبل في هوى و لا في حجر و لا في ماء دائم ثم تتوضأ منه أو تغتسل فيه و اتق اللّٰه في زوجتك و ولدك و خادمك و في جميع من أمرك اللّٰه بمعاملته و احذر فتنة الدنيا و النساء و الولد و المال و صحبة السلطان و اتق اللّٰه في البهائم و اجعل من صلاتك في بيتك و عين في بيتك مسجدا لك تتنفل فيه و تصلي فيه فريضتك إن اضطررت إلى ذلك و أكثر من قراءة القرآن يتدبر إن كنت عالما فإنه أرفع الأذكار الإلهية و إن كنت في جماعة يقرءون القرآن فاقرأ معهم ما اجتمعتم عليه فإن اختلفتم فقم عنهم و حافظ على قراءة الزهراوين البقرة و آل عمران و إذا شرعت في قراءة سورة من القرآن فلا تتكلم حتى تختمها فإن ذلك دأب العلماء الصالحين و لقد حدثني غير واحد بقرطبة عن الفقيه ابن زرب صاحب الخصال أنه كان يقرأ في المصحف سورة من القرآن فمر عليه أمير المؤمنين من بنى أمية فقيل للخليفة عنه فمسك فرسه و سلم عليه و سأله فلم يكلمه الشيخ حتى فرغ من السورة ثم كلمه فقال له الخليفة في ذلك فقال ما كنت لأترك الكلام مع سيدك و أكلمك و أنت عبده هذا ليس من الأدب ثم ضرب له مثلا به و بعبيده فقال أ رأيت لو كنت في حديث معك و كلمني بعض عبيدك أ يحسن مني |
|
||||||||||
![]() |
![]() |
||||||||||
| الفتوحات
المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين. |
|||||||||||





