الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية) |
![]() |
![]() |
||||||||||
الصفحة - من الجزء (عرض الصورة)![]() من قال بملك الملك فبنسبة تبعد عن الدرك و قد نطق بها الترمذي الحكيم في معرض التعليم فما لك الملك أصل و ملك الملك فصل و أين الفرع الذي هو الفصل من الأصل و أين الفرض من النفل توحيد الموحد إشراك و هو عين الإشراك من قال أنه وحد فقد الحد الأحدية لا تكون بتوحيد أحد فإنه ﴿لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ﴾ [الإخلاص:4] عجبا في تنزيهه عن الصاحبة و الولد و عنه تولد في العالم ما تولد من ذي روح و جسم و جسد ثم إن ولادة البراهين الصحاح و الكلمات الفصاح عن نكاح عقول و شرائع ما فيه حرج و لا جناح و ما تولد عن نكاح الشبه في العقول و الأشباح فهو سفاح و هذا الباب مقفل و قد رميت إليك بالمفتاح و ما أزلته من يد الفتاح فاحذر من القدر المتاح [السراح انفساح]و من ذلك السراح انفساح من الباب 114 لما دعي اللّٰه الأرواح من هياكلها بمشاكلها حنت إلى ذلك الدعاء و هانت عليها مفارقة الوعاء فكان لها الانفساح بالسراح من أقفاص الأشباح فمن الناس من أفتاه النظر في عينها بالمنازل الرفيعة فقال بتجردها عن حكم الطبيعة و من الناس من وقف مع ما خلقت له من الآثار الوضعية فقال ببقاء تدبيرها و ساعدته الأدلة الشرعية فوصفها بالنعيم المحسوس و أثبت لها النظر الأول صفة السبوح القدوس و من قال بالإعادة في الأمرين انقسموا إلى قسمين و كل قسم قائل فيما ذهب إليه و عول عليه إن فيه السعادة فمنهم من قال في الإعادة رجوعها إلى النفس الكلية بالكلية و منهم من قال في الإعادة هي إعادتها إلى الأجساد في يوم المعاد على رءوس الأشهاد و الكامل من قال بالمجموع و إن ذلك معنى الرجوع فهي محبوسة في الصور الذي هو قرن من نور و النور ليس من عالم الشقاء و إن شقي بالعرض فحكمه السعادة و البقاء فمن أراد معرفة الانتقال بعد الموت فليعتبر في النوم فإنه مذهب القوم و به يقول سهل بن عبد اللّٰه و كل عليم أواه فلم يبرح صاحت تدبير و مالكه الكسير تتنوع عليها الحالات و يظهر بالفعل في جميع المقالات فصور تخلع و صور تبدو ثم ترفع و يقظة النائم من نومه مثل بعث الميت بعد موته لمشاهدة يومه فيبعثر ما في القبور ليحصل ما في الصدور و الأمر بين ورود و صدور و ﴿إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ﴾ [العاديات:11] و ﴿هُوَ عَلىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [المائدة:120] فنفذ اقتداره في الحشر و بذا حكم علمه في النشر و أنزل العرش في الفرش فوسعه و قد كان ضاق عنه فأين ذلك الضيق من هذه السعة فصار الأمر حكمه حكم الإمعة فاعتبر و استبصر [اسوداد الوجوه من الحق المكروه]و من ذلك اسوداد الوجوه من الحق المكروه من الباب 115 تظهر العناية الإلهية بالمقرب الوجيه ﴿يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَ تَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ﴾ [آل عمران:106] يقال لهم ﴿أَ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمٰانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذٰابَ بِمٰا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ وَ أَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَتِ اللّٰهِ هُمْ فِيهٰا خٰالِدُونَ﴾ و لم يكن لهم إيمان تقدم إلا إيمان الذر زمان الأخذ من الظهر فنسي ذلك العقد لما قدم العهد و لو لا البيان و الايمان ما أقر به الإنسان و أما من أشهده اللّٰه حال خلقته بيدي فهو يقول في ذلك العهد كأنه الآن في أدنى النميمة و الغيبة و إفشاء السر و ما شاكل هذا كله حق مكروه و هو يؤدي إلى اسوداد الوجوه لما علم الحق تعالى أن كل شيء إليه منسوب و هو لكل عالم بالله محبوب و أن كل ما أدركه العيان و حكم عليه بالعبارة اللسان و أشير إليه و اعتمد عليه فهو محدث مخلوق تتوجه عليه الحقوق و إنه تعالى ما أيدي إلا ما علم و ما علم إلا ما أعطاه المعلوم في حال ثبوته من أحواله و صفاته و نعوته ناط به الذم و الحمد و أخذ علينا في إنزال كل شيء منزلته الذمة و العهد فما حسن و حمد فمنا و ما قبح و ذم فهو ما خرج عنا فإيانا نعلم و فينا نتكلم و لو كانت نسبتنا إليه حقا ما ذم أحد خلقا و لو ذمه لكفر و لو كان ما استتر فهو تعالى المعروف بأنه غير معروف و الموصوف بأنه ليس بموصوف ﴿سُبْحٰانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمّٰا يَصِفُونَ وَ سَلاٰمٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَ الْحَمْدُ لِلّٰهِ رَبِّ الْعٰالَمِينَ﴾ العارف مسود الوجه في الدنيا و الآخرة و مبيض وجه الوجه في النشأة في الحافرة اسوداد السيادة لما كان عليه من العبادة و بهذا مدح سبحانه عباده وجه الشيء كونه و ذاته و عينه و وجهه ما يقابل به من استقبله و لو كان أمله [سر الاكتفاء بالموجود في الوجود]و من ذلك سر الاكتفاء بالموجود في الوجود من الباب 116 لما دعا اللّٰه الأرواح من هيأ كلها بمشاكلها كلها اكتفت في الشهود بهذا القدر من الوجود و القناعة مال لا ينفد و سلطانها لا يبعد من اكتفى اشتفى و لو كان على شفى ما سوى الوجود عدم و لو حكم عليه بالقدم إنما وقع الاكتفاء بالموجود لعلمه بأنه ما ثم سواه في الوجود فإن الإنسان مجبول على الطمع فلا يقال فيه يوما |
|
||||||||||
![]() |
![]() |
||||||||||
الفتوحات
المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين. |