الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية) |
![]() |
![]() |
||||||||
الصفحة - من الجزء (عرض الصورة)![]() إلا جاهل بالأمر و في ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ [الشورى:11] ما يقع به الاستغناء لو فهموه و ما رأينا أحدا ممن يدعي فيه أنه من فحول العلماء من أي صنف كان من أصناف النظار إلا و قد تكلم في ذات الحق غير أهل اللّٰه من تحقق منهم بالله فإنهم ما تعرضوا لشيء من ذلك لأنهم رأوه عين الوجود كما أشهدهم فهم يتكلمون عن شهود فلا يسلبون و لا ينفون و لا يشبهون ﴿وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ﴾ [الأحزاب:4] «حضرة الأمان و هي للاسم المؤمن»معطي الأمان المؤمن الرب الذي *** ما زال يدعوه الورى بالمؤمن فهو العليم بحقه و بحقنا *** و بما له منا و ما للممكن «و لهذا الاسم أيضا» إذا كان الأمان لكل خائف *** فقد حاز المشاهد و المواقف و آتاه المنزه كل شيء *** على كتب و أشباه المعارف فيصبح عارفا لا يعتريه *** قصور في الهبات و في العوارف و لو لا غيرة الرحمن فينا *** لا ثبت الأمان لكل عارف و لكني سترت لكون ربي *** يريد الستر في حق المكاشف و هي لعبد المؤمن فإن كل حضرة لها عبد كما لها اسم إلهي فأول حضرة تكلمنا فيها هي لعبد اللّٰه و يتلوها عبد ربه لا عبد الرب فإنه ما أتى هذا الاسم في كلام اللّٰه إلا مضافا ثم عبد الرحمن ثم عبد الملك ثم عبد القدوس ثم عبد السلام ثم عبد المؤمن و له هذه الحضرة و تحققت بهذه العبودية بعد دخولي هذا الطريق بسنة أو سنتين تحققا لم ينله في علمي أحد في زماني غيري و لا ابتلي فيه أحد ما ابتليت فيه فقطعته بحيث إنه ما فاتني منه شيء وصفا لي الجو و لم يحل بيني و بين خبر السماء و عصمني اللّٰه من التفكر في اللّٰه فلم أعرفه إلا من قوله و خبره و شهوده و بقي فكري معطلا في هذه الحضرة و شكرني فكري على ذلك و قال لي الفكر الحمد لله الذي عصمني بك عن التصرف و التعب فيما لا ينبغي لي أن أتصرف فيه فصرفته في الاعتبار و بايعني على أني لا أصرفه إلا في الشغل الذي خلق له متى صرفته فأجبته إلى ذلك فما قصرت في حق قواي كلها حيث ما تعديت بها ما خلقت له و حصل لها الأمان من جهتنا في ذلك فأرجو أنها تشكرني عند اللّٰه و أعني القوي الروحانية التي خلق اللّٰه فينا [إن الخبر الإلهي من عند اللّٰه قد يسمى صحفا أو توراة أو إنجيلا أو قرآنا أو زبور]و اعلم أن هذه الحضرة ما لها في الكون سلطان إلا في الأخبار الإلهية و هي على قسمين عند من دخل إلى هذه الحضرة و تحقق بها القسم الواحد الخبر الإلهي الآتي من عند اللّٰه المسمى صحفا أو توراة أو إنجيلا أو قرآنا أو زبور أو كل خبر أخبر به عن اللّٰه ملك أو رسول بشري أو كلم اللّٰه به بشرا ﴿وَحْياً أَوْ مِنْ وَرٰاءِ حِجٰابٍ﴾ [الشورى:51] هذا الذي عليه أهل الايمان و أهل اللّٰه و القسم الآخر يقول به طائفة من أهل اللّٰه أكابر في كل خبر في الكون من كل قائل و أصحاب هذا القسم يحتاجون إلى حضور دائم و علم بمواقع الأخبار و أعني بالعلم العلم بمواقع الأخبار و هو أنهم يعرفون الخطاب الوارد على لسان قائل ما ممن له نطق في الوجود أين موقعه من العالم أو من الحق فيبرزون له آذانا منهم واعية لا يسمعونه إلا بتلك الآذان فيتلقونه و يطلبون به متعلقة حتى ينزلوه عليه و لا يتعدوه به و هذا لا يقدر عليه إلا من حصر أعيان الموجودات أعني أعيان المراتب لا أعيان الأشخاص فيلحقون ذلك الخبر بمرتبته فهم في تعب و مشقة فإن المتكلم مستريح في كلامه و هذا متعوب في سماعه ذلك الكلام فإنه لا يأخذه إلا من اللّٰه فينظر من يراد به فيوصله إلى محله فيكون ممن أدى الأمانة إلى أهلها و لهذا كان بعضهم يسد أذنيه بالقطن حتى لا يسمع كلام العالم و لله رجال هان عليهم مثل هذا فبنفس ما يسمعون الخطاب من اللّٰه تقوم معهم مرتبة هذا الخطاب فينزلوه فيها من غير مشقة و الحمد لله الذي رزقنا الراحة في هذا المقام فإنه كشف لطيف و ذلك أن الخطاب الإلهي العام في السنة القائلين من جميع الموجودات مرتبة ذلك القول معه يصحبه فإنه قول إلهي في نفس الأمر و إن كان لا يعلمه إلا القليل فعند ما يسمعه الكامل من رجال اللّٰه تعالى يشهد مع |
|
||||||||
![]() |
![]() |
||||||||
الفتوحات
المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين. |