الحفظ فلذا قال السائل هل على غيرها يعني الخمس قال لا إلا أن تطوع و جمع له في الصلاة بين الجهر و السر أعني في القراءة و جمع له أيضا بين القول و الفعل و الحال و إلهيات في الحركات من قيام و ركوع و سجود و جلوس و أثنى على من أتى بهن لم يضيع من حقهن شيئا بالدوام عليها و الخشوع فيها و أعطاها الليل و النهار حتى يعم الزمان بركتها و قد بينا من أسرارها ما شاء اللّٰه في باب الصلاة من هذا الكتاب و كذلك بينا أيضا من شأنها في كتاب التنزلات الموصلية لنا ثم إن اللّٰه شرع طهارة لها مائية و ترابية فإن النشء الإنساني لم يكن إلا من تراب كآدم و ماء كبني آدم فقال ﴿خَلَقَكُمْ مِنْ تُرٰابٍ﴾ [الروم:20] و ﴿مِنْ مٰاءٍ﴾ [البقرة:164] و ﴿مِنْ طِينٍ﴾ [الأنعام:2] و هو خلط الماء بالتراب فجعل الطهارة للصلاة بما منه خلقنا فطهارتنا منا من ماء و هو الوضوء و تراب و هو التيمم فنحن نور على نور بحمد اللّٰه و ما كتب اللّٰه هذه الصلاة إلا على المؤمنين و ليس المؤمن سوى المصدق بأحدية الكثرة الإلهية لما هي عليه من الأسماء الحسنى و الأحكام المختلفة من حيث إن كل اسم إلهي يدل على الذات و على معنى ما هو المعنى الآخر الذي يدل عليه الاسم الآخر فله أحدية العين فهو مؤمن أيضا بأحدية العين كما هو مؤمن بأحدية الكثرة فمن لم يكن له هذا الايمان و إلا فليس هو المؤمن الذي كتب اللّٰه عليه هذه الصلاة و إنما كتبها على المؤمن دون العالم لعموم الايمان فإن المؤمن هو عين المقلد لأنه المصدق بالخبر لما تعطيه حقيقة الخبر من الاحتمال فأبقى الخبر على أصله فالعالم من علمه بالأمور على ما هي عليه أن لا يزيل الخبر عن احتماله بالنظر إلى ذات الخبر فهو عالم بصدق هذا الخبر المعين لأن الخبر و إن اقتضت ذاته الاحتمال فإنه لا بد أن يكون في نفسه موصوفا بأحد الاحتمالين إما صدق و إما كذب و لا يعرف ما هو عليه من هذين الوصفين إلا بدليل فهذا هو حظ العالم فقد صدق به العالم أنه صدق لا كذب أعني هذا الخبر المعين و قلده في هذا التصديق المؤمن فالمؤمن العالم قام له دليل العلم على إن المخبر صادق و أن هذا الخبر المعين صدق فهو مؤمن بلا شك و أعطى العالم نفسه الأمان أن ينقلب العلم جهلا و صدق المقلد العالم فيما أخبره به من صدق هذا الخبر فاشترك الكل في نعت الايمان فلو كتبها اللّٰه على العلماء دون المؤمنين لما وجبت على المقلدين و العلماء لهم صفة الايمان فكتب على الوصف العام و لو لا الحق تعالى ما نزل إلى عباده ما وصفهم تعالى بالعلم به و لا بالإيمان فهم أحق بالعلم به من علمه به فإن علم الخلق به علم اضطرار و افتقار ذاتي لما تعطيه ذات الممكن من الاستناد إلى المرجح فبنزوله إلينا عرفناه فهو يظهر بنا و لا يتمكن لنا أن نظهر به فيجمع سبحانه بين نعت السادات و العباد و لا يتمكن للعباد أن يكونوا أربابا في أنفسهم و إن ظهروا بنعوت سيدهم و إنما كلامنا في نفس الأمر لا فيما يجدونه في أوقات فما هو له تعالى فمعلوم من القسمة و ما هو للعبد فمعلوم و ما وقع فيه الاشتراك فما هو لله فهو لله في عين الاشتراك و ما هو للعبد فهو للعبد في عين الاشتراك فهو في نفس الأمر معين و إن وقع الاشتراك فليس إلا في الألفاظ الدالة على الاشتراك و أما في نفس الأمر فلا اشتراك بوجه من الوجوه فإن كل واحد على نصيبه المعين له و إن لم يكن الأمر كذلك اختلطت الحقائق ﴿وَ إِنَّ كَثِيراً مِنَ الْخُلَطٰاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلىٰ بَعْضٍ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّٰالِحٰاتِ وَ قَلِيلٌ مٰا هُمْ﴾ [ص:24] و قليل أيضا ما هم فكل مصل أدى صلاته لوقتها و لم يطلع و لا أنتج له معرفة بسر القدر الذي قد أومأنا إليه في هذا الكتاب في مواضع كثيرة مختلفة بطرائق عجيبة فما صلى الصلاة لوقتها و ذلك أن اللّٰه ما شرع هذه العبادات لإقامة نشأة صورتها الظاهرة بل لما تدل عليه و تعطيه من جانب الحق من المعرفة به و إن لم تكن الصورة قد نفخ القائل فيها روحا تحيي به و لا ينفخ فيها روحا إلا بإذن ربه كما قال ﴿وَ إِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ﴾ [المائدة:110] فقد شارك كل مصور و ما تعلق به ذم كما تعلق بالمصورين فإنه ما صوره عليه السّلام إلا بإذن اللّٰه ثم قال ﴿فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللّٰهِ﴾ [آل عمران:49] فزال من هيأة الطائر و عاد طائرا فكذلك عمل العبد إذا عمله بالإيمان من حيث إن الحق أمره بذلك العمل فقد أذن له في إنشاء تلك الصورة فقد شارك المنافق كما شارك المصورين من خلق من الطين كهيئة الطير فإن المنافق ما أذن اللّٰه له أن ينشئ صورة العمل على ذلك الحد و ما أمر اللّٰه بإنشاء صور الأعمال إلا للمؤمنين فلما وقع الاشتراك في ظاهر الصورة بين المؤمن و المنافق نفخ المؤمن بإيمانه فيها روحا فعادت