عمن تنتفي عنه بنفي النافي و لا ثبيت لمن تثبت بثبت الثابت المثبت فثبوتها لها و نفيها لها غير ذلك ما هو فلا تنتج للذاكر إلا شهودها و ليس شهودها سوى العلم بها و ليس معلوم هذا العلم الأنسب و النسبة أمر عدمي و الحكم للنسبة و المنسوب و المنسوب إليه و بالمجموع يكون الأثر و الحكم مهما أفردت واحدا من هذه الثلاثة دون الباقي لم يكن أثر و لا صح حكم فلهذا كان الإيجاد بالفردية لا بالأحدية خلافا لمن يقول إنه ما صدر إلا واحد فإنه عن واحد فهو قول صحيح لا إنه واقع ثم جاء الكشف النبوي و الإخبار الإلهي بقوله عن ذات تسمى إلها إذا أراد شيئا فهذان أمران قال له ﴿كُنْ﴾ [البقرة:12] فهذا أمر ثالث و الثلاثة أول الأفراد فظهر التكوين عن الفرد لا عن الأحد و هذه كلها راجعة إلى عين واحدة فإذا ظهر المكون بالتكوين عن ﴿كُنْ﴾ [البقرة:12] لم يكن غير تجلى إلهي في صورة ممكن لصورة ممكن ناظر بعين إلهي كما أنه ما سمع فيكون إلا بسمع إلهي و لهذا أسرع بالظهور لأنه المريد و المراد و القائل و المقول له و القول فحاله في التكوين أن ينطق بالله فينفخ فيه فيكون طائرا بإذن اللّٰه ﴿ثُمَّ ادْعُهُنَّ﴾ [البقرة:260] بأمره ﴿يَأْتِينَكَ سَعْياً﴾ [البقرة:260] لأنه السامع الذي دعاهن و لهذا الذكر من المعارف معرفة النفي و الإيجاب و التنكير و التعريف و له من الحروف الألف المزادة و الألف الطبيعية و الهمزة المكسورة و ألف الوصل و للام و الهاء و من الكلمات أربعة متقابلة في عين واحدة يقابل النفي منها الإثبات و الإثبات النفي و المنفي الثابت و الثابت المنفي فأما معرفة النفي فهو اطلاع على ما ليس هو فيما قيل فيه إنه هو و إن كان الذي قيل إنه هو صحيح كشفا لكنه محال عقلا و لهذا التزم بعض أهل اللّٰه ذكر اللّٰه اللّٰه و رأيت على هذا الذكر شيخنا أبا العباس العربي من أهل العليا من عرب الأندلس و التزم آخرون الهاء من اللّٰه لدلالتها على الهوية و جعله ذكر خاصة الخاصة و هو أبو حامد الغزالي و غيره و أما الأكابر فيلتزمون لا إله إلا اللّٰه على غير ما يعطيه النظر العقلي أي الوجود هو اللّٰه و العدم منفي الذات و العين بالنفي الذاتي و الثابت ثابت لذات و العين بالإثبات الذاتي و توجه النفي على النكرة و هو إله و توجه الإثبات على المعرفة و هو اللّٰه و إنما توجه النفي على النكرة و هو إله لأن تحتها كل شيء و ما من شيء إلا و له نصيب في الألوهة يدعيه فلهذا توجه عليه النفي لأن الإله من لا يتعين له نصيب فله الأنصباء كلها و لما عرف أن الإله حاز الأنصباء كلها عرفوا أنه مسمى اللّٰه و كل شيء له نصيب فهو اسم من أسماء مسمى اللّٰه فالكل أسماؤه فكل اسم دليل على الهوية بل هو عينها و لهذا قال ﴿قُلِ ادْعُوا اللّٰهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمٰنَ أَيًّا مٰا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمٰاءُ الْحُسْنىٰ﴾ [الإسراء:110] و هذا حكم كل اسم تدعونه له الأسماء الحسنى فله أسماء العالم كله فالعالم كله في المرتبة الحسنى فالأمر تنكير في عين تعريف و نكرة في عين معرفة و تعريف في عين تنكير و معرفة في عين نكرة فما ثم إلا منكور و معروف و أما حروف هذا الهجير فالألف المزادة و هي كل ألف لها موجب يوجب الزيادة فيها و الزيادة ظهور مثل على صورتها فتكون ألفان و الألف أبدا ساكنة فالظاهر أحد الألفين أبدا إما عبد و إما رب و إما حق و إما خلق و الموجب له في موطن رتبة التقدم و في موطن رتبة التأخر و هما موجبان الواحد ما يدل على الاتحاد و هو التضعيف و الآخر ما يدل على الباعث للتكوين أو الإعدام و هو التحقيق المعبر عنه بالمهمزة و قد يكون هذان الموجبان في مقام النزول مثل ﴿فَسْئَلِ الْعٰادِّينَ﴾ و ﴿لاٰ إِلٰهَ إِلاَّ اللّٰهُ﴾ [الصافات:35] و ﴿إِي وَ رَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ﴾ [يونس:53] و قد يكون في مقام ﴿رَفِيعُ الدَّرَجٰاتِ﴾ [غافر:15] و ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى﴾ [الأعلى:1] مثل ﴿يُحَادُّونَ اللّٰهَ﴾ [المجادلة:5] و ﴿أَوْلِيٰاءُ أُولٰئِكَ﴾ [الأحقاف:32] و ﴿أُوتُوا الْكِتٰابَ﴾ [البقرة:101] و قد يكون الموجب في مقام البرزخ و هو الوسط مثل ﴿مَنْ حَادَّ اللّٰهَ﴾ [المجادلة:22] و ﴿آتَيْنٰاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا﴾ [مريم:12] و ﴿لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ﴾ [الحشر:13] فإن كان الموجب اسم فاعل ربا كان الموجب أو خلقا و إن كان الموجب خلقا كان الموجب بفتح الجيم حقا فأثر ظاهر من خلق في حق ﴿أُجِيبُ دَعْوَةَ الدّٰاعِ﴾ [البقرة:186] و أثر ظاهر من حق في خلق ﴿كُنْ فَيَكُونُ﴾ [البقرة:117] و ذلك أما عن باعث و إما عن اتحاد و الإيجاد إبداله له الاسم الآخر ليس له في الأول قدم و الباعث يكون له الأول و الآخر فالباعث حق و خلق و الإيجاد حق و خلق إلا أنه لا يكون حقا مفردا إلا بخلق كالمعرفة بالله من حيث كونه إلها لا يكون إلا بخلق لا بد من ذلك فهي حق في خلق و الخلق متأخر حيث عقل أبدا و أما الألف الطبيعية في مثل قال ﴿وَ سٰارَ﴾ [آل عمران:133] فهو الأمر الواحد الذي يجمع الطبيعة فيظهر العالم و يفرقها فيفني العالم و هو الأصل المفرق المجمع و كل ألف مزادة فإنما تظهر على حكم التشبيه بها و الموجب لهذا الأمر المفرق المجمع إنما هو الفتح و هو الأصل و قد يكون الفتح بما يسر