الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية) |
![]() |
![]() |
||||||||||
الصفحة - من الجزء (عرض الصورة)![]() بالاستحالات و الاستحالات متنوعة بحسب الحقائق كالماء يستحيل بخارا و الملك يستحيل إنسانا بالصورة و كذلك التجلي فمن عرف ذلك عرف الأمر على ما هو عليه و الولد على شبه أبيه فإن الولد إذا خرج على شبه أبيه برأ الأم مما يتطرق إليها من الاحتمال إذا لم يكن الشبه و من هنا تعلم أنه لا خالق إلا اللّٰه و قد نبه الشارع بحديث الصورة الكاملة الإمامية و فيه علم نفي الأسباب بإثباتها و فيه علم الأمر الذي دعا المشرك إلى إثبات الشريك و فيه علم غيرة الحق على الرتبة الإلهية و فيه علم ما يقول المتعلم من العالم إذا سأله العالم بفتح اللام و فيه علم ما هو من القول حجة و ما ليس بحجة فهل الحجة على الخصم عين القول خاصة أو ما يدل عليه القول أو في موطن يكون القول و في موطن يكون ما يدل عليه القول فإذا كان القول يعجز السامع فهو عين الحجة و فيه علم الفضل بالعلم بين المخلوقين و أنه لا رتبة أشرف من رتبة العلم و فيه علم أن الملائكة كلهم علماء بالله ليس فيهم من يجعل بخلاف الناس و لذلك قال تعالى ﴿شَهِدَ اللّٰهُ أَنَّهُ لاٰ إِلٰهَ إِلاّٰ هُوَ وَ الْمَلاٰئِكَةُ﴾ [آل عمران:18] ثم قال في حق الناس ﴿وَ أُولُوا الْعِلْمِ﴾ [آل عمران:18] و ما أطلق مثل ما أطلق الملائكة و هو علم التوحيد هنا لا علم الوجود فإن العالم كله عالم بالوجود لا بالتوحيد لا في الذات و لا في المرتبة و إن كان المشرك قد جعل له الرتبة العليا مع الاشتراك في معنى الرتبة و فيه علم ما لا يمكن لمخلوق جحده و هو افتقار الممكن إلى المرجح و فيه علم ما يجوز نقضه من المواثيق و العهود و ما لا يجوز و فيه علم ما يسبق إلى الوهم من تكذيب شخص من الناس يدعي أنه موجود من غير أب و لا أم عند من يؤمن بوجود آدم عليه السّلام و ينكره في حق شخص ما قد أشبهه في الصورة و لا يتوقف في تكذيبه و لا في رد ما قاله و جاء به و هو ممكن في نفس الأمر و يقر به من يقول بحدوث العالم و بقدمه و فيه علم ما تقيده الملائكة من العلم إذا دخلوا على أهل السعادة في منازلهم و فيه علم فصل الدنيا من الآخرة دار أو حياة و هما دار واحدة و حياة واحدة و فيه علم القلوب و لما ذا ترجع نسبة الكون إليها هل إلى علمها باستحالة ثبوتها على أمر واحد زمانين لما علمت أن خالقها إذا تذكرت و فكرت أنه كل يوم في شأن فتقطع عند ذلك أنها لا تبقي على حال واحد لأنها محل التصريف و التقليب و فيه علم العلم الجامع و المفصل للمضار و المنافع و هل الإنسان الجاهل يقاوم بقوته قوة كلام اللّٰه حتى لا يؤثر فيه أو قوته على نفسه أن يستر ما أثر فيه كلام اللّٰه فلم يقاوم إلا نفسه لا كلام اللّٰه و فيه علم انتظار الحق بإظهار الأمور ما حكم به علمه فيها من الترتيب في الإيجاد مع الجواز و كيف يجتمع المحال و الإمكان في أمر واحد فيحكم عليه بأنه محال بالدليل العقلي ممكن بالدليل العقلي و أدلة العقول لا تتعارض إلا في هذا الموطن و فيه علم تلقين الحجة لإظهار الحق و هل للحاكم إذا علم صدق أحد الخصمين في دعواه و يعلم أنه يبطل حقه لجهله بتحرير الدعوى هل له أن يعلمه كيف يدعي حتى يثبت له الحق كما هو في نفس الأمر أو ليس له ذلك لا في حضور الخصم و لا في غيبته و هذا مع علم الحاكم بصاحب الحق و فيه علم حجج الرسل عليه السّلام ليست عن نظر فكري و إنما هي عن تعليم إلهي و فيه علم ما حظ الرسول من الرسالة و فيه علم لا يعارض الحق الإلهي إلا الحق الإلهي فهو مقابلة المثلين لا مقابلة غير المثلين و إن ظهرت المعارضة من جانب المخلوق فما ظهر الحق إلا على لسان المخلوق فإن اللّٰه ما كلم عباده على رفع الحجاب لأنه يقول لا معقب لحكمه و قد وقع في الدنيا المعقب فلا بد أن يكون المعقب اللّٰه لا غيره فهو مثل النسخ في الشرائع هو الذي شرع و هو الذي رفع ما شرع بشرع آخر أنزله فالناسخ و المنسوخ من اللّٰه كذلك أمر العالم فيما جاء من الحق بالدلالة و فيما رد به ذلك الحق من غير دلالة فيعلم العالم بالله أنه من الحق فالحق يتلو بعضه بعضا فإن زمان دعوى الواحد ما هو زمان دعوى الآخر الراد له و المعارضة على الحقيقة إن لم يشتركا في الزمان فما هي معارضة فافهم و فيه علم إنزال الحق العالم بالشيء منزلة نفسه منه في ذلك العلم و لهذا تقول لا منزلة أشرف من العلم لأنه ينزلك منزلة الحق لقد خرت كل الطيب فيما لثمته *** و قد علم الأقوام من قد لثمته و إن الذي في الكون من كل طيب *** من العقل و الإحساس فيما طعمته ﴿وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ﴾ [الأحزاب:4] |
|
||||||||||
![]() |
![]() |
||||||||||
الفتوحات
المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين. |