الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية) |
![]() |
![]() |
|||||||||
الصفحة - من الجزء (عرض الصورة)![]() الراكعات و الساجدات كما قال تعالى إخبارا عنهم ﴿وَ مٰا مِنّٰا إِلاّٰ لَهُ مَقٰامٌ مَعْلُومٌ﴾ [الصافات:164] فهم عمار السموات و جعل منهم الأرواح المطهرات المعتكفين بأشرف الحضرات و جعل منهم الملائكة المسخرات و الوكلاء على ما يخلقه اللّٰه من التكوينات فوكل بالأرجاء الزاجرات و بالأنباء المرسلات و بالإلهام و اللمات الملقيات و بالتفصيل و التصوير و الترتيب المقسمات و بالترغيب و الترحيب الناشرات و بالترهيب الناشطات و بالتشتيت النازعات و بالسوق السابحات و بالاعتناء السابقات و بالأحكام المدبرات ثم أدار في جوف هذا الفلك كرة الأثير أودع فيها رجوع المسترقات الطارقات ثم جعل دونه كرة الهواء أجرى فيه الذاريات العاصفات السابقات الحاملات المعصرات و موج فيه البحور الزاخرات الكائنات من البخارات المستحيلات يسمى دائرة كرة الزمهرير تتعلم منه صناعة التقطيرات و أمسك في هذه الكرة أرواح الأجسام الطائرات و أظهر في هاتين الكرتين الرعود القاصفات و البروق الخاطفات و الصواعق المهلكات و الأحجار القاتلات و الجبال الشامخات و الأرواح الناريات الصاعدات النازلات و المياه الجامدات ثم أدار في جوف هذه الكرة كرة أودع فيها سبحانه ما أخبرنا به في الآيات البينات من أسرار إحياء الموات و أجرى فيها الأعلام الجاريات و أسكنها الحيوانات الصامتات ثم أدار في جوفها كرة أخرى أودع فيه ضروب التكوينات من المعادن و النباتات و الحيوانات فأما المعادن فجعلها عزَّ وجلَّ ثلاث طبقات منها المائيات و الترابيات و الحجريات و كذلك النبات منها النابتات و المغروسات و المزروعات و كذلك الحيوانات منها المولدات المرضعات و الحاضنات و المعفنات ثم كون الإنسان مضاهيا لجميع ما ذكرناه من المحدثات ثم وهبه معالم الأسماء و الصفات فمهدت له هذه المخلوقات المعجزات و لهذا كان آخر الموجودات فمن روحانيته صح له سر الأولية في البدايات و من جسميته صح له الآخرية في الغايات فبه بديء الأمر و ختم إظهارا للعنايات و أقامه خليفة في الأرض لأن فيها ما في السموات و أيده بالآيات و العلامات و الدلالات و المعجزات و اختصه بأصناف الكرامات و نصب به القضايا المشروعات ليميز اللّٰه به الخبيثات من الطيبات فيلحق الخبيث بالشقاوات في الدركات و يلحق الطيب بالسعادات في الدرجات كما سبق في القبضتين اللتين هما صفتان للذات فسبحان مبدئ هذه الآيات و ناصب هذه الدلالات على أنه واحد قهار الأرض و السموات فهذا ترتيب نضد العالم على طريق خاص لبعض النظار انفرد به و سنذكر بعد القصيدة التي أذكرها بعد هذا ما وافقونا فيه و أما نظمنا فيه أيضا على طريقة أخرى في الوضع الأول فاعلم و هذه هي القصيدة الحمد لله الذي بوجوده *** ظهر الوجود و عالم الهيمان و العنصر الأعلى الذي بوجوده *** ظهرت ذوات عوالم الإمكان من غير ترتيب فلا متقدم *** فيه و لا متأخر بالآن حتى إذا شاء المهيمن إن يرى *** ما كان معلوما من الأكوان فتح القدير عوالم الديوان *** بوجود روح ثم روح ثاني ثم الهباء كذا الهيولى ثم جسم قابل *** لعوالم الأفلاك و الأركان فأداره فلكا عظيما و اسمه *** العرش الكريم و مستوي الرحمن يتلوه كرسي انقسام كلامه *** فتلوح من أقسامه القدمان من بعده فلك البروج و بعده *** فلك الكواكب مصدر الأزمان ثم النزول مع الخلأ لمركز *** ليقيم فيه قواعد البنيان فأدار أرضا ثم ماء فوقه *** كرة الهواء و عنصر النيران من فوقه فلك الهلال و فوقه *** فلك يضاف لكاتب الديوان من فوقه فلك لزهرة فوقه *** فلك الغزالة مصدر الملوان من فوقه المريخ ثم المشتري *** ثم الذي يعزي إلى كيوان |
|
|||||||||
![]() |
![]() |
|||||||||
الفتوحات
المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين. |