من بتوقعه ثم إنه يتوقع ظهوره في عالم الشهادة فيكون أقرب في التناول و هو قوله ﴿قُطُوفُهٰا دٰانِيَةٌ﴾ [الحاقة:23] أي قريبة ليد القاطف يقول احفظ طريق الاعتدال لا تنحرف عنه و الاعتدال هنا ملازمتك حقيقتك لا تخرج عنها كما خرج المتكبرون و من كان برزخا بين الطرفين كان له الاستشراف عليهما فإذا مال إلى أحدهما غاب عن الآخر
(منزل
البركات)
و هو أيضا يشتمل على منزلين على منزل الجمع و التفرقة و منزل الخصام البرزخى و هو منزل الملك و القهر و فيه قلت
لمنازل البركات نور يسطع *** و له بحبات القلوب توقع
فيها المزيد لكل طالب مشهد *** و لها إلى نفس الوجود تطلع
فإذا تحقق سر طالب حكمة *** بحقائق البركات شد المطلع
فالحمد لله الذي في كونه *** أعيانه مشهودة تتسمع
البركات الزيادة و هي من نتائج الشكر و ما سمي الحق نفسه تعالى بالاسم الشاكر و الشكور إلا لنزيد في العمل الذي شرع لنا أن نعمل به كما يزيد الحق النعم بالشكر منا فكل نفس متطلعة للزيادة يقول و إذا تحقق طالب الحكم الزيادة انفرد بأمور يجهد أن لا يشاركه فيها أحد لتكون الزيادة من ذلك النوع و صاحب هذا المقام تكون حاله المراقبة للحال الذي يطلبه
(منزل الأقسام و الإيلاء)
و هذا المنزل يشتمل على منازل منها منزل الفهوانيات الرحمانية و منزل المقاسم الروحانية و منزل الرقوم و منزل مساقط النور و منزل الشعراء و منزل المراتب الروحانية و منزل النفس الكلية و منزل القطب و منزل انفهاق الأنوار على عالم الغيب و منزل مراتب النفس الناطقة و منزل اختلاف الطرق و منزل المودة و منزل علوم الإلهام و منزل النفوس الحيوانية و منزل الصلاة الوسطى و في هذا قلت
منازل الأقسام في العرض *** أحكامها في عالم الأرض
تجري بأفلاك السعود على *** من قام بالسنة و الفرض
و علمها وقف على عينها *** و حكمها في الطول و العرض
يقول القسم نتيجة التهمة و الحق يعامل الخلق من حيث ما هم عليه لا من حيث ما هو عليه و لهذا لم يول الحق تعالى للملائكة لأنهم ليسوا من عالم التهمة و ليس لمخلوق أن يقسم بمخلوق و هو مذهبنا و إن أقسم بمخلوق عندنا فهو عاص و لا كفارة عليه إذا حنث و عليه التوبة مما وقع فيه لا غير و إنما أقسم الحق بنفسه حين أقسم بذكر المخلوقات و حذف الاسم يدل على ذلك إظهار الاسم في مواضع من الكتاب العزيز مثل قوله ﴿فَوَ رَبِّ السَّمٰاءِ وَ الْأَرْضِ﴾ ... ﴿بِرَبِّ الْمَشٰارِقِ وَ الْمَغٰارِبِ﴾ [ المعارج:40] فكان ذلك أعلاما في المواضع التي لم يجر للاسم ذكر ظاهر أنه غيب هنالك لأمر أراده سبحانه في ذلك يعرقه من عرفه الحق ذلك من نبي و ولي ملهم فإن القسم دليل على تعظيم المقسم به و لا شك أنه قد ذكر في القسم من يبصر و من لا يبصر فدخل في ذلك الرفيع و الوضيع و المرضى عنه و المغضوب عليه و المحبوب و الممقوت و المؤمن و الكافر و الموجود و المعدوم و لا يعرف منازل الأقسام إلا من عرف عالم الغيب فيغلب على الظن أن الاسم الإلهي هنا مضمر و قد عرفناك إن عالم الغيب هو الطول و عالم الشهادة هو العرض
(منزل الإنية)
و يشتمل على منازل منها منزل سليمان عليه السّلام دون غيره من الأنبياء و منزل الستر الكامل و منزل اختلاف المخلوقات و منزل الروح و منزل العلوم و فيه أقول
إنية قدسية مشهودة *** لوجودها عند الرجال منازل
تفني الكيان إذا تجلت صورة *** في سورة أعلامها تتفاضل
و تريك فيك وجودها بنعوتها *** خلف الظلال وجودها لك شامل
يقول إن الحقيقة الإلهية المعنوية بنعوت التنزيه إذا شوهدت تفني كل عين سواها و إن تفاضلت مشاهدها في الشخص الواحد بحسب أحواله و في الأشخاص لاختلاف أحوالهم لما أعطت الحقيقة أنه لا يشهد الشاهد منا إلا نفسه كما لا تشهد هي منا إلا نفسها فكل حقيقة للأخرى مرآة المؤمن مرآة أخيه ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ [الشورى:11]
(منزل الدهور)
يحتوي