﴿أَوْ إِخْوٰانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ﴾ [المجادلة:22] فلو كان المودة في القربى التي سألها رسول اللّٰه ﷺ منا يريد به القرابة ما نفاها الحق عنها في قوله ﴿يُوٰادُّونَ مَنْ حَادَّ اللّٰهَ وَ رَسُولَهُ﴾ [المجادلة:22] و لو كانوا قرابتهم فعلمنا إن ﴿اَلْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبىٰ﴾ [الشورى:23] أنها في أهل الايمان منهم و هم الأقربون إلى اللّٰه فتميز ﷺ عن سائر الرسل عليه السّلام بما أعطى اللّٰه لأمته في مودتهم في القربى و تميزت أمته على سائر الأمم بما لها من الفضل في ذلك لأن الفضل الزيادة و بالزيادة كانت ﴿خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنّٰاسِ﴾ [آل عمران:110] أمة محمد ﷺ و إن كانت كل أمة تأمر بالمعروف و تنهى عن المنكر و يؤمنون بالله فخصت هذه الأمة بأمور لم يخص بها أمة من الأمم و لها أجور على ما خصصت به من الأعمال مما لم يستعمل فيها غيرهم من الأمم فتميزوا بذلك يوم القيامة و ظهر فضلهم فالأجور مترددة بين الحق و الخلق للحق أجر على خلقه لأعمال عملها لهم و للخلق أجر على اللّٰه لأعمال عملوها له و لأعمال عملوها للخلق رعاية للحق كالعفو من العافين عن الناس و للخلق أجر على الخلق بتشريع الحق و حكمه في ذلك و الذي يؤول إليه الأمر في هذه المسألة أن الأجور تتردد ما بين الحق و الحق ليس للخلق في ذلك دخول إلا أنهم طريق لظهور هذه الأجور لو لا وجد الخلق في ذلك لم يظهر للاجارة حكم و لا للأجر عين و لذلك كان الأجر ﴿جَزٰاءً وِفٰاقاً﴾ [النبإ:26] لأن المؤجر حق و المؤجر حق إذ لا عامل إلا خالق العمل و هو الحق و الخلق عمل و فيه ظهور العمل فلذلك زاحم و أدخل نفسه في ذلك و أقره الحق على هذه المزاحمة و قبلها فمن الخلق من علم ذلك و منهم من جهله و هذا المنزل يتسع المجال فيه و لا سيما لو أخذنا في تعيين الأجور و أصحابها فلنذكر ما يتضمن هذا المنزل من العلوم فمن ذلك علم أجور الخلق دون الحق و فيه علم الاتصال بمن و الانفصال عمن و الانفصال و الاتصال فيمن و هو علم غريب يتضمن الوجود كله و غير الوجود فإن الوجود المقيد قد انفصل عن حال العدم و اتصل بحال الوجود انفصال ترجيح و اتصال ترجيح و أما الوجود المطلق فانفصاله عن العدم انفصال ذاتي غير مرجح فمن علم هذا العلم علم أين كان و ممن انفصل و بمن اتصل و فيه علم التشبيه في المعاني بالمناسبات و فيه علم الترتيب في التوقيت و به يتعلق علم القضاء و القدر و فيه علم الملك و التمليك و هل حكم التمليك إذا وقع حكم الملك الأصلي أو يختلف حكمهما و فيه علم ما تميز به عالم الأركان من عالم الأفلاك الأخرى و لما ذا قبل الاستحالة عالم الأركان فذهبت أعيان صوره كما تذهب صور أركانه باستحالة بعضها إلى بعض بالسخافة و الكثافة و عالم الأفلاك ليس كذلك و إنما استحالتهم ظهورهم في الصور التي يظهرون فيها لعالم الأركان و لما كانت هذه الاستحالة في الصور الطبيعية التي ظهرت من دون الطبيعة و لم تظهر في العالم الذي فوق الطبيعة و ظهرت في التجلي الإلهي و ظهر حكمه بالاستحالة العنصرية في أعيان صوره و في صوره بل لا في صوره و هل يرجع هذا كله لتغير الأمر في نفسه أو يكون ذلك في نظر الناظر و فيه علم المتقابلات هل يفتقر العلم به إلى العلم بمقابله أو ينفرد كل واحد في العلم بنفسه دون العلم بالمقابل من غير توقف عليه و هذا لا يكون إلا عند من لا يرى أن العين واحدة و فيه علم أثر الطبيعة في الملإ الأعلى و مكانه و فيه علم أحوال الملإ الأعلى و فيه علم اجتماع الموحدين و المشركين في الحفظ الإلهي و هل ذلك من باب الاعتناء بالخلق و إن جهلوا أو هو من باب إعطاء الحقائق في أن لا يكون الأمر إلا هكذا إلا أنه من باب العناية و هو عندنا من باب العناية بالإعلام الإلهي بذلك بطريق الإيماء لا بالتصريح لأن هذا من علم الأسرار التي لا تفشي في العموم و لكن لها أهل ينبغي للعالم بذلك أن يبديه لأهله فإنه إذا لم يعطيه لأهله فقد ظلم الجانبين العلم و من هو أهل له و فيه علم مراتب الأدوات العاملة و الظاهرة أحكامها في العبارات و هو علم الحروف التي جاءت لمعنى فمنها مركب و غير مركب و فيه علم تقسيم الظالمين من ينصر منهم ممن لا ينصر و لما ذا يرجع الظلم في وجوده هل وجوده من الظلمة أو من النور و فيه علم كون الحق عين الأشياء و لا يعرف و فيه علم الفرق بين الحياة و الأحياء و إذا وقع الأحياء بما ذا يقع هل بالحياة القديمة أو ثم حياة حادثة تظهر بالإحياء في الأحياء و فيه علم الرجوع ممن والى من و الاعتماد فيما ذا و على من و فيه علم فيما ذا خلق اللّٰه الخلق هل خلقه في شيء أو خلقه لا في شيء فيكون عين المخلوقات عين شيئياتها و فيه علم اشتراك الحق و الخلق في الوجود و جميع ما اشتركوا فيه هل هو اشتراك معقول أو مقول لا غير و فيه علم النواميس الموضوعة في العالم هل تضمها حضرة واحدة جامعة أو لكل ناموس حضرة أو يجمعها حضرتان لا غير فينسب الناموس الواحد إلى الحكمة و الناموس الآخر إلى الحكم