العموم و جعل الرحم التي منها ظهر أولو الأرحام فينا شجنة من الرحمن كما أن الولد شجنة من أبويه و جعل له سبحانه نسبا بينه و بين عباده و هو التقوى فيضع أنساب العالم يوم القيامة و يرفع نسبه فيعم لأنه ما ثم إلا من يتقيه و من اجترأ عليه فمن كونه أجرأه عليه بما ذكر من حكم نعته بالعفو و التجاوز و الصفح و المغفرة و عموم الرحمة فأشهدهم هذه النعوت و ليس لها أثر يظهر حكمه عموما لكل ناظر إلا في العصاة و لا سيما العفو فكل عاص ما اجترأ على اللّٰه إلا به و هو من حيث نفسه متق لله فإن النسب ما للأحوال فيه أثر إذا هو صح و ما اعتبر اللّٰه إلا النسب الديني و به يقع التوارث بين الناس فإذا اجتمع في الشخص النسب الديني و الطيني حينئذ له أن يحجب ما يحجبه من النسب الديني و الطيني فإذا لم يكن له نسب طيني و له نسب ديني رجع على دينه لم يحجبوا بالنسب الطيني وراثته عن النسب الديني فورثه المسلمون أو يكون كافرا فيرثه الكفار و إن كان ذو نسب طيني و ليس له نسب ديني فيرثه المسلمون فما إلا خرج عن دينه تعالى فإن نسب التقوى يعم كل نحلة و ملة إن عقلت فمن حيث إن العالم عيال اللّٰه رزقهم و من حيث إن فيهم من هو أهل له اعتنى بهم فأشفق عليهم و من حيث إنهم مخلوقون على الصورة على وجه الكمال استنابهم و من حيث إن بعضهم على بعض الصورة رفق بهم و من حيث النسب المذكور نظر إليهم الاسم الرحمن بالوصل و انتظام الشمل فمن كل وجه له نظر إليهم بالإحسان و لهذا تسمى بالبر الرحيم و البر معناه المحسان و هذا القدر كاف في الكلام في هذا المنزل فلنذكر ما يتضمن من العلوم فمنها علم أفضل الأشكال و منها علم الكتب و مراتبها و معرفة المبين منها من المنير من الحكيم من الكريم من المحصي من المسطور من المرقوم من المعنوي من الحسي من الأم من الإمام إلى غير ذلك من أصناف الكتب و الكتاب فإن اللّٰه كتب التوراة بيده و كتب القلم بنفسه عن أمر ربه في اللوح المحفوظ و مرتبة كل كاتب و ما كتب من الكتابة في الأرحام و هم كتاب الخلق و الرزق و الأجل و الشقاء و السعادة و الكرام الكاتبون و الفرق بين المكتوب فيه من لوح محفوظ و ألواح غير محفوظة ورق و غير ذلك و صور الكتابة الإلهية من غيرها هذا كله يعلم من هذا المنزل و يشهده من دخله و علم المعمور من العالم من غير المعمور و غير المعمور هل معمور بما لا تدركه أبصارنا أو ليس بمعمور في نفس الأمر و عمارة الأمكنة بما يتكون فيها من نبات أو حيوان أو معدن أو ما ينزل فيه من حق و ملك و جان و الفرق بين الاسم الإلهي العلي و الرفيع و لما ذا جاء الاسم الرفيع مقيدا بالإضافة و العلي مطلقا من غير تقييد و علم كيفية انقلاب الضد إلى ضده إذا جاوز حده هل ذلك من حيث جوهره أو جوهر صورته و علم الإيلاء الإلهي بنفسه و بالموجودات و المعدومات و علم المقسم عليه في تقييده بالماضي و هو الواقع أو بالمستقبل الذي لا بد من وقوعه حكما أو وجوده عينا و لما ذا اختص المقسوم عليه بالقسم دون غيره و هو من حيث هو عالم واحد و علم القضاء هل له راد أم لا و ذلك الراد هل هو منه أوامر آخر اقتضاه شرط بالرفع أو بالثبوت و علم تغير النعوت على المنعوت بها هل كل متغير قام التغير بذاته أو كان التغير في حكمه لا في عينه و لا في صفته إن كان ذا صفة و علم السبب المؤدي إلى الجحد مع العلم و إنه لا ينزل منزلة الجاهل في الحكم و هل الجاهل معذور أم لا و علم العلم المحمود من العلم المذموم و هل الذم له عرضي عرض له من المعلوم أم لا أثر له فيه لا بالحكم العرضي و لا الذاتي و هل للعلم أثر محسوس في النفس و الحس أم لا أثر له إلا في النفس كمن يعلم أنه تقع به مصيبة و لا بد فيتغير لذلك مزاجه و لونه و حركته و يتبلبل لسانه و يقول و لا يدري ما يقول فإن العلم أثر في النفس خوفا و هذه الآثار آثار وجود الخوف عنده ما هي آثار العلم لأن العلم قد يقع في نفس القوي الذي يحكم على نفسه فلا يؤثر فيها خوفا فلا يتغير مع وجود العلم و علم الأمر الذي يعذب به الكاذب و هل يعذب بأمر عدمي لمناسبة الكذب أو يعذب بأمر وجودي لكون الكذب له مرتبة وجود في الوجود الذهني و حينئذ يعبر عنه الكاذب فهل عقوبته مثل نسبته إلى الحس فيكون بأمر عدمي أو بمثل نسبته إلى الخيال فيكون بأمر وجودي متخيل و هي علوم عجيبة في المشاهدات لا علم لعلماء الرسوم و النظار بهذه الموازنات لجهلهم بالميزان الموضوع الذي وضعه اللّٰه عند رفع السماء و بسط الأرض بين السماء و الأرض و أنه مع كونه موضوعا هو بيد الحق المسمى بالدهر يخفض و يرفع و علم السحر لما ذا يرجع و هل فيه محمود و ما فعله و علم السواء في قوله تعالى ﴿سَوٰاءٌ عَلَيْهِمْ أَ أَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لاٰ يُؤْمِنُونَ﴾ [البقرة:6] و قوله ﴿سَوٰاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ﴾ [المنافقون:6] ... ﴿إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللّٰهُ لَهُمْ﴾ [التوبة:80] و قوله