الفتوحات المكية

المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة ص: [الآية 2]

سورة ص
بَلِ ٱلَّذِينَ كَفَرُوا۟ فِى عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ ﴿2﴾

تفسير الجلالين:

«بل الذين كفروا» من أهل مكة «في عزة» حمية وتكبر عن الإيمان «وشقاق» خلاف وعداوة للنبي صلى الله عليه وسلم.

تفسير الشيخ محي الدين:

قالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ (84) لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ (85)

فغلّب جزاء الإنسان على جزاء إبليس ، فإن اللّه ما جعل جزاءهما إلا جهنم وفيها عذاب إبليس ، فإن جهنم برد كلها ما فيها شيء من النارية ، فهو عذاب لإبليس أكثر من متبعه ، وإنما كان ذلك لأن إبليس طلب أن يشقي الغير ، فحار وباله عليه لما قصده ، فهو تنبيه من الحق لنا أن لا نقصد وقوع ما يؤدي إلى الشقاء لأحد ، فعذاب الشياطين من الجن في جهنم أكثر ما يكون بالزمهرير لا بالحرور ، وقد يعذب بالنار ، وبنو آدم أكثر عذابهم بالنار ، وسميت جهنم جهنما لأنها كريهة المنظر ، والجهام السحاب الذي هرق ماءه ، والغيث رحمة اللّه فلما أزال اللّه الغيث من السحاب بإنزاله أطلق عليه اسم الجهام ، لزوال الرحمة الذي هو الغيث منه ، كذلك الرحمة أزالها اللّه من جهنم ، فكانت كريهة المنظر والمخبر ، وسميت أيضا جهنم لبعد قعرها يقال : ركية جهنام ، انظر الإشارة سورة فاطر آية رقم 6 .

------------

(85) الفتوحات ج 3 / 368 - ج 1 / 134

تفسير ابن كثير:

وقوله : ( بل الذين كفروا في عزة وشقاق ) أي : إن في هذا القرآن لذكرا لمن يتذكر ، وعبرة لمن يعتبر . وإنما لم ينتفع به الكافرون ؛ لأنهم ) في عزة ) أي : استكبار عنه وحمية ) وشقاق ) أي : مخالفة له ومعاندة ومفارقة .


تفسير الطبري :

قوله تعالى: {ص} قراءة العامة {ص} بجزم الدال على الوقف؛ لأنه حرف من حروف الهجاء مثل: {الم} و{المر}. وقرأ أبي بن كعب والحسن وابن أبي إسحاق ونصر بن عاصم {صاد} بكسر الدال بغير تنوين. ولقراءته مذهبان : أحدهما أنه من صادى يصادي إذا عارض، ومنه {فأنت له تصدى} [عبس : 6] أي تعرض. والمصاداة المعارضة، ومنه الصدى وهو ما يعارض الصوت في الأماكن الخالية. فالمعنى صاد القرآن بعملك؛ أي عارضه بعملك وقابله به، فاعمل بأوامره، وانته عن نواهيه. النحاس : وهذا المذهب يروى عن الحسن أنه فسر به قراءته رواية صحيحة. وعنه أن المعنى اتله وتعرض لقراءته. والمذهب الآخر أن تكون الدال مكسورة لالتقاء الساكنين. وقرأ عيسى بن عمر {صاد} بفتح الدال مثله: {قاف} و{نون} بفتح آخرها. وله في ذلك ثلاثة مذاهب : أحدهن أن يكون بمعنى أتل. والثاني أن يكون فتح لالتقاء الساكنين واختار الفتح للإتباع؛ ولأنه أخف الحركات. والثالث أن يكون منصوبا على القسم بغير حرف؛ كقولك : الله لأفعلن، وقيل : نصب على الإغراء. وقيل : معناه صاد محمد قلوب الخلق واستمالها حتى آمنوا به. وقرأ ابن أبي إسحاق أيضا {صاد} بكسر الدال والتنوين على أن يكون مخفوضا على حذف حرف القسم، وهذا بعيد وإن كان سيبويه قد أجاز مثله. ويجوز أن يكون مشبها بما لا يتمكن من الأصوات وغيرها. وقرأ هارون الأعور ومحمد بن السميقع: {صاد} و{قاف} و{نون} بضم آخرهن : لأنه المعروف بالبناء في غالب الحال، نحو منذ وقط وقبل وبعد. و{ص} إذا جعلته اسما للسورة لم ينصرف؛ كما أنك إدا سميت مؤنثا بمذكر لا ينصرف وإن قلت حروفه. وقال ابن عباس وجابر بن عبدالله وقد سئلا عن {ص} فقالا : لا ندري ما هي. وقال عكرمة : سأل نافع بن الأزرق ابن عباس عن {ص} فقال: {ص} كان بحرا بمكة وكان عليه عرش الرحمن إذ لا ليل ولا نهار. وقال سعيد بن جبير {ص} بحر يحيي الله به الموتى بين النفختين. وقال الضحاك : معناه صدق الله. وعنه أن {ص} قسم أقسم الله به وهو من أسمائه تعالى. وقال السدي، وروي عن ابن عباس. وقال محمد بن كعب : هو مفتاح أسماء الله تعالى صمد وصانع المصنوعات وصادق الوعد. وقال قتادة : هو اسم من أسماء الرحمن. وعنه أنه اسم من أسماء القرآن. وقال مجاهد : هو فاتحة السورة. وقيل : هو مما استأثر الله تعالى بعلمه وهو معنى القول الأول. وقد تقدم جميع هذا في {البقرة}. قوله تعالى: {والقرآن} خفض بواو القسم والواو بدل من الباء؛ أقسم بالقرآن تنبيها على جلالة قدره؛ فإن فيه بيان كل شيء، وشفاء لما في الصدور، ومعجزة للنبي صلى الله عليه وسلم. {ذي الذكر} خفض على النعت وعلامة خفضه الياء، وهو اسم معتل والأصل فيه ذوى على فعل. قال ابن عباس : ومقاتل معنى {ذي الذكر} ذي البيان. الضحاك : ذي الشرف أي من آمن به كان شرفا له في الدارين؛ كما قال تعالى: {لقد أنزلنا إليكم كتابا فيه ذكركم} [الأنبياء : 10] أي شرفكم. وأيضا القرآن شريف في نفسه لإعجازه واشتماله على ما لا يشتمل عليه غيره. وقيل: {ذي الذكر} أي فيه ذكر ما يحتاج إليه من أمر الدين. وقيل: {ذي الذكر} أي فيه ذكر أسماء الله وتمجيده. وقيل : أي ذي الموعظة والذكر. وجواب القسم محذوف. واختلف فيه على أوجه : فقيل جواب القسم {ص}؛ لأن معناه حق فهي جواب لقوله: {والقرآن} كما تقول : حقا والله، نزل والله، وجب والله؛ فيكون الوقف من هذا الوجه على قوله: {والقرآن ذي الذكر} حسنا، وعلى {في عزة وشقاق} تماما. قال ابن الأنباري. وحكى معناه الثعلبي عن الفراء. وقيل : الجواب {بل الذين كفروا في عزة وشقاق} لأن {بل} نفي لأمر سبق وإثبات لغيره؛ قاله القتبي؛ فكأنه قال: {والقرآن ذي الذكر بل الذين كفروا في عزة وشقاق} عن قبول الحق وعداوة لمحمد صلى الله عليه وسلم. أو {والقرآن ذي الذكر} ما الأمر كما يقولون من أنك ساحر كذاب؛ لأنهم يعرفونك بالصدق والأمانة بل هم في تكبر عن قبول الحق. وهو كقوله: {ق والقرآن المجيد. بل عجبوا} [ق : 2]. وقيل : الجواب {وكم أهلكنا} [ق : 36] كأنه قال : والقرآن لكم أهلكنا؛ فلما تأخرت {كم} حذفت اللام منها؛ كقوله تعالى: {والشمس وضحاها} [الشمس : 1] ثم قال: {قد أفلح} [الشمس : 9] أي لقد أفلح. قال المهدوي : وهذا مذهب الفراء. ابن الأنباري : فمن هذا الوجه لا يتم الوقف على قوله: {في عزة وشقاق}. وقال الأخفش : جواب القسم {إن كل إلا كذب الرسل فحق عقاب} ونحو منه قوله تعالى: {تالله إن كنا لفي ضلال مبين {الشعراء : 97] وقوله: {والسماء والطارق} إلى قوله: {إن كل نفس} [الطارق : 1 - 4]. ابن الأنباري : وهذا قبيح؛ لأن الكلام قد طال فيما بينهما وكثرت الآيات والقصص. وقال الكسائي : جواب القسم قوله: {إن ذلك لحق تخاصم أهل النار} [ص : 64]. ابن الأنباري : وهذا أقبح من الأول؛ لأن الكلام أشد طولا فيما بين القسم وجوابه. وقيل الجواب قوله: {إن هذا لرزقنا ما له من نفاد} [ص : 54]. وقال قتادة : الجواب محذوف تقديره {والقرآن ذي الذكر} لتبعثن ونحوه. قوله تعالى: {بل الذين كفروا في عزة} أي تكبر وامتناع من قبول الحق؛ كما قال جل وعز: {وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم} [البقرة : 206] والعزة عند العرب : الغلبة والقهر. يقال : من عز بز؛ يعني من غلب سلب. ومنه {وعزني في الخطاب} [ص : 23] أراد غلبني. وقال جرير : يعز على الطريق بمنكبيه ** كما ابترك الخليع على القداح أراد يغلب. {وشقاق} أي في إظهار خلاف ومباينة. وهو من الشق كأن هذا في شق وذلك في شق. وقد مضى في {البقرة} مستوفى. قوله تعالى: {كم أهلكنا من قبلهم من قرن} أي قوم كانوا أمنع من هؤلاء. و{كم} لفظة التكثير {فنادوا} أي بالاستغاثة والتوبة. والنداء رفع الصوت؛ ومنه الخبر : (ألقه على بلال فإنه أندى منك صوتا) أي أرفع. {ولات حين مناص} قال الحسن : نادوا بالتوبة وليس حين التوبة ولا حين ينفع العمل. النحاس : وهذا تفسير منه لقوله عز وجل:{ولات حين مناص} فأما إسرائيل فروى عن أبي إسحاق عن التميمي عن ابن عباس{ولات حين مناص} قال : ليس بحين نزو ولا فرار؛ قال : ضبط القوم جميعا قال الكلبي : كانوا إذا قاتلوا فاضطروا قال بعضهم لبعض مناص؛ أي عليكم بالفرار والهزيمة، فلما أتاهم العذاب قالوا مناص؛ فقال الله عز وجل: {ولات حين مناص} قال القشيري : وعلى هذا فالتقدير : فنادوا مناص فحذف لدلالة بقية الكلام عليه؛ أي ليس الوقت وقت ما تنادون به. وفي هذا نوع تحكم؛ إذ يبعد أن يقال : كل من هلك من القرون كانوا يقولون مناص عند الاضطرار. وقيل : المعنى {ولات حين مناص} أي لا خلاص وهو نصب بوقوع لا عليه. قال القشيري : وفيه نظر لأنه لا معنى على هذا للواو في {ولات حين مناص} وقال الجرجاني : أي فنادوا حين لا مناص؛ أي ساعة لا منجى ولا فوت. فلما قدم {لا} وأخر {حين} اقتضى ذلك الواو، كما يقتضي الحال إذا جعل ابتداء وخبرا؛ مثل قولك : جاء زيد راكبا؛ فإذا جعلته مبتدأ وخبر اقتضى الواو مثل جاءني زيد وهو راكب، فحين ظرف لقوله : {فنادوا}. والمناص بمعنى التأخر والفرار والخلاص؛ أي نادوا لطلب الخلاص في وقت لا يكون لهم فيه خلاص. قال الفراء : أمن ذكر ليلى إذ نأتك تنوص يقال : ناص عن قرنه ينوص نوصا ومناصا أي فر وزاغ. النحاس : ويقال : ناص ينوص إذا تقدم. قلت : فعلى هذا يكون من الأضداد، والنوص الحمار الوحشي. واستناص أي تأخر؛ قاله الجوهري. وتكلم النحويون في {ولات حين} وفي الوقف عليه، وكثر فيه أبو عبيدة القاسم بن سلام في كتاب القراءات وكل ما جاء به إلا يسيرا مردود. فقال سيبويه: {لات} مشبهة بليس والاسم فيها مضمر؛ أي ليست أحياننا حين مناص. وحكي أن من العرب من يرفع بها فيقول : ولات حين مناص. وحكي أن الرفع قليل ويكون الخبر محذوفا كما كان الاسم محذوفا في النصب؛ أي ولات حين مناص لنا. والوقف عليها عند سيبويه والفراء {ولات} بالتاء ثم تبتدئ {حين مناص} هو قول ابن كيسان والزجاج. قال أبو الحسن بن كيسان : والقول كما قال سيبويه؛ لأن شبهها بليس فكما يقال ليست يقال لات. والوقوف عليها عند الكسائي بالهاء ولاه. وهو قول المبرد محمد بن يزيد. وحكى عنه علي بن سليمان أن الحجة في ذلك أنها دخلت عليها الهاء لتأنيث الكلمة، كما يقال ثُمه ورُبه. وقال القشيري : وقد يقال ثُمت بعني ثُم، وربت بمعنى رب؛ فكأنهم زادوا في لا هاء فقالوا لاه، كما قالوا في ثمه عند الوصل صارت تاء. وقال الثعلبي : وقال أهل اللغة : و{لات حين} مفتوحتان كأنهما كلمة واحدة، وإنما هي {لا} زيدت فيها التاء نحو رب وربت، وثم وثمت. قال أبو زبيد الطائي : طلبوا صلحنا ولات أوان ** فأجبنا أن ليس حين بقاء وقال آخر : تذكر حب ليلى لات حينا ** وأمسى الشيب قد قطع القرينا ومن العرب من يخفض بها؛ وأنشد الفراء : فلتعرفن خلائقا مشمولة ** ولتندمن ولات ساعة مندم وكان الكسائي والفراء والخليل وسيبويه والأخفش يذهبون إلى أن {ولات حين} التاء منقطعة من حين، ويقولون معناها وليست. وكذلك هو في المصاحف الجدد والعتق بقطع التاء من حين. وإلى هذا كان يذهب أبو عبيدة معمر بن المثنى. وقال أبو عبيد القاسم بن سلام : الوقف عندي على هذا الحرف {ولا} والابتداء {تحين مناص} فتكون التاء مع حين. وقال بعضهم: {لات} ثم يبتدئ فيقول: {حين مناص}. قال المهدوي : وذكر أبو عبيد أن التاء في المصحف متصلة بحين وهو غلط عند النحويين، وهو خلاف قول المفسرين. ومن حجة أبي عبيد أن قال : إنا لم نجد العرب تزيد هذه التاء إلا في حين وأوان والآن؛ وأنشد لأبي وجزة السعدي : العاطفون تحين ما من عاطف ** والمطعمون زمان أين المطعم وأنشد لأبي زبيد الطائي : طلبوا صلحنا ولا تأوان ** فأجبنا أن ليس حين بقاء فأدخل التاء في أوان. قال أبو عبيد : ومن إدخالهم التاء في الآن، حديث ابن عمر وسأله رجل عن عثمان بن عفان رضي الله عنه، فذكر مناقبه ثم قال : اذهب بها تلان معك. وكذلك قول الشاعر : نولي قبل نأي داري جمانا ** وصلينا كما زعمت تلانا قال أبو عبيد : ثم مع هذا كله إني تعمدت النظر في الذي يقال له الإمام - مصحف عثمان - فوجدت التاء متصلة مع حين قد كتبت تحين. قال أبو جعفر النحاس : أما البيت الأول الذي أنشده لأبي وجزة فرواه العلماء باللغة على أربعة أوجه، كلها على خلاف ما أنشده؛ وفي أحدها تقديران؛ رواه أبو العباس محمد بن يزيد : العاطفون ولات ما من عاطف والرواية الثانية : العاطفون ولات حين تعاطف والرواية الثالثة رواها ابن كيسان : العاطفونةَ حين ما من عاطف جعلها هاء في الوقف وتاء في الإدراج، وزعم أنها لبيان الحركة شبهت بهاء التأنيث. الرواية الرابعة : العاطفونهُ حين ما من عاطف وفي هذه الرواية تقديران؛ أحدهما وهو مذهب إسماعيل بن إسحاق أن الهاء في موضع نصب؛ كما تقول : الضاربون زيدا فإذا كنيت قلت الضاربوه. وأجاز سيبويه في الشعر الضاربونه، فجاء إسماعيل بالتأنيث على مذهب سيبويه في إجازته مثله. والتقدير الآخر العاطفون على أن الهاء لبيان الحركة، كما تقول : مر بنا المسلمونه في الوقف، ثم أجريت في الوصل مجراها في الوقف؛ كما قرأ أهل المدينة: {ما أغنى عني ماليه هلك عني سلطانيه} [الحاقة : 29] وأما البيت الثاني فلا حجة له فيه؛ لأنه يوقف عليه : ولات أوان، غير أن فيه شيئا مشكلا؛ لأنه يروى : ولات أوان بالخفض، وإنما يقع ما بعد لات مرفوعا أو منصوبا. وإن كان قد روي عن عيسى بن عمر أنه قرأ: {ولات حين مناص} بكسر التاء من لات والنون من حين فإن الثبت عنه أنه قرأ: {ولات حين مناص} فبنى {لات} على الكسر ونصب {حين}. فأما : ولات أوان ففيه تقديران؛ قال الأخفش : فيه مضمر أي ولات حين أوان. قال النحاس : وهذا القول بين الخطأ. والتقدير الآخر عن أبي إسحاق قال : تقديره ولات أواننا فحذف، المضاف إليه فوجب ألا يعرب، وكسره لالتقاء الساكنين. وأنشده محمد بن يزيد ولات أوان بالرفع. وأما البيت الثالث فبيت مولد لا يعرف قائله ولا تصح به حجة. على أن محمد بن يزيد رواه : كما زعمت الآن. وقال غيره : المعنى كما زعمت أنت الآن. فأسقط الهمزة من أنت والنون. وأما احتجاجه بحديث ابن عمر، لما ذكر للرجل مناقب عثمان فقال له : اذهب بها تلان إلى أصحابك فلا حجة، فيه؛ لأن المحدث إنما يروي هذا على المعنى. والدليل على هذا أن مجاهدا يروي عن ابن عمر هذا الحديث وقال فيه : اذهب فاجهد جهدك. ورواه آخر : اذهب بها الآن معك. وأما احتجاجه بأنه وجدها في الإمام {تحين}. فلا حجة فيه؛ لأن معنى الإمام أنه إمام المصاحف فإن كان مخالفا لها فليس بإمام لها، وفي المصاحف كلها {ولات} فلو لم يكن في هذا إلا هذا الاحتجاج لكان مقنعا. وجمع مناص مناوص.

التفسير الميسّر:

ولكن الكافرين متكبرون على الحق مخالفون له.

تفسير السعدي

فهدى اللّه من هدى لهذا، وأبى الكافرون به وبمن أنزله، وصار معهم { عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ } عزة وامتناع عن الإيمان به، واستكبار وشقاق له، أي: مشاقة ومخاصمة في رده وإبطاله، وفي القدح بمن جاء به.


تفسير البغوي

ودل على هذا المحذوف قوله تعالى : ( بل الذين كفروا ) .

قال قتادة : موضع القسم قوله : ( بل الذين كفروا ) كما قال : " والقرآن المجيد بل عجبوا " ( ق - 2 ) .

وقيل : فيه تقديم وتأخير ، تقديره : بل الذين كفروا ، ( في عزة وشقاق ) والقرآن ذي الذكر .

وقال الأخفش : جوابه قوله تعالى : " إن كل إلا كذب الرسل " ( ص - 14 ) ، كقوله : " تالله إن كنا " ( الشعراء - 97 ) وقوله : " والسماء والطارق إن كل نفس " ( الطارق - 1 : 3 ) .

وقيل : جوابه قوله : " إن هذا لرزقنا " ( ص - 54 ) .

وقال الكسائي : قوله : " إن ذلك لحق تخاصم أهل النار " ( ص - 64 ) ، وهذا ضعيف لأنه تخلل بين هذا القسم وبين هذا الجواب أقاصيص وأخبار كثيرة .

وقال القتيبي : بل لتدارك كلام ونفي آخر ، ومجاز الآية : إن الله أقسم ب ص والقرآن ذي الذكر أن الذين كفروا من أهل مكة في عزة حمية جاهلية وتكبر عن الحق وشقاق وخلاف وعداوة لمحمد - صلى الله عليه وسلم - .

وقال مجاهد : " في عزة " معازين .


الإعراب:

(بَلِ) حرف عطف وإضراب (الَّذِينَ) مبتدأ (كَفَرُوا) ماض وفاعله والجملة صلة لا محل لها (فِي عِزَّةٍ) متعلقان بخبر محذوف (وَشِقاقٍ) الواو حرف عطف وشقاق معطوف على عزة والجملة الاسمية معطوفة على جملة محذوفة لا محل لها

---

Traslation and Transliteration:

Bali allatheena kafaroo fee AAizzatin washiqaqin

بيانات السورة

اسم السورة سورة ص (Sad - The Letter "Saad")
ترتيبها 38
عدد آياتها 88
عدد كلماتها 735
عدد حروفها 2991
معنى اسمها (ص): حَرْفٌ لا يَعْلَمُ مَعْنَاهُ إِلا اللهُ كَبَقِيَّةِ الحُرُوفِ المُقَطَّعَةِ فِي مُفْتَتَحِ بَعْضِ السُّوَر
سبب تسميتها انْفِرَادُ السُّورَةِ بِمُفْتَتَحِ حَرْفِ (ص) دُونَ غَيرهَا مِن سُوَرِ القُرْآنِ؛ فَسُمِّيَت بِهِ
أسماؤها الأخرى اشتُهِرَتْ بِسُورَةِ (ص)، وتُسَمَّى سُورَةَ (دَاوُدَ عليه السلام)
مقاصدها بَيَانُ الحَقِّ، وَتَصْوِيرُ مَشَاهِدِهِ فِي الخُصُومَاتِ مِن خِلالِ الأَمْثِلَةِ الوَارِدَةِ فِي السُّورَةِ
أسباب نزولها سُورَةٌ مَكِّيَّةٌ، وَقَدْ عَادَ النَّبِيُّ ﷺ عَمَّهُ أَبَا طَالِبٍ وَقُرَيشٌ عِنْدَهُ، فَقَالَ لَهُ عَمُّهُ: مَا شَأْنُ قَومِكَ يَشْكُونَكَ؟ قَالَ: «يَا عَمِّ أُرِيدُهُمْ عَلَى كَلِمَةٍ واحدةٍ تَدِيْنُ لَهُمُ بِهَا الْعَرَبُ وَتُؤَدِّي الْعَجَمُ إِلَيْهِمُ الْجِزْيَةَ». قَالَ: مَا هِيَ؟ قَالَ: «لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ». فَقَامُوا فَقَالُوا: أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا قَالَ وَنَزَلَ: ﴿صٓۚ وَٱلۡقُرۡءَانِ ذِي ٱلذِّكۡرِ ١﴾ إِلَى قَولهِ: ﴿إِنَّ هَٰذَا لَشَيۡءٌ عُجَابٞ ٥﴾». (حَدِيثٌ صَحيحٌ، رَوَاهُ ابنُ حِبَّان)
فضلها لَمْ يَصِحَّ حَدِيثٌ أَو أَثَرٌ خَاصٌّ فِي فَضْلِ السُّورَةِ، سِوَى أَنـَّهَا مِنَ المَثَانِي
مناسبتها مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (صٍ) بِآخِرِهَا: الحَدِيْثُ عَنْ فَضْلِ القُرْآنِ الكَرِيمِ، فَقَالَ فِي فَاتِحَتِهَا: ﴿صٓۚ وَٱلۡقُرۡءَانِ ذِي ٱلذِّكۡرِ ١﴾، وَقَالَ فِي خَاتِمَتِهَا: ﴿إِنۡ هُوَ إِلَّا ذِكۡرٞ لِّلۡعَٰلَمِينَ ٨٧﴾. مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (صٍ) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (الصَّافَّاتِ): خُتِمَتِ (الصَّافَّاتُ) بِإِبْصَارِ الْكُفَّارِ بِهَلاكِهِمْ؛ فَقَالَ: ﴿وَأَبۡصِرۡ فَسَوۡفَ يُبۡصِرُونَ ١٧٥﴾، وَافْتُتِحَتْ (ص) بِالاعْتِبَارِ بِهَلاكِ مَنْ قَبْلَهُم؛ فقَالَ: ﴿كَمۡ أَهۡلَكۡنَا مِن قَبۡلِهِم مِّن قَرۡنٖ فَنَادَواْ وَّلَاتَ حِينَ مَنَاصٖ ٣﴾.
اختر الًجزء:
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
اختر السورة:
1 - ﴿الفاتحة﴾
2 - ﴿البقرة﴾
3 - ﴿آل عمران﴾
4 - ﴿النساء﴾
5 - ﴿المائدة﴾
6 - ﴿الأنعام﴾
7 - ﴿الأعراف﴾
8 - ﴿الأنفال﴾
9 - ﴿التوبة﴾
10 - ﴿يونس﴾
11 - ﴿هود﴾
12 - ﴿يوسف﴾
13 - ﴿الرعد﴾
14 - ﴿إبراهيم﴾
15 - ﴿الحجر﴾
16 - ﴿النحل﴾
17 - ﴿الإسراء﴾
18 - ﴿الكهف﴾
19 - ﴿مريم﴾
20 - ﴿طه﴾
21 - ﴿الأنبياء﴾
22 - ﴿الحج﴾
23 - ﴿المؤمنون﴾
24 - ﴿النور﴾
25 - ﴿الفرقان﴾
26 - ﴿الشعراء﴾
27 - ﴿النمل﴾
28 - ﴿القصص﴾
29 - ﴿العنكبوت﴾
30 - ﴿الروم﴾
31 - ﴿لقمان﴾
32 - ﴿السجدة﴾
33 - ﴿الأحزاب﴾
34 - ﴿سبأ﴾
35 - ﴿فاطر﴾
36 - ﴿يس﴾
37 - ﴿الصافات﴾
38 - ﴿ص﴾
39 - ﴿الزمر﴾
40 - ﴿غافر﴾
41 - ﴿فصلت﴾
42 - ﴿الشورى﴾
43 - ﴿الزخرف﴾
44 - ﴿الدخان﴾
45 - ﴿الجاثية﴾
46 - ﴿الأحقاف﴾
47 - ﴿محمد﴾
48 - ﴿الفتح﴾
49 - ﴿الحجرات﴾
50 - ﴿ق﴾
51 - ﴿الذاريات﴾
52 - ﴿الطور﴾
53 - ﴿النجم﴾
54 - ﴿القمر﴾
55 - ﴿الرحمن﴾
56 - ﴿الواقعة﴾
57 - ﴿الحديد﴾
58 - ﴿المجادلة﴾
59 - ﴿الحشر﴾
60 - ﴿الممتحنة﴾
61 - ﴿الصف﴾
62 - ﴿الجمعة﴾
63 - ﴿المنافقون﴾
64 - ﴿التغابن﴾
65 - ﴿الطلاق﴾
66 - ﴿التحريم﴾
67 - ﴿الملك﴾
68 - ﴿القلم﴾
69 - ﴿الحاقة﴾
70 - ﴿المعارج﴾
71 - ﴿نوح﴾
72 - ﴿الجن﴾
73 - ﴿المزمل﴾
74 - ﴿المدثر﴾
75 - ﴿القيامة﴾
76 - ﴿الإنسان﴾
77 - ﴿المرسلات﴾
78 - ﴿النبأ﴾
79 - ﴿النازعات﴾
80 - ﴿عبس﴾
81 - ﴿التكوير﴾
82 - ﴿الانفطار﴾
83 - ﴿المطففين﴾
84 - ﴿الانشقاق﴾
85 - ﴿البروج﴾
86 - ﴿الطارق﴾
87 - ﴿الأعلى﴾
88 - ﴿الغاشية﴾
89 - ﴿الفجر﴾
90 - ﴿البلد﴾
91 - ﴿الشمس﴾
92 - ﴿الليل﴾
93 - ﴿الضحى﴾
94 - ﴿الشرح﴾
95 - ﴿التين﴾
96 - ﴿العلق﴾
97 - ﴿القدر﴾
98 - ﴿البينة﴾
99 - ﴿الزلزلة﴾
100 - ﴿العاديات﴾
101 - ﴿القارعة﴾
102 - ﴿التكاثر﴾
103 - ﴿العصر﴾
104 - ﴿الهمزة﴾
105 - ﴿الفيل﴾
106 - ﴿قريش﴾
107 - ﴿الماعون﴾
108 - ﴿الكوثر﴾
109 - ﴿الكافرون﴾
110 - ﴿النصر﴾
111 - ﴿المسد﴾
112 - ﴿الإخلاص﴾
113 - ﴿الفلق﴾
114 - ﴿الناس﴾
اختر الًصفحة:
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
31
32
33
34
35
36
37
38
39
40
41
42
43
44
45
46
47
48
49
50
51
52
53
54
55
56
57
58
59
60
61
62
63
64
65
66
67
68
69
70
71
72
73
74
75
76
77
78
79
80
81
82
83
84
85
86
87
88
89
90
91
92
93
94
95
96
97
98
99
100
101
102
103
104
105
106
107
108
109
110
111
112
113
114
115
116
117
118
119
120
121
122
123
124
125
126
127
128
129
130
131
132
133
134
135
136
137
138
139
140
141
142
143
144
145
146
147
148
149
150
151
152
153
154
155
156
157
158
159
160
161
162
163
164
165
166
167
168
169
170
171
172
173
174
175
176
177
178
179
180
181
182
183
184
185
186
187
188
189
190
191
192
193
194
195
196
197
198
199
200
201
202
203
204
205
206
207
208
209
210
211
212
213
214
215
216
217
218
219
220
221
222
223
224
225
226
227
228
229
230
231
232
233
234
235
236
237
238
239
240
241
242
243
244
245
246
247
248
249
250
251
252
253
254
255
256
257
258
259
260
261
262
263
264
265
266
267
268
269
270
271
272
273
274
275
276
277
278
279
280
281
282
283
284
285
286
287
288
289
290
291
292
293
294
295
296
297
298
299
300
301
302
303
304
305
306
307
308
309
310
311
312
313
314
315
316
317
318
319
320
321
322
323
324
325
326
327
328
329
330
331
332
333
334
335
336
337
338
339
340
341
342
343
344
345
346
347
348
349
350
351
352
353
354
355
356
357
358
359
360
361
362
363
364
365
366
367
368
369
370
371
372
373
374
375
376
377
378
379
380
381
382
383
384
385
386
387
388
389
390
391
392
393
394
395
396
397
398
399
400
401
402
403
404
405
406
407
408
409
410
411
412
413
414
415
416
417
418
419
420
421
422
423
424
425
426
427
428
429
430
431
432
433
434
435
436
437
438
439
440
441
442
443
444
445
446
447
448
449
450
451
452
453
454
455
456
457
458
459
460
461
462
463
464
465
466
467
468
469
470
471
472
473
474
475
476
477
478
479
480
481
482
483
484
485
486
487
488
489
490
491
492
493
494
495
496
497
498
499
500
501
502
503
504
505
506
507
508
509
510
511
512
513
514
515
516
517
518
519
520
521
522
523
524
525
526
527
528
529
530
531
532
533
534
535
536
537
538
539
540
541
542
543
544
545
546
547
548
549
550
551
552
553
554
555
556
557
558
559
560
561
562
563
564
565
566
567
568
569
570
571
572
573
574
575
576
577
578
579
580
581
582
583
584
585
586
587
588
589
590
591
592
593
594
595
596
597
598
599
600
601
602
603
604


يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!