«والسماء والطارق» أصله كل آت ليلا ومنه النجوم لطلوعها ليلا.
إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً (15)
الكيد من كاد يكيد ، أي كاد يقارب الحق ، فقال تعالى «إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً» أي يقاربون الحق فيما يظهر لكم ، وكاد من أفعال المقاربة ،
تقول العرب : كاد العروس يكون أميرا ؛ أي قارب أن يكون أميرا ، وكاد أن يكون حقا لظهوره بصفة حق ، فقال تعالى :
[ سورة الطارق (86) : الآيات 16 إلى 17 ]
وَأَكِيدُ كَيْداً (16) فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً (17)
(87) سورة الاعلى مكيّة
------------
(15) الفتوحات ج 2 /
576 ، 530
تفسير سورة الطارق وهي مكية .
قال عبد الله ابن الإمام أحمد : حدثنا أبي ، حدثنا عبد الله بن محمد - قال : عبد الله وسمعته أنا منه - حدثنا مروان بن معاوية الفزاري ، عن عبد الله بن عبد الرحمن الطائفي ، عن عبد الرحمن بن خالد بن أبي جبل العدواني ، عن أبيه : أنه أبصر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مشرق ثقيف وهو قائم على قوس - أو : عصا - حين أتاهم يبتغي عندهم النصر ، فسمعته يقول : " والسماء والطارق " حتى ختمها - قال : فوعيتها في الجاهلية وأنا مشرك ، ثم قرأتها في الإسلام - قال : فدعتني ثقيف فقالوا : ماذا سمعت من هذا الرجل ؟ فقرأتها عليهم ، فقال من معهم من قريش : نحن أعلم بصاحبنا ، لو كنا نعلم ما يقول حقا لاتبعناه .
وقال النسائي : حدثنا عمرو بن منصور ، حدثنا أبو نعيم ، عن مسعر ، عن محارب بن دثار ، عن جابر قال : صلى معاذ المغرب ، فقرأ البقرة والنساء ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " أفتان يا معاذ ؟ ما كان يكفيك أن تقرأ بالسماء والطارق ، والشمس وضحاها ، ونحو هذا ؟ " .
يقسم تعالى بالسماء وما جعل فيها من الكواكب النيرة ; ولهذا قال : ( والسماء والطارق )
قوله تعالى {والسماء والطارق} قَسَمان {السماء} قسم، و{الطارق} قسم. والطارق : النجم. وقد بينه اللّه تعالى بقوله {وما أدراك ما الطارق. النجم الثاقب}. واختلف فيه؛ فقيل : هو زحل : الكوكب الذي في السماء السابعة؛ ذكره محمد بن الحسن في تفسيره، وذكر له أخبارا، اللّه أعلم بصحتها. وقال ابن زيد : إنه الثريا. وعنه أيضا أنه زحل؛ وقاله الفراء. ابن عباس : هو الجدي. وعنه أيضا وعن علي بن أبي طالب - رضي اللّه عنهما - والفراء {النجم الثاقب} : نجم في السماء السابعة، لا يسكنها غيره من النجوم؛ فإذا أخذت النجوم أمكنتها من السماء، هبط فكان معها. ثم يرجع إلى مكانه من السماء السابعة، وهو زحل، فهو طارق حين ينزل، وطارق حين يصعد. وحكى الفراء : ثقب الطائر : إذا ارتفع وعلا. وروى أبو صالح عن ابن عباس قال : كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قاعدا مع أبي طالب، فانحط نجم، فامتلأت الأرض نورا، ففزع أبو طالب، وقال : أي شيء هذا؟ فقال : [هذا نجم رمي به، وهو آية من آيات اللّه] فعجب أبو طالب، ونزل {والسماء والطارق}. وروي عن ابن عباس أيضا {والسماء والطارق} قال : السماء وما يطرق فيها. وعن ابن عباس وعطاء {الثاقب} : الذي ترمي به الشياطين. قتادة : هو عام في سائر النجوم؛ لأن طلوعها بليل، وكل من أتاك ليلا فهو طارق. قال : ومثلك حبلي قد طرقت ومرضعا ** فألهيتها عن ذي تمائم مغيل وقال : ألم ترياني كلما جئت طارقا ** وجدت بها طيبا وإن لم تطيب فالطارق : النجم، اسم جنس، سمي بذلك لأنه يطرق ليلا، ومنه الحديث : [نهى النبي صلى اللّه عليه وسلم أن يطرق المسافر أهله ليلا، كي تستحد المغيبة، وتمتشط الشعثة]. والعرب تسمي كل قاصد في الليل طارقا. يقال : طرق فلان إذا جاء بليل. وقد طرق يطرق طروقا، فهو طارق. ولابن الرومي : يا راقد الليل مسرورا بأوله ** إن الحوادث قد يطرقن أسحارا لا تفرحن بليل طاب أوله ** فرب آخر ليل أجج النارا وفي الصحاح : والطارق : النجم الذي يقال له كوكب الصبح. ومنه قول هند : نحن بنات طارق ** نمشي على النمارق أي إن أبانا في الشرف كالنجم المضيء. الماوردي : وأصل الطرق : الدق، ومنه سميت المطرقة، فسمي قاصد الليل طارقا، لاحتياجه في الوصول إلى الدق. وقال قوم : إنه قد يكون نهارا. والعرب تقول؛ أتيتك اليوم طرقتين : أي مرتين. ومنه قوله صلى اللّه عليه وسلم : (أعوذ بك من شر طوارق الليل والنهار، إلا طارقا يطرق بخير يا رحمن). وقال جرير في الطروق : طرقتك صائدة القلوب وليس ذا ** حين الزيارة فارجعي بسلام ثم بين فقال {وما أدراك ما الطارق. النجم الثاقب} والثاقب : المضيء. ومنه {شهاب ثاقب}[
الصافات : 10]. يقال : ثقب يثقب ثقوبا وثقابة : إذا أضاء. وثقوبه : ضوئه. والعرب تقول : أثقب نارك؛ أي أضئها. قال : أذاع به في الناس حتى كأنه ** بعلياء نار أوقدت بثقوب الثقوب : ما تشعل به النار من دقاق العيدان. وقال مجاهد : الثاقب : المتوهج. القشيري والمعظم على أن الطارق والثاقب اسم جنس أريد به العموم، كما ذكرنا عن مجاهد. {وما أدراك ما الطارق} تفخيما لشأن هذا المقسم به. وقال سفيان : كل ما في القرآن {وما أدراك}؟ فقد أخبره به. وكل شيء قال فيه {وما يدريك} : لم يخبره به.
أقسم الله سبحانه بالسماء والنجم الذي يطرق ليلا وما أدراك ما عِظَمُ هذا النجم؟ هو النجم المضيء المتوهِّج. ما كل نفس إلا أوكل بها مَلَك رقيب يحفظ عليها أعمالها لتحاسب عليها يوم القيامة.
يقول [الله] تعالى: { وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ }
مكية
( والسماء والطارق ) قال الكلبي : نزلت في أبي طالب ، وذلك أنه أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأتحفه بخبز ولبن ، فبينما هو جالس يأكل إذ انحط نجم فامتلأ ماء ثم نارا ، ففزع أبو طالب وقال : أي شيء هذا ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : هذا نجم رمي به ، وهو آية من آيات الله - عز وجل - فعجب أبو طالب فأنزل الله - عز وجل - : " والسماء والطارق " وهذا قسم ، و " الطارق " النجم يظهر بالليل ، وما أتاك ليلا فهو طارق .
(وَالسَّماءِ) جار ومجرور متعلقان بفعل محذوف تقديره أقسم (وَالطَّارِقِ) معطوف على السماء.
Traslation and Transliteration:
Waalssamai waalttariqi
By the heaven and the Morning Star
Andolsun göğe ve geceleyin gelene.
Par le ciel et par l'astre nocturne
Bei dem Himmel und dem At-tariq,
![](/images/arrowtop.jpg) |
بيانات السورة |
اسم السورة |
سورة الطارق (At-Tariq - The Nightcommer) |
ترتيبها |
86 |
عدد آياتها |
17 |
عدد كلماتها |
61 |
عدد حروفها |
249 |
معنى اسمها |
(الطَّارِقُ): النَّجْمُ الْمُضِيءُ الْمُتَوَهِجُ الَّذِي يَطْلُعُ لَيْلًا |
سبب تسميتها |
انْفِرَادُ السُّورَةِ بِذِكْرِ مُفْرَدَةِ (الطَّارِقِ)، وَدِلَالَةُ هَذَا الاسْمِ عَلَى الْمَقْصِدِ الْعَامِّ لِلسُّورَةِ وَمَوضُوعَاتِهَا |
أسماؤها الأخرى |
اشتُهِرَتْ بِسُورَةِ (الطَّارِقِ)، وتُسَمَّى سُورَةَ: ﴿وَٱلسَّمَآءِ وَٱلطَّارِقِ﴾ |
مقاصدها |
إِثْبَاتُ عَقِيدَةِ الْبَعْثِ وَالنُّشُورِ، وَإِظْهَارُ نِعْمَةِ الْخَلْقِ عَلَى الْإِنْسَانِ |
أسباب نزولها |
سُورَةٌ مَكِّيَّةٌ، لَمْ تَصِحَّ رِوَايَةٌ فِي سَبَبِ نُزُولِهَا أَو فِي نُزُولِ بَعْضِ آيَاتِهَا |
فضلها |
خَصَّهَا النَّبِيُّ ﷺ فِي الصَّلَوَات، فَعَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ يَقْرَأُ في الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ بـ ﴿وَٱلسَّمَآءِ وَٱلطَّارِقِ﴾، ﴿وَٱلسَّمَآءِ ذَاتِ ٱلۡبُرُوجِ﴾، وَنَحْوِهِمَا مِنَ السُّوَرِ». (حَدِيثٌ صَحيحٌ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد) |
مناسبتها |
مُنَاسَبَةُ سُوْرَةِ (الطَارِقِ) لِمَا قَبْلَهَا مِنْ سُوْرَةِ (البُرُوجْ):لَمَّا وَصَفَ اللهُ تَعَالَى فِي (الْبُرُوجِ) السَّمَاءَ ذَاتَ الْمَنَازلِ لِلْكَوَاكِبِ وَالنُّجُومِ، نَاسَبَ ذِكْرَ نَجْمِ (الطَّارِقِ) بَعْدَهَا، وَهُوَ فِي تِلْكَ الْمَنَازِلِ |