«إن هذا لرزقنا ما له من نفاد» أي انقطاع والجملة حال من رزقنا أو خبر ثان لإن، أي دائما أو دائم.
قالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ (84) لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ (85)
فغلّب جزاء الإنسان على جزاء إبليس ، فإن اللّه ما جعل جزاءهما إلا جهنم وفيها عذاب إبليس ، فإن جهنم برد كلها ما فيها شيء من النارية ، فهو عذاب لإبليس أكثر من متبعه ، وإنما كان ذلك لأن إبليس طلب أن يشقي الغير ، فحار وباله عليه لما قصده ، فهو تنبيه من الحق لنا أن لا نقصد وقوع ما يؤدي إلى الشقاء لأحد ، فعذاب الشياطين من الجن في جهنم أكثر ما يكون بالزمهرير لا بالحرور ، وقد يعذب بالنار ، وبنو آدم أكثر عذابهم بالنار ، وسميت جهنم جهنما لأنها كريهة المنظر ، والجهام السحاب الذي هرق ماءه ، والغيث رحمة اللّه فلما أزال اللّه الغيث من السحاب بإنزاله أطلق عليه اسم الجهام ، لزوال الرحمة الذي هو الغيث منه ، كذلك الرحمة أزالها اللّه من جهنم ، فكانت كريهة المنظر والمخبر ، وسميت أيضا جهنم لبعد قعرها يقال : ركية جهنام ، انظر الإشارة سورة فاطر آية رقم 6 .
------------
(85) الفتوحات ج 3 /
368 - ج 1 /
134
ثم أخبر عن الجنة أنه لا فراغ لها ولا انقضاء ولا زوال ولا انتهاء فقال : ( إن هذا لرزقنا ما له من نفاد ) كقوله تعالى : ( ما عندكم ينفد وما عند الله باق ) [ النحل : 96 ] وكقوله ( عطاء غير مجذوذ ) [ هود : 108 ] وكقوله ( لهم أجر غير ممنون ) [ فصلت : 8 ] أي : غير مقطوع وكقوله : ( أكلها دائم وظلها تلك عقبى الذين اتقوا وعقبى الكافرين النار ) [ الرعد : 35 ] والآيات في هذا كثيرة جدا .
قوله تعالى: {واذكر إسماعيل واليسع وذا الكفل} وقد مضى ذكرهم. {وكل من الأخيار} أي ممن اختير للنبوة. {هذا ذكر} بمعنى هذا ذكر جميل في الدنيا وشرف يذكرون به في الدنيا أبدا. {وإن للمتقين لحسن مآب} أي لهم مع هذا الذكر الجميل في الدنيا حسن المرجع في القيامة. {جنات عدن} والعدن في اللغة الإقامة؛ يقال : عدن بالمكان إذا أقام. وقال عبدالله بن عمر : إن في الجنة قصرا يقال له عدن حوله البروج والمروج فيه خمسة آلاف باب على كل باب خمسة آلاف حبرة لا يدخله إلا نبي أو صديق أو شهيد. {مفتحة} حال {لهم الأبواب} رفعت الأبواب لأنه اسم ما لم يسم فاعله. قال الزجاج : أي مفتحة لهم الأبواب منها. وقال الفراء : مفتحة لهم أبوابها. وأجاز الفراء {مفتحة لهم الأبواب} بالنصب. قال الفراء : أي مفتحة الأبواب ثم جئت بالتنوين فنصبت. وأنشد هو وسيبويه : ونأخذ بعده بذناب عيش ** أجب الظهر ليس له سنام وإنما قال: {مفتحة} ولم يقل مفتوحة؛ لأنها تفتح لهم بالأمر لا بالمس. قال الحسن : تُكلم : انفتحي فتنفتح انغلقي فتنغلق. وقيل : تفتح لهم الملائكة الأبواب. قوله تعالى: {متكئين فيها} هو حال قدمت على العامل فيها وهو قوله: {يدعون فيها} أي يدعون في الجنات متكئين فيها. {بفاكهة كثيرة} أي بألوان الفواكه قوله تعالى: {وشراب} أي وشراب كثير فحذف لدلالة الكلام عليه. قوله تعالى: {وعندهم قاصرات الطرف} أي على أزواجهن لا ينظرن إلى غيرهم وقد مضى. {أتراب} أي على سن واحد. وميلاد امرأة واحدة، وقد تساوين في الحسن والشباب، بنات ثلاث وثلاثين سنة. قال ابن عباس : يريد الآدميات. و{أتراب} جمع ترب وهو نعت لقاصرات؛ لأن {قاصرات} نكرة وإن كان مضافا إلى المعرفة. والدليل على ذلك أن الألف واللام يدخلانه كما قال : من القاصرات الطرف لو دب محول ** من الذر فوق الإتب منها لأثرا قوله تعالى: {هذا ما توعدون ليوم الحساب} أي هذا الجزاء الذي وعدتم به. وقراءة العامة بالتاء أي ما توعدون أيها المؤمنون. وقرأ ابن كثير وابن محيصن وأبو عمرو ويعقوب بالياء على الخبر، وهي قراءة السلمي واختيار أبي عبيد وأبي حاتم؛ لقوله تعالى: {وإن للمتقين لحسن مآب} فهو خبر. {ليوم الحساب} أي في يوم الحساب، قال الأعشى : المهينين ما لهم لزمان السـ ** ـوء حتى إذا أفاق أفاقوا أي في زمان السوء. {إن هذا لرزقنا ما له من نفاد} دليل على أن نعيم الجنة دائم لا ينقطع؛ كما قال: {عطاء غير مجذوذ} [
هود : 108] وقال: {لهم أجر غير ممنون} [
التين : 6].
هذا النعيم هو ما توعدون به- أيها المتقون- يوم القيامة، إنه لَرزقنا لكم، ليس له فناء ولا انقطاع.
{ إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا } الذي أوردناه على أهل دار النعيم { مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍ } أي: انقطاع، بل هو دائم مستقر في جميع الأوقات، متزايد في جميع الآنات.
وليس هذا بعظيم على الرب الكريم، الرءوف الرحيم، البر الجواد، الواسع الغني، الحميد اللطيف الرحمن، الملك الديان، الجليل الجميل المنان، ذي الفضل الباهر، والكرم المتواتر، الذي لا تحصى نعمه، ولا يحاط ببعض بره.
( إن هذا لرزقنا ما له من نفاد ) فناء وانقطاع .
(إِنَّ هذا) إن واسمها (لَرِزْقُنا) اللام المزحلقة ورزقنا خبرها (ما) نافية (لَهُ) جار ومجرور خبر مقدم (مِنْ) حرف جر زائد (نَفادٍ) اسم مجرور لفظا مرفوع محلا مبتدأ مؤخر وجملة إن وما بعدها مقول قول محذوف
Traslation and Transliteration:
Inna hatha larizquna ma lahu min nafadin
Lo! this in truth is Our provision, which will never waste away.
Şüphe yok ki bu, elbette bizim.rızkımız, hem de öylesine ki bitip tükenmesi yok.
Ce sera Notre attribution inépuisable.
Gewiß, dies ist zweifelsohne Unser Rizq. Es gibt dafür kein Ende.
|
بيانات السورة |
اسم السورة |
سورة ص (Sad - The Letter "Saad") |
ترتيبها |
38 |
عدد آياتها |
88 |
عدد كلماتها |
735 |
عدد حروفها |
2991 |
معنى اسمها |
(ص): حَرْفٌ لا يَعْلَمُ مَعْنَاهُ إِلا اللهُ كَبَقِيَّةِ الحُرُوفِ المُقَطَّعَةِ فِي مُفْتَتَحِ بَعْضِ السُّوَر |
سبب تسميتها |
انْفِرَادُ السُّورَةِ بِمُفْتَتَحِ حَرْفِ (ص) دُونَ غَيرهَا مِن سُوَرِ القُرْآنِ؛ فَسُمِّيَت بِهِ |
أسماؤها الأخرى |
اشتُهِرَتْ بِسُورَةِ (ص)، وتُسَمَّى سُورَةَ (دَاوُدَ عليه السلام) |
مقاصدها |
بَيَانُ الحَقِّ، وَتَصْوِيرُ مَشَاهِدِهِ فِي الخُصُومَاتِ مِن خِلالِ الأَمْثِلَةِ الوَارِدَةِ فِي السُّورَةِ |
أسباب نزولها |
سُورَةٌ مَكِّيَّةٌ، وَقَدْ عَادَ النَّبِيُّ ﷺ عَمَّهُ أَبَا طَالِبٍ وَقُرَيشٌ عِنْدَهُ، فَقَالَ لَهُ عَمُّهُ: مَا شَأْنُ قَومِكَ يَشْكُونَكَ؟ قَالَ: «يَا عَمِّ أُرِيدُهُمْ عَلَى كَلِمَةٍ واحدةٍ تَدِيْنُ لَهُمُ بِهَا الْعَرَبُ وَتُؤَدِّي الْعَجَمُ إِلَيْهِمُ الْجِزْيَةَ». قَالَ: مَا هِيَ؟ قَالَ: «لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ». فَقَامُوا فَقَالُوا: أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا قَالَ وَنَزَلَ: ﴿صٓۚ وَٱلۡقُرۡءَانِ ذِي ٱلذِّكۡرِ ١﴾ إِلَى قَولهِ: ﴿إِنَّ هَٰذَا لَشَيۡءٌ عُجَابٞ ٥﴾». (حَدِيثٌ صَحيحٌ، رَوَاهُ ابنُ حِبَّان) |
فضلها |
لَمْ يَصِحَّ حَدِيثٌ أَو أَثَرٌ خَاصٌّ فِي فَضْلِ السُّورَةِ، سِوَى أَنـَّهَا مِنَ المَثَانِي |
مناسبتها |
مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (صٍ) بِآخِرِهَا: الحَدِيْثُ عَنْ فَضْلِ القُرْآنِ الكَرِيمِ، فَقَالَ فِي فَاتِحَتِهَا: ﴿صٓۚ وَٱلۡقُرۡءَانِ ذِي ٱلذِّكۡرِ ١﴾، وَقَالَ فِي خَاتِمَتِهَا: ﴿إِنۡ هُوَ إِلَّا ذِكۡرٞ لِّلۡعَٰلَمِينَ ٨٧﴾.
مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (صٍ) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (الصَّافَّاتِ): خُتِمَتِ (الصَّافَّاتُ) بِإِبْصَارِ الْكُفَّارِ بِهَلاكِهِمْ؛ فَقَالَ: ﴿وَأَبۡصِرۡ فَسَوۡفَ يُبۡصِرُونَ ١٧٥﴾، وَافْتُتِحَتْ (ص) بِالاعْتِبَارِ بِهَلاكِ مَنْ قَبْلَهُم؛ فقَالَ: ﴿كَمۡ أَهۡلَكۡنَا مِن قَبۡلِهِم مِّن قَرۡنٖ فَنَادَواْ وَّلَاتَ حِينَ مَنَاصٖ ٣﴾. |