«أيحسب» يظن «الإنسان أن يُترك سدى» هملا لا يكلف بالشرائع لا يحسب ذلك.
ثُمَّ أَوْلى لَكَ فَأَوْلى (35) يَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً (36)
فلينظر الإنسان ويتفكر ويعتبر أن اللّه ما خلقه سدى ، وإن طال المدى ، ومن نظر واهتدى ، وباع الضلالة بالهدى ، عجّل بالفدا ، من أجل تحكم الأعدا ، ومن عرف الضلالة والهدى لم يطل عليه المدى ، وعلم أن اللّه لا يترك خلقه سدى ، كما لم يتركه ابتدأ ،
وإن لم ينزل منازل السعداء ، فإن اللّه برحمته التي وسعت كل شيء لا يسرمد عليه الردا ،
وكيف يسرمده وهو عين الردا ، فهو في مقام الفدا ، وإشارة سهام العدا ، فله الرحمة آخرا خالدا مخلدا فيها أبدا .
------------
(36) الفتوحات ج 1 /
332 - ج 4 /
356 ، 29
وقوله : ( أيحسب الإنسان أن يترك سدى ) قال السدي : يعني : لا يبعث .
وقال مجاهد والشافعي وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم : يعني لا يؤمر ولا ينهى .
والظاهر أن الآية تعم الحالين ، أي : ليس يترك في هذه الدنيا مهملا لا يؤمر ولا ينهى ، ولا يترك في قبره سدى لا يبعث ، بل هو مأمور منهي في الدنيا ، محشور إلى الله في الدار الآخرة . والمقصود هنا إثبات المعاد ، والرد على من أنكره من أهل الزيغ والجهل والعناد ، ولهذا قال مستدلا على الإعادة بالبداءة فقال .
قوله تعالى {أيحسب الإنسان} أي يظن ابن آدم {أن يترك سدى} أي أن يخلى مهملا، فلا يؤمر ولا ينهى؛ قال ابن زيد ومجاهد، ومنه إبل سدى : ترعى بلا راع. وقيل : أيحسب أن يترك في قبره كذلك أبدا لا يبعث. وقال الشاعر : فأقسم بالله جهد اليميــ ** ــن ما ترك الله شيئا سدى قوله تعالى {ألم يك نطفة من مني يمنى} أي من قطرة ماء تمنى في الرحم، أي تراق فيه؛ ولذلك سميت مني لإراقة الدماء. وقد تقدم. والنطفة : الماء القليل؛ يقال : نطف الماء : إذا قطر. أي ألم يك ماء قليلا في صلب الرجل وترائب المرأة. وقرأ حفص {من مني يمنى} بالياء، وهي قراءة ابن محيصن ومجاهد ويعقوب وعياش عن أبي عمرو، واختاره أبو عبيد لأجل المني. الباقون بالتاء لأجل النطفة، واختاره أبو حاتم. {ثم كان علقة} أي دما بعد النطفة، أي قد رتبه تعالى بهذا كله على خسة قدره. ثم قال {فخلق} أي فقدر {فسوى} أي فسواه تسوية، وعدله تعديلا، بجعل الروح فيه {فجعل منه} أي من الإنسان. وقيل : من المني. {الزوجين الذكر والأنثى} أي الرجل والمرأة. وقد احتج بهذا من رأى إسقاط الخنثى. وقد مضى في سورة الشورى أن هذه الآية وقرينتها إنما خرجتا مخرج الغالب. وقد مضى في أول سورة النساء أيضا القول فيه، وذكرنا في آية المواريث حكمه، فلا معنى لإعادته. {أليس ذلك بقادر} أي أليس الذي قدر على خلق هذه النسمة من قطرة من ماء {بقادر على أن يحيي الموتى} أي على أن يعيد هذه الأجسام كهيئتها للبعث بعد البلى. وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا قرأها قال : [سبحانك اللهم، بلى] وقال ابن عباس. من قرأ {سبح اسم ربك الأعلى}[
الأعلى : 1] إماما كان أوغيره فليقل{سبحان ربي الأعلى} ومن قرأ {لا أقسم بيوم القيامة}[
القيامة : 1] إلى آخرها إماما كان أو غيره فليقل {سبحانك اللهم بلى} ذكره الثعلبي من حديث أبي إسحاق السبيعي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس. ختمت السورة والحمد لله.
أيظنُّ هذا الإنسان المنكر للبعث أن يُترك هَمَلا لا يُؤمر ولا يُنْهى، ولا يحاسب ولا يعاقب؟ ألم يك هذا الإنسان نطفة ضعيفة من ماء مهين يراق ويصب في الأرحام، ثم صار قطعة من دم جامد، فخلقه الله بقدرته وسوَّى صورته في أحسن تقويم؟ فجعل من هذا الإنسان الصنفين: الذكر والأنثى، أليس ذلك الإله الخالق لهذه الأشياء بقادر على إعادة الخلق بعد فنائهم؟ بلى إنه - سبحانه وتعالى- لقادر على ذلك.
{ أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى } أي: معطلا ، لا يؤمر ولا ينهى، ولا يثاب ولا يعاقب؟ هذا حسبان باطل وظن بالله بغير ما يليق بحكمته.
"أيحسب الإنسان أن يترك سدى"، هملاً لا يؤمر ولا ينهى، وقال السدي: معناه المهمل وإبل سدى إذا كانت ترعى حيث شاءت بلا راع.
(أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ) الهمزة حرف استفهام، ومضارع وفاعله و(أَنْ يُتْرَكَ) مضارع مبني للمجهول منصوب بأن وفاعله مستتر والجملة مستأنفة (سُدىً) حال والمصدر المؤول من أن والفعل سد مسد مفعولي يحسب.
Traslation and Transliteration:
Ayahsabu alinsanu an yutraka sudan
Thinketh man that he is to be left aimless?
Yoksa insan, sanır mı ki kendi keyfine bırakılır?
L'homme pense-t-il qu'on le laissera sans obligation à observer?
Denkt der Mensch etwa, daß er als etwas Vernachlässigtes bleibt?!
![](/images/arrowtop.jpg) |
بيانات السورة |
اسم السورة |
سورة القيامة (Al-Qiyamat - The Resurrection) |
ترتيبها |
75 |
عدد آياتها |
40 |
عدد كلماتها |
164 |
عدد حروفها |
664 |
معنى اسمها |
(الْقِيَامَةُ): مِنْ أَسْمَاءِ يَومِ الْقِيَامَةِ، وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّ النَّاسَ يَقُومُونَ مِنْ قُبُورِهِمْ يُبْعَثُونَ لِلْحِسَابِ |
سبب تسميتها |
دِلَالَةُ هَذَا الاسْمِ عَلَى المَقصِدِ العَامِّ لِلسُّورةِ وَمَوضُوعَاتِهَا |
أسماؤها الأخرى |
اشتُهِرَتْ بِسُورَةِ (الْقِيَامَةِ)، وتُسَمَّى سُورَةَ: ﴿لَآ أُقۡسِمُ بِيَوۡمِ ٱلۡقِيَٰمَةِ﴾ |
مقاصدها |
إِثْبَاتُ عَقِيدَةِ الْبَعْثِ وَالْحِسَابِ وَالْجَزَاءِ |
أسباب نزولها |
سُورَةٌ مَكِّيَّةٌ، لَمْ يُنقَل سَبَبٌ لِنـُزُوْلِهَا جُملَةً وَاحِدَةً، ولكِنْ صَحَّ لِبَعْضِ آياتِهَا سَبَبُ نُزُولٍ |
فضلها |
مِنَ النَّظَائِرِ الَّتِي كَانَ يَقرَأُ بِهَا النَّبِيُّ ﷺ فِي الصَّلَوَاتِ، فَفِي حَدِيثِ ابنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه الطَّويْلِ قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَقْرَأُ النَّظَائِرَ، السُّورَتَيْنِ فِي رَكْعَةٍ، ... (وَهَلْ أَتَى وَلاَ أُقْسِمُ بِيَومِ الْقِيَامَةِ) فِي رَكْعَةٍ». (حَدِيثٌ صَحيحٌ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد) |
مناسبتها |
مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (الْقِيَامَةِ) بِآخِرِهَا: تَذْكِيرُ الْإِنْسَانِ بِخَلْقِهِ وَهِدَايَتِهِ، فَقَالَ فِي أَوَّلِهَا: ﴿أَيَحۡسَبُ ٱلۡإِنسَٰنُ أَلَّن نَّجۡمَعَ عِظَامَهُۥ ٣﴾، وَقَالَ فِي أَوَاخِرِهَا: ﴿أَيَحۡسَبُ ٱلۡإِنسَٰنُ أَن يُتۡرَكَ سُدًى ٣٦﴾.
مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (الْقِيَامَةِ) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (الْمُدَّثِّرِ): لَمَّا خَتَمَ اللهُ تَعَالَى (الْمُدَّثِّرَ) بِذِكْرِ الْيَومِ الْآخِرِ بِقَولِهِ: ﴿كَلَّاۖ بَل لَّا يَخَافُونَ ٱلۡأٓخِرَةَ ٥٣﴾، افْتَتَحَ (الْقِيَامَةَ) بِتَفَصِيلِ هَذَا الْيَومِ؛ فَقَالَ: ﴿لَآ أُقۡسِمُ بِيَوۡمِ ٱلۡقِيَٰمَةِ ١﴾... الآيَات |