الفتوحات المكية

اقتباسات ملهمة من الفتوحات المكية (... المزيد)


الصفة بل تصرف فيما أباحه الله له وقد كان قبل هذه الصفة من أهل الحدود فجاوزها بعد حفظها فهذا أعطاه شرف العلم مع وجود عقل التكليف بخلاف صاحب الحال فإن حكم صاحب الحال حكم المجنون الذي ارتفع عنه القلم فلا يكتب لا له ولا عليه وهذا يكتب له ولا عليه فهذا قدر ما بين العلم والحال فما أشرف العلم فالمحب إذا كان صاحب علم هو أتم من كونه صاحب حال فالحال في هذه الدار الدنيا نقص وفي الآخرة تمام والعلم هنا تمام وفي الآخرة تمام وأتم المحب الله لما علم من عباده المحبين له أنهم غير مطالبين لله ما أوجبه لهم على نفسه جاوزوا الحدود بعد حفظها فأعطاهم ما أوجبه على نفسه وهو حفظها ثم أعطاهم بغير حساب وهو مجاوزته الحدود فإن الحد الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف ومجاوزة الحدود الزيادة في قوله لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى‏ وهو حفظ الحد وزِيادَةٌ وهي ما جاوز الحد هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ‏

--- المزيد من الاقتباسات من الفتوحات المكية

نعت المحب بأنه غيور على محبوبه منه‏

وهذا أحق ما يوجد في حق من يحب الله وهذا مقام الشبلي أداه إلى ذلك تعظيم محبوبه في نفسه وحقارة قدره فرأى أنه لا يليق بذلك الجناب العزيز إدلال المحبين فإن المحبين لهم إدلال في الحضرة الإلهية إلا المحبين الموصوفين بالغيرة فإنهم لا إدلال لهم لما غلب عليهم من التعظيم فهم الموصوفون بالكتمان وسببه الغيرة والغيرة من نعوت المحبة فهم لا يظهرون عند العالم بأنهم من المحبين وهذا مقام رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم فإنه وصف نفسه بأنه أغير من سعد بعد ما وصف سعدا بأنه غيور فإني ببنية المبالغة في غيرة سعد ثم‏

ذكر أنه صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم أغير من سعد

فستر محبته وما لها من الوجد فيه بالمزاح وملاعبة الصغير وإظهار حبه فيمن أحبه من أزواجه وأولاده وأصحابه هذا كله من باب الغيرة وقوله إِنَّما أَنَا بَشَرٌ فلم يجعل عند نفسه أنه من المحبين فجهلته طبيعته وتخيلت أنه معها لما رأته يمشي في حقها أو يؤثرها ولم تعلم بأن ذلك عن أمر محبوبه إياه بذلك‏

فقيل إن محمدا صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم يحب عائشة والحسن والحسين وترك الخطبة يوم الجمعة ونزل إلي

--- المزيد من الاقتباسات من الفتوحات المكية

نعت المحب بأنه يحكم حبه فيه على قدر عقله‏

لأن عقله قيده فعقله قيده وما خاطب تعالى إلا العقلاء وهم الذين تقيدوا بصفاتهم وميزوها عن صفات خالقهم فلما وقع التباين حصل التقييد فكان العقل ولهذا أدلة العقول تميز بين الحق والعبد والخالق والمخلوق فمن وقف مع عقله في حال حبه لم يتمكن أن يقبل من سلطان الحب إلا ما يقتضيه دليله النظري ومن وقف مع قبول عقله لا مع نظر عقله فقبل من الحق ما وصف به نفسه تحكم فيه سلطان الحب بحسب ما قبله عقله من ذلك فالعقل بين النظر والقبول فحكم الحب في العقل الناظر والقابل ليس على السواء فافهم فإن هنا أسرارا المحب الله نسبة العقل إلينا نسبة العلم إليه فلا يكون إلا ما سبق به علمه كما لا يكون منا إلا قدر ما اقتضاه عقلنا فحكم حبه في خلقه لا يجاوز علمه وحكم حبنا فيه لا يجاوز عقلنا نظرا أو قبولا فافهم‏

--- المزيد من الاقتباسات من الفتوحات المكية

أن خطافا راود خطافة كان يحبها في قبة لسليمان عليه السلام وكان سليمان عليه السلام في القبة فسمعه وهو يقول لها لقد بلغ مني حبك أن لو قلت لي أهدم هذه القبة على سليمان لفعلت فاستدعاه سليمان عليه السلام وقال له ما هذا الذي سمعته منك فقال يا سليمان لا تعجل على إن للمحب لسانا لا يتكلم به إلا المجنون وأنا أحب هذه الأنثى فقلت ما سمعت والعشاق ما عليهم من سبيل فإنهم يتكلمون بلسان المحبة لا بلسان العلم والعقل فضحك سليمان ورحمه ولم يعاقبه‏

فهذا جرح قد جعله جبارا وأهدره ولم يؤاخذه به كذلك المحب لله كل ما أعطاه إدلال الحب وصدق المودة من الخلل في ظاهر الأمر لا يؤاخذ به المحب فإن ذلك حكم الحب والحب مزيل للعقل وما يؤاخذ الله إلا العقلاء

--- المزيد من الاقتباسات من الفتوحات المكية


يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!