﴿أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذٰا دَعٰاهُ وَ يَكْشِفُ السُّوءَ﴾ [النمل:62] فقرن للمضطر إذا دعاه الإجابة و كشف السوء عنه و هذا آمن لله خالصا و ما دعاه في البقاء في الحياة الدنيا خوفا من العوارض أو يحال بينه و بين هذا الإخلاص الذي جاءه في هذه الحال فرجح جانب لقاء اللّٰه على البقاء بالتلفظ بالإيمان و جعل ذلك الغرق ﴿نَكٰالَ الْآخِرَةِ وَ الْأُولىٰ﴾ [النازعات:25] فلم يكن عذابه أكثر من غم الماء الأجاج و قبضه على أحسن صفة هذا ما يعطي ظاهر اللفظ و هذا معنى قوله ﴿إِنَّ فِي ذٰلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشىٰ﴾ [النازعات:26] يعني في أخذه نكال الآخرة و الأولى و قدم ذكر الآخرة و أخر الأولى ليعلم أن ذلك العذاب أعني عذاب الغرق هو نكال الآخرة فلذلك قدمها في الذكر على الأولى و هذا هو الفضل العظيم
[أثر مخاطبة اللين في الأمور]
فانظر يا ولي ما أثرت مخاطبة اللين و كيف أثمرت هذه الثمرة فعليك أيها التابع باللين في الأمور فإن النفوس الآبية تنقاد بالاستمالة ثم أمره بالرفق بصاحبه صاحب النظر و كان سبب هذا الأمر من هارون لأنه حصل له هذا ذوقا من نفسه حين أخذ موسى برأسه ﴿يَجُرُّهُ إِلَيْهِ﴾ [الأعراف:150]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية