(فأخذه الله) أهلكه بالغرق (نكال) عقوبة (الآخرة) أي هذه الكلمة (والأولى) أي قوله قبلها: "" ما علمت لكم من إله غيري "" وكان بينهما أربعون سنة.
يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها (42) فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْراها (43) إِلى رَبِّكَ مُنْتَهاه (44)
فمنتهاها ربها .
------------
(44) الفتوحات ج 2 /
43
قال الله تعالى : ( فأخذه الله نكال الآخرة والأولى ) أي : انتقم الله منه انتقاما جعله به عبرة ونكالا لأمثاله من المتمردين في الدنيا ، ( ويوم القيامة بئس الرفد المرفود ) [ هود : 99 ] ، كما قال تعالى : ( وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار ويوم القيامة لا ينصرون ) [ القصص : 41 ] . هذا هو الصحيح في معنى الآية ، أن المراد بقوله : ( نكال الآخرة والأولى ) أي : الدنيا والآخرة ، وقيل : المراد بذلك كلمتاه الأولى والثانية . وقيل : كفره وعصيانه . والصحيح الذي لا شك فيه الأول .
قوله تعالى {هل أتاك حديث موسى} أي قد جاءك وبلغك {حديث موسى} وهذا تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم. أي إن فرعون كان أقوى من كفار عصرك، ثم أخذناه، وكذلك هؤلاء. وقيل {هل} بمعنى {ما} أي ما أتاك، ولكن أخبرت به، فإن فيه عبرة لمن يخشى. وقد مضى من خبر موسى وفرعون في غير موضع ما فيه كفاية. وفي {طوى} ثلاث قراءات : قرأ ابن محيصن وابن عامر والكوفيون {طوى} منونا واختاره أبو عبيد لخفة الاسم. الباقون بغير تنوين؛ لأنه معدول مثل عمر وقثم قال الفراء : طوى : واد بين المدينة ومصر. قال : وهو معدول عن طاو، كما عدل عمر عن عامر. وقرأ الحسن وعكرمة {طوى} بكسر الطاء، وروي عن أبي عمرو، على معنى المقدس مرة بعد مرة؛ قال الزجاج؛ وأنشد : أعاذل إن اللوم في غير كنهه ** علي طوى من غيك المتردد أي هو لوم مكرر علي. وقيل : ضم الطاء وكسرها لغتان، وقد مضى في [طه] القول فيه. {اذهب إلى فرعون} أي ناداه ربه، فحذف، لأن النداء قول؛ فكأنه؛ قال له رب {أذهب إلى فرعون}. {إنه طغى} أي جاوز القدر في العصيان. وروي عن الحسن قال : كان فرعون علجا من همدان. وعن مجاهد قال : كان من أهل إصطخر. وعن الحسن أيضا قال : من أهل أصبهان، يقال له ذو ظفر، طول أربعة أشبار. {فقل هل لك إلى أن تزكى} أي تسلم فتطهر من الذنوب. وروى الضحاك عن ابن عباس قال : هل لك أن تشهد أن لا إله إلا الله. {وأهديك إلى ربك} أي وأرشدك إلى طاعة ربك {فتخشى} أي تخافه وتتقيه. وقرأ نافع وبن كثير {تزكى} بتشديد الزاي، على إدغام التاء في الزاي لأن أصلها تتزكى. الباقون {تزكى} بتخفيف الزاي على معنى طرح التاء. وقال أبو عمرو {تزكى} بالتشديد [تتصدق بـ] الصدقة، و{تزكى} يكون زكيا مؤمنا. وإنما دعا فرعون ليكون زكيا مؤمنا. قال : فلهذا اخترنا التخفيف. وقال صخر بن جويرية : لما بعث الله موسى إلى فرعون قال له {أذهب إلى فرعون} إلى قول {وأهديك إلى ربك فتخشى} ولن يفعل، فقال : يا رب، وكيف أذهب إليه وقد علمت أنه لا يفعل؟ فأوحى الله إليه أن أمض إلى ما أمرتك به، فإن في السماء اثني عشر ألف ملك يطلبون علم القدر، فلم يبلغوه ولا يدركوه. {فأراه الآية الكبرى} أي العلامة العظمى وهي المعجزة وقيل : العصا. وقيل : اليد البيضاء تبرق كالشمس. وروى الضحاك عن ابن عباس : الآية الكبرى قال العصا. الحسن : يده وعصاه. وقيل : فلق البحر. وقيل : الآية : إشارة إلى جميع آياته ومعجزاته. {فكذب} أي كذب نبي الله موسى {وعصى} أي عصى ربه عز وجل. {ثم أدبر يسعى} أي ولى مدبرا معرضا عن الإيمان {يسعى} أي يعمل بالفساد في الأرض. وقيل : يعمل في نكاية موسى. وقيل {أدبر يسعى} هاربا من الحية. {فحشر} أي جمع أصحابه يمنعوه منها. وقيل : جمع جنوده للقتال والمحاربة، والسحرة للمعارضة. وقيل : حشر الناس للحضور. {فنادى} أي قال لهم بصوت عال {أنا ربكم الأعلى} أي لا رب لكم فوقي. ويروى : إن إبليس تصور لفرعون في صورة الإنس بمصر في الحمام، فأنكره فرعون، فقال له إبليس : ويحك! أما تعرفني؟ قال : لا. قال : وكيف وأنت خلقتني؟ ألست القائل أنا ربكم الأعلى. ذكره الثعلبي في كتاب العرائس. وقال عطاء : كان صنع لهم أصناما صغارا وأمرهم بعبادتها، فقال أنا رب أصنامكم. وقيل : أراد القادة والسادة. هو ربهم، وأولئك، هم أرباب السفلة. وقيل : في الكلام تقديم وتأخير؛ فنادى فحشر؛ لأن النداء يكون قبل الحشر. {فأخذه الله نكال الآخرة والأولى} أي نكال قوله {ما علمت لكم من إله غيري}[
القصص : 38] وقوله بعد {أنا ربكم الأعلى}[
النازعات : 24] قاله ابن عباس ومجاهد وعكرمة. وكان بين الكلمتين أربعون سنة؛ قال ابن عباس. والمعنى : أمهله في الأولى، ثم أخذه في الآخرة، فعذبه بكلمتيه. وقيل : نكال الأولى : هو أن أغرقه، ونكال الآخرة : العذاب في الآخرة. وقال قتادة وغيره. وقال مجاهد : هو عذاب أول عمره وأخره. وقيل : الآخرة قوله {أنا ربكم الأعلى} والأولى تكذيبه لموسى. عن قتادة أيضا. و {نكال} منصوب على المصدر المؤكد في قول الزجاج؛ لأن معنى أخذه الله : نكل، الله به، فأخرج [نكال] مكان مصدر من معناه، لا من لفظه. وقيل : نصب بنزع حرف الصفة. أي فأخذه الله بنكال الآخرة، فلما نزع الخافض نصب. وقال الفراء : أي أخذه الله أخذا نكالا، أي للنكال. والنكال : اسم لما جعل نكالا للغير أي عقوبة له حتى يعتبر به. يقال : نكل فلان بفلان : إذا أثخنه عقوبة. والكلمة من الامتناع، ومنه النكول عن اليمين، والنكل القيد. وقد مضى في سورة المزمل والحمد لله. {إن في ذلك لعبرة} أي اعتبارا وعظة. {لمن يخشى} أي يخاف الله عز وجل.
فجمع أهل مملكته وناداهم، فقال: أنا ربكم الذي لا ربَّ فوقه، فانتقم الله منه بالعذاب في الدنيا والآخرة، وجعله عبرة ونكالا لأمثاله من المتمردين. إن في فرعون وما نزل به من العذاب لموعظةً لمن يتعظ وينزجر.
{ فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى } أي: صارت عقوبته دليلا وزاجرا، ومبينة لعقوبة الدنيا والآخرة،
( فأخذه الله نكال الآخرة والأولى ) قال الحسن وقتادة : عاقبه الله فجعله نكال الآخرة والأولى ، أي في الدنيا بالغرق وفي الآخرة بالنار .
وقال مجاهد وجماعة من المفسرين : أراد بالآخرة والأولى كلمتي فرعون قوله : " ما علمت لكم من إله غيري " ( القصص - 38 ) وقوله : " أنا ربكم الأعلى " وكان بينهما أربعون سنة .
(فَأَخَذَهُ اللَّهُ) ماض ومفعوله ولفظ الجلالة فاعله والجملة معطوفة على ما قبلها و(نَكالَ الْآخِرَةِ) مفعول مطلق مضاف إلى الآخرة و(الْأُولى) معطوف على الآخرة
Traslation and Transliteration:
Faakhathahu Allahu nakala alakhirati waaloola
So Allah seized him (and made him) an example for the after (life) and for the former.
Derken Allah onu, dünyada da, ahirette de azaplandırarak helak etmişti.
Alors Allah le saisit de la punition exemplaire de l'au-delà et de celle d'ici-bas.
Dann belangte ALLAH ihn mit der harten Bestrafung für das Letzte und Erste.
![](/images/arrowtop.jpg) |
بيانات السورة |
اسم السورة |
سورة النازعات (An-Nazi'at - Those who drag forth) |
ترتيبها |
79 |
عدد آياتها |
46 |
عدد كلماتها |
179 |
عدد حروفها |
762 |
معنى اسمها |
نَزَعَ الشّيءَ: اقْتَلَعَهُ وَأَزَالَهُ وَخَلَعَهُ. وَالمُرَادُ (بِالنَّازِعَاتِ): الْمَلائِكَةُ تَنْزِعُ أَرْوَاحَ الْكُفَّارِ الْخَبِيثَةِ مِنْ أَجْسَادِهِمْ بِشِدَّةٍ وَعُسْرٍ |
سبب تسميتها |
انْفِرَادُ السُّورَةِ بِوَصْفِ المَلَائِكَةِ (بِالنَّازِعَاتِ)، وَدِلَالَةُ هَذَا الاسْمِ عَلَى الْمَقْصِدِ الْعَامِّ لِلسُّورَةِ وَمَوضُوعَاتِهَا |
أسماؤها الأخرى |
اشتُهِرَتْ بِسُورَةِ (النَّازِعَاتِ)، وَتُسَمَّى سُورَةَ (السَّاهِرَةِ)، وَسُورَةَ (الطَّامَّةِ) |
مقاصدها |
إِثْبَاتُ عَقِيدَةِ الْيَومِ الآخِرِ وَالْبَعْثِ وَالنُّشُورِ وَانْقِسَامِ النَّاسِ يَومَ الْقِيَامَةِ |
أسباب نزولها |
سُورَةٌ مَكِّيَّةٌ، لَمْ يُنقَل سَبَبٌ لِنـُزُوْلِهَا جُملَةً وَاحِدَةً، ولكِن صَحَّ لِبَعْضِ آيَاتِها سَبَبُ نُزُولٍ |
فضلها |
مِنَ النَّظَائِرِ الَّتِي كَانَ يَقرَأُ بِهَا النَّبِيُّ ﷺ فِي الصَّلَوَاتِ، فَفِي حَدِيثِ ابنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه الطَّويْلِ قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَقْرَأُ النَّظَائِرَ، السُّورَتَيْنِ فِي رَكْعَةٍ، .... (وَسَأَلَ سَائِلٌ وَالنَّازِعَاتِ) فِي رَكْعَةٍ». (حَدِيثٌ صَحيحٌ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد) |
مناسبتها |
مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (النَّازِعَاتِ) بِآخِرِهَا: تَقْرِيرُ يَومِ الْقِيَامَةِ، فَافْتُتِحَتْ بِمَجْمُوعَةِ أَقْسَامٍ لِتَقْرِيرِ يَومِ الْقِيَامَةِ، فَقَالَ: ﴿يَوۡمَ تَرۡجُفُ ٱلرَّاجِفَةُ ٦ تَتۡبَعُهَا ٱلرَّادِفَةُ ٧﴾... الآيَاتِ، وَخُتِمَتْ بِذِكْرِ السَّاعَةِ، فَقَالَ: ﴿يَسۡـَٔلُونَكَ عَنِ ٱلسَّاعَةِ أَيَّانَ مُرۡسَىٰهَا ٤٢﴾.
مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (النَّازِعَاتِ) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (النَّبَإِ): لَمَّا خُتِمَتْ سُورَةُ (النَّبَإِ) بِقَولِ الْكَافِرِ: ﴿يَٰلَيۡتَنِي كُنتُ تُرَٰبَۢا ٤٠﴾، نَاسَبَ افْتِتَاحَ (النَّازِعَاتِ) بِوَصْفِ نَزْعِ رُوحِهِ بِشِدَّةٍ فِي قَولِهِ: ﴿وَٱلنَّٰزِعَٰتِ غَرۡقٗا ١﴾ |