﴿فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمٰانُهُمْ لَمّٰا رَأَوْا بَأْسَنٰا﴾ [غافر:85] فكلام محقق في غاية الوضوح فإن النافع هو اللّٰه فما نفعهم إلا اللّٰه و قوله ﴿سُنَّتَ اللّٰهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبٰادِهِ﴾ [غافر:85] يعني الايمان عند رؤية البأس الغير المعتاد و قد قال ﴿وَ لِلّٰهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمٰاوٰاتِ وَ الْأَرْضِ طَوْعاً وَ كَرْهاً﴾ [الرعد:15] فغاية هذا الايمان أن يكون كرها و قد أضافه الحق إليه سبحانه و الكراهة محلها القلب و الايمان محله القلب و اللّٰه لا يأخذ العبد بالأعمال الشاقة عليه من حيث ما يجده من المشقة فيها بل يضاعف له فيها الأجر و أما في هذا الموطن فالمشقة منه بعيدة بل جاء طوعا في إيمانه و ما عاش بعد ذلك كما قال في راكب البحر عند ارتجاجه ﴿ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلاّٰ إِيّٰاهُ﴾ [الإسراء:67] فنجاهم فلو قبضهم عند نجاتهم لماتوا موحدين و قد حصلت لهم النجاة فقبض فرعون و لم يؤخر في أجله في حال إيمانه لئلا يرجع إلى ما كان عليه من الدعوى ثم قوله تعالى في تتميم قصته هذه ﴿وَ إِنَّ كَثِيراً مِنَ النّٰاسِ عَنْ آيٰاتِنٰا لَغٰافِلُونَ﴾ [يونس:92] و قد أظهرت نجاتك آية أي علامة على حصول النجاة فغفل أكثر الناس عن هذه الآية و قضوا على المؤمن بالشقاء و أما قوله ﴿فَأَوْرَدَهُمُ النّٰارَ﴾ [هود:98] فما فيه نص أنه يدخلها معهم بل قال اللّٰه ﴿أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ﴾ [غافر:46] و لم يقل أدخلوا فرعون و آله و رحمة اللّٰه أوسع من حيث أن لا يقبل إيمان المضطر و أي اضطرار أعظم من اضطرار فرعون في حال الغرق و اللّٰه يقول
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية