الفتوحات المكية

المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة غافر: [الآية 46]

سورة غافر
ٱلنَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا ۖ وَيَوْمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ أَدْخِلُوٓا۟ ءَالَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ ٱلْعَذَابِ ﴿46﴾

تفسير الجلالين:

ثم (النار يعرضون عليها) يحرقون بها «غدوا وعشيا» صباحا ومساءً «ويوم تقوم الساعة» يقال «ادخلُوا» يا «آل فرعون» وفي قراءة: بفتح الهمزة وكسر الخاء أمر للملائكة «أشد العذاب» عذاب جهنم.

تفسير الشيخ محي الدين:

هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ فَإِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (68)


لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللَّهِ أَنَّى يُصْرَفُونَ (69) الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتابِ وَبِما أَرْسَلْنا بِهِ رُسُلَنا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (70) إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ (71) فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ (72)

ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ (73) مِنْ دُونِ اللَّهِ قالُوا ضَلُّوا عَنَّا بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُوا مِنْ قَبْلُ شَيْئاً كَذلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ الْكافِرِينَ (74) ذلِكُمْ بِما كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِما كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ (75) ادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (76) فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنا يُرْجَعُونَ (77)

وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ وَما كانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ فَإِذا جاءَ أَمْرُ اللَّهِ قُضِيَ بِالْحَقِّ وَخَسِرَ هُنالِكَ الْمُبْطِلُونَ (78) اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَنْعامَ لِتَرْكَبُوا مِنْها وَمِنْها تَأْكُلُونَ (79)

وَلَكُمْ فِيها مَنافِعُ وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْها حاجَةً فِي صُدُورِكُمْ وَعَلَيْها وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ (80) وَيُرِيكُمْ آياتِهِ فَأَيَّ آياتِ اللَّهِ تُنْكِرُونَ (81) فَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثاراً فِي الْأَرْضِ فَما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ (82)

فَلَمَّا جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَرِحُوا بِما عِنْدَهُمْ


مِنَ الْعِلْمِ وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (83) فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا قالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنا بِما كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ (84) فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبادِهِ وَخَسِرَ هُنالِكَ الْكافِرُونَ (85)

[ «فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا . . .» الآية :]

إن الإنسان ولد على الفطرة ، وهو العلم بوجود الرب أنه ربنا ونحن عبيد له ، والإنسان لا يقبض حين يقبض إلا بعد كشف الغطاء ، فلا يقبض إلا مؤمنا ، ولا يحشر إلا مؤمنا ، فلا يموت أحد من أهل التكليف إلا مؤمنا عن علم وعيان محقق ، لا مرية فيه ولا شك ، من العلم باللّه والإيمان به خاصة ، هذا هو الذي يعمّ ، غير أن اللّه تعالى لما قال : «فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا» ولا بأس أشد من الموت ، فما بقي إلا هل ينفعه ذلك الإيمان أم لا ؟ فما آمنوا إلا ليندفع عنهم ذلك البأس ، فما اندفع عنهم ، وأخذهم اللّه بذلك البأس ، فما رفع العقوبة عنهم إلا من اختصه اللّه ، وما ذكر أنه لا ينفعهم في الآخرة ،

ويؤيد ذلك قوله تعالى : (فَلَوْ لا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِيمانُها إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا)

حين رأوا البأس (كَشَفْنا عَنْهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا)

فهذا معنى قولنا «فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ» في رفع البأس عنهم في الحياة الدنيا كما نفع قوم يونس ، فما تعرض إلى الآخرة ،

أما الاستثناء هنا فلا حكم على اللّه في خلقه ، وأما نفع ذلك الإيمان في المآل فإن ربك فعال لما يريد ، ومع هذا فإن اللّه يقيم حدوده على عباده حيث شاء ، ومتى شاء ، فقوله تعالى : «سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبادِهِ» هو موضع استشهادنا ، فحقت كلمة اللّه وجرت سنته في عباده ، أن الإيمان في ذلك الوقت لا يدفع عن المؤمن العذاب الذي أنزله بهم في ذلك الوقت ، إلا قوم يونس ، كما لا ينفع السارق توبته عند الحاكم فيرفع عنه حد القطع ، ولا الزاني مع توبته عند الحاكم ، مع علمنا بأنه تاب بقبول التوبة عند اللّه ، وحديث ماعز في ذلك صحيح أنه تاب توبة لو قسمت على أهل المدينة لوسعتهم ؛ ومع هذا لم يدفع عنه الحد ، بل أمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم برجمه ، كذلك كل من آمن باللّه عند رؤية البأس من الكفار ، إن الإيمان لا يرفع البأس عنهم مع قبول اللّه إيمانهم في الدار الآخرة ، فيلقونه ولا ذنب لهم ، فإنهم ربما لو عاشوا بعد ذلك اكتسبوا أوزارا ، فالرجعة إلى اللّه عند رؤية البأس وحلول العذاب نافعة في الآخرة


وإن لم يكشف عنهم العذاب في الدنيا ، وما اختص قوم يونس إلا بالكشف عنهم في الحياة الدنيا عند رجعتهم ، فيكون معنى قوله «فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا» يعني في الدنيا ، فإن اللّه يقول : (وَأَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) فقول اللّه تعالى في هذه الآية كلام محقق في غاية الوضوح ، فإن النافع هو اللّه ، فما نفعهم إلا اللّه «سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبادِهِ» يعني الإيمان عند رؤية البأس غير المعتاد ، وليس في الآية أن بأس الآخرة لا يرتفع ، ولا أن الإيمان لا يقبل ، وإنما في الآية أن بأس الدنيا لا يرتفع عمن نزل به إذا آمن في حال رؤيته ، إلا قوم يونس : «وَخَسِرَ هُنالِكَ الْكافِرُونَ» فثبت انتقال الناس في الدارين في أحوالهم من نعيم إلى نعيم ، ومن عذاب إلى عذاب ، ومن عذاب إلى نعيم من غير مدة معلومة لنا ، فإن اللّه ما عرفنا ،

إلا أنا استروحنا من قوله تعالى : (فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ) أن هذا القدر مدة إقامة الحدود .

(41) سورة فصّلت مكيّة

------------

(85) الفتوحات ج 3 / 383 ، 318 ، 383 ، 318 ، 533 ، 165 - ج 2 / 276 - ج 3 / 383

تفسير ابن كثير:

فإن أرواحهم تعرض على النار صباحا ومساء إلى قيام الساعة ، فإذا كان يوم القيامة اجتمعت أرواحهم وأجسادهم في النار ; ولهذا قال : ( ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب ) أي : أشده ألما وأعظمه نكالا . وهذه الآية أصل كبير في استدلال أهل السنة على عذاب البرزخ في القبور ، وهي قوله : ( النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ) .

ولكن هاهنا سؤال ، وهو أنه لا شك أن هذه الآية مكية ، وقد استدلوا بها على عذاب القبر في البرزخ ، وقد قال الإمام أحمد :

حدثنا هاشم - هو ابن القاسم أبو النضر - حدثنا إسحاق بن سعيد - هو ابن عمرو بن سعيد بن العاص - حدثنا سعيد - يعني أباه - عن عائشة أن يهودية كانت تخدمها فلا تصنع عائشة إليها شيئا من المعروف إلا قالت لها اليهودية : وقاك الله عذاب القبر . قالت : فدخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علي فقلت : يا رسول الله ، هل للقبر عذاب قبل يوم القيامة ؟ قال : " لا وعم ذلك ؟ " قالت : هذه اليهودية ، لا نصنع إليها شيئا من المعروف إلا قالت : وقاك الله عذاب القبر . قال : " كذبت يهود . وهم على الله أكذب ، لا عذاب دون يوم القيامة " . ثم مكث بعد ذلك ما شاء الله أن يمكث ، فخرج ذات يوم نصف النهار مشتملا بثوبه ، محمرة عيناه ، وهو ينادي بأعلى صوته : " القبر كقطع الليل المظلم - أيها الناس - لو تعلمون ما أعلم لبكيتم كثيرا وضحكتم قليلا - أيها الناس - استعيذوا بالله من عذاب القبر ، فإن عذاب القبر حق " .

وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري ومسلم ، ولم يخرجاه .

وروى أحمد : حدثنا يزيد ، حدثنا سفيان ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة - قال : سألتها امرأة يهودية فأعطتها ، فقالت لها : أعاذك الله من عذاب القبر . فأنكرت عائشة ذلك ، فلما رأت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالت له ، فقال : " لا " . قالت عائشة : ثم قال لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك : " وإنه أوحي إلي أنكم تفتنون في قبوركم " .

وهذا أيضا على شرطهما .

فيقال : فما الجمع بين هذا وبين كون الآية مكية ، وفيها الدليل على عذاب البرزخ ؟ والجواب : أن الآية دلت على عرض الأرواح إلى النار غدوا وعشيا في البرزخ ، وليس فيها دلالة على اتصال تألمها بأجسادها في القبور ، إذ قد يكون ذلك مختصا بالروح ، فأما حصول ذلك للجسد وتألمه بسببه فلم يدل عليه إلا السنة في الأحاديث المرضية الآتي ذكرها .

وقد يقال إن هذه الآية إنما دلت على عذاب الكفار في البرزخ ، ولا يلزم من ذلك أن يعذب المؤمن في قبره بذنب ، ومما يدل على هذا ما رواه الإمام أحمد :

حدثنا عثمان بن عمر ، حدثنا يونس ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة - رضي الله عنها - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل عليها وعندها امرأة من اليهود ، وهي تقول : أشعرت أنكم تفتنون في قبوركم ؟ فارتاع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال : " إنما يفتن يهود " قالت عائشة : فلبثنا ليالي ، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أشعرت أنه أوحي إلي أنكم تفتنون في القبور ؟ " وقالت عائشة : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد يستعيذ من عذاب القبر .

وهكذا رواه مسلم ، عن هارون بن سعيد وحرملة ، كلاهما عن ابن وهب ، عن يونس بن يزيد الأيلي ، عن الزهري به .

وقد يقال : إن هذه الآية دلت على عذاب الأرواح في البرزخ ، ولا يلزم من ذلك أن يتصل بالأجساد في قبورها ، فلما أوحي إليه في ذلك بخصوصيته استعاذ منه ، والله سبحانه وتعالى أعلم .

وقد روى البخاري من حديث شعبة ، عن أشعث بن أبي الشعثاء ، عن أبيه ، عن مسروق ، عن عائشة - رضي الله عنها - أن يهودية دخلت عليها فقالت : أعاذك الله من عذاب القبر . فسألت عائشة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن عذاب القبر ؟ فقال : " نعم عذاب القبر حق " . قالت عائشة : فما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد صلى صلاة إلا تعوذ من عذاب القبر .

فهذا يدل على أنه بادر إلى تصديق اليهودية في هذا الخبر ، وقرر عليه . وفي الأخبار المتقدمة : أنه أنكر ذلك حتى جاءه الوحي ، فلعلهما قضيتان ، والله أعلم ، وأحاديث عذاب القبر كثيرة جدا .

وقال قتادة في قوله : ( غدوا وعشيا ) صباحا ومساء ، ما بقيت الدنيا ، يقال لهم : يا آل فرعون ، هذه منازلكم ، توبيخا ونقمة وصغارا لهم .

وقال ابن زيد : هم فيها اليوم يغدى بهم ويراح إلى أن تقوم الساعة .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو سعيد ، حدثنا المحاربي ، حدثنا ليث ، عن عبد الرحمن بن ثروان ، عن هذيل ، عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال : إن أرواح الشهداء في أجواف طير خضر تسرح بهم في الجنة حيث شاءوا ، وإن أرواح ولدان المؤمنين في أجواف عصافير تسرح في الجنة حيث شاءت ، فتأوي إلى قناديل معلقة في العرش ، وإن أرواح آل فرعون في أجواف طير سود تغدو على جهنم وتروح عليها ، فذلك عرضها .

وقد رواه الثوري عن أبي قيس عن الهزيل بن شرحبيل من كلامه في أرواح آل فرعون . وكذلك قال السدي .

وفي حديث الإسراء من رواية أبي هارون العبدي ، عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال فيه : " ثم انطلق بي إلى خلق كثير من خلق الله ، رجال كل رجل منهم بطنه مثل البيت الضخم ، مصفدون على سابلة آل فرعون ، وآل فرعون يعرضون على النار غدوا وعشيا . ( ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب ) وآل فرعون كالإبل المسومة يخبطون الحجارة والشجر ولا يعقلون " .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا علي بن الحسين ، حدثنا زيد بن أخرم ، حدثنا عامر بن مدرك الحارثي ، حدثنا عتبة - يعني ابن يقظان - عن قيس بن مسلم ، عن طارق بن شهاب ، عن ابن مسعود ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " ما أحسن محسن من مسلم أو كافر إلا أثابه الله " . قال : قلنا : يا رسول الله ما إثابة الكافر ؟ فقال : " إن كان قد وصل رحما أو تصدق بصدقة أو عمل حسنة ، أثابه الله المال والولد والصحة وأشباه ذلك " . قلنا : فما إثابته في الآخرة ؟ قال : " عذابا دون العذاب " وقرأ : ( أدخلوا آل فرعون أشد العذاب ) ورواه البزار في مسنده ، عن زيد بن أخرم ، ثم قال : لا نعلم له إسنادا غير هذا .

وقال ابن جرير : حدثنا عبد الكريم بن أبي عمير ، حدثنا حماد بن محمد الفزاري البلخي قال : سمعت الأوزاعي وسأله رجل فقال - رحمك الله - رأينا طيورا تخرج من البحر ، تأخذ ناحية الغرب بيضا ، فوجا فوجا ، لا يعلم عددها إلا الله - عز وجل - فإذا كان العشي رجع مثلها سودا ، قال : وفطنتم إلى ذلك ؟ قال : نعم ، قال : إن تلك الطير في حواصلها أرواح آل فرعون تعرض على النار غدوا وعشيا ، فترجع إلى وكورها وقد احترقت رياشها وصارت سودا ، فينبت عليها من الليل ريش أبيض ، ويتناثر السود ، ثم تغدو على النار غدوا وعشيا ، ثم ترجع إلى وكورها . فذلك دأبهم في الدنيا ، فإذا كان يوم القيامة قال الله تعالى : ( أدخلوا آل فرعون أشد العذاب ) قال : وكانوا يقولون إنهم ستمائة ألف مقاتل .

وقال الإمام أحمد : حدثنا إسحاق ، أخبرنا مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشي ، إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة ، وإن كان من أهل النار فمن أهل النار . فيقال : هذا مقعدك حتى يبعثك الله - عز وجل - إلى يوم القيامة " .

أخرجاه في الصحيحين من حديث مالك به .


تفسير الطبري :

قوله تعالى: {فوقاه الله سيئات ما مكروا} أي من إلحاق أنواع العذاب به فطلبوه فما وجدوه؛ لأنه فوض أمره إلى الله. قال قتادة : كان قبطيا فنجاه الله مع بني إسرائيل. فالهاء على هذا لمؤمن آل فرعون. وقيل : إنها لموسى على ما تقدم من الخلاف. {وحاق بآل فرعون سوء العذاب} قال الكسائي : يقال حاق يحيق حيقا وحيوقا إذ نزل ولزم. ثم بين العذاب فقال: {النار يعرضون عليها} وفيه ستة أوجه : يكون رفعا على البدل من {سوء}. ويجوز أن يكون بمعنى هو النار. ويجوز أن يكون مرفوعا بالابتداء. وقال الفراء : يكون مرفوعا بالعائد على معنى النار عليها يعرضون، فهذه أربعة أوجه في الرفع، وأجاز الفراء النصب؛ لأن بعدها عائدا وقبلها ما يتصل به، وأجاز الأخفش الخفض على البدل من {العذاب}. والجمهور على أن هذا العرض في البرزخ. واحتج بعض أهل العلم في تثبيت عذاب القبر بقوله: {النار يعرضون عليها غدوا وعشيا} ما دامت الدنيا. كذلك قال مجاهد وعكرمة ومقاتل ومحمد بن كعب كلهم قال : هذه الآية تدل على عذاب القبر في الدنيا، ألا تراه يقول عن عذاب الآخرة {ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب}. وفي الحديث عن ابن مسعود : أن أرواح آل فرعون ومن كان مثلهم من الكفار تعرض على النار بالغداة والعشي فيقال هذه داركم. وعنه أيضا : إن أرواحهم في أجواف طير سود تغدو على جهنم وتروح كل يوم مرتين فذلك عرضها. وروى شعبة عن يعلى بن عطاء قال : سمعت ميمون بن مهران يقول : كان أبو هريرة إذا أصبح ينادي : أصبحنا والحمد لله وعرض آل فرعون على النار. فإذا أمسى نادى : أمسينا والحمد لله وعرض آل فرعون على النار؛ فلا يسمع أبا هريرة أحد إلا تعوذ بالله من النار. وفي حديث صخر بن جويرية عن نافع عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إن الكافر إذا مات عرض على النار بالغداة والعشي ثم تلا {النار يعرضون عليها غدوا وعشيا} وإن المؤمن إذا مات عرض روحه عل الجنة بالغداة والعشي) ""وخرج البخاري ومسلم عن ابن عمر"" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشي إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة وإن كان من أهل النار فمن أهل النار فيقال هذا مقعدك حتى يبعثك الله إليه يوم القيامة). قال الفراء : في الغداة والعشي بمقادير دلك في الدنيا. وهو قول مجاهد. قال: {غدوا وعشيا} قال : من أيام الدنيا. وقال حماد بن محمد الفزاري : قال رجل للأوزاعي رأينا طيورا تخرج من البحر تأخذ ناحية الغرب، بيضا صغارا فوجا فوجا لا يعلم عددها إلا الله، فإذا كان العشاء رجعت مثلها سودا. قال : تلك الطيور في حواصلها أرواح آل فرعون، يعرضون على النار غدوا وعشيا، فترجع إلى أوكارها وقد أحترقت رياشها وصارت سودا، فينبت عليها من الليل رياشها بيضا وتتناثر السود، ثم تغدو فتعرض على النار غدوا وعشيا، ثم ترجع إلى وكرها فذلك دأبها ما كانت في الدنيا، فإذا كان يوم القيامة قال الله تعالى: {أدخلوا آل فرعون أشد العذاب} وهو الهاوية. قال الأوزاعي : فبلغنا أنهم ألفا ألف وستمائة ألف. و{غدوا} مصدر جعل ظرفا على السعة. {وعشيا}عطف عليه وتم الكلام. {ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب} ابتدئ {ويوم تقوم الساعة} على أن تنصب يوما بقوله: {أدخلوا} ويجوز أن يكون منصوبا بـ {يعرضون} على معنى {يعرضون} على النار في الدنيا {ويوم تقوم الساعة} فلا يوقف عليه. وقرأ نافع وأهل المدينة وحمزة والكسائي {أدخلوا} بقطع الألف وكسر الخاء من أدخل وهي اختيار أبي عبيد؛ أي يأمر الملائكة أن يدخلوهم، ودليله: {النار يعرضون عليها}. الباقون: {أدخلوا} بوصل الألف وضم الخاء من دخل أي يقال لهم: {أدخلوا} يا {آل فرعون أشد العذاب} وهو اختيار أبي حاتم. قال : في القراءة الأولى: {آل} مفعول أول و{أشد} مفعول ثان بحذف الجر، وفي القراءة الثانية منصوب؛ لأنه نداء مضاف. وآل فرعون : من كان على دينه وعلى مذهبه، وإذا كان من كان على دينه ومذهبه في أشد العذاب كان هو أقرب إلى ذلك. وروى ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم : (إن العبد يولد مؤمنا ويحيا مؤمنا ويموت مؤمنا منهم يحيى بن زكريا ولد مؤمنا وحيي مؤمنا ومات مؤمنا وإن العبد يولد كافرا ويحيا كافرا ويموت كافرا منهم فرعون ولد كافرا وحيي كافرا ومات كافرا) ذكره النحاس. وجعل الفراء في الآية تقديما وتأخيرا مجازه {أدخلوا آل فرعون أشد العذاب}. {النار يعرضون عليها غدوا وعشيا} فجعل العرض في الآخرة؛ وهو خلاف ما ذهب إليه الجمهور من انتظام الكلام على سياقه على ما تقدم. والله أعلم.

التفسير الميسّر:

لقد أصابهم الغرق أولا وهلكوا، ثم يُعذَّبون في قبورهم حيث النار، يُعرضون عليها صباحًا ومساء إلى وقت الحساب، ويوم تقوم الساعة يقال: أدخلوا آل فرعون النار؛ جزاء ما اقترفوه من أعمال السوء. وهذه الآية أصل في إثبات عذاب القبر.

تفسير السعدي

وفي البرزخ { النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} فهذه العقوبات الشنيعة، التي تحل بالمكذبين لرسل الله، المعاندين لأمره.


تفسير البغوي

وذلك قوله عز وجل : ) ( النار ) هي رفع على البدل من السوء ، ( يعرضون عليها غدوا وعشيا ) صباحا ومساء ، قال ابن مسعود : أرواح آل فرعون في أجواف طيور سود يعرضون على النار كل يوم مرتين ، تغدو وتروح إلى النار ، ويقال : يا آل فرعون هذه منازلكم حتى تقوم الساعة .

وقال قتادة ، ومقاتل ، والسدي ، والكلبي : تعرض روح كل كافر على النار بكرة وعشيا ما دامت الدنيا .

أخبرنا أبو الحسن السرخسي ، أخبرنا زاهر بن أحمد ، أخبرنا أبو إسحاق الهاشمي أخبرنا أبو مصعب عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشي ، إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة ، وإن كان من أهل النار فمن أهل النار ، فيقال له : هذا مقعدك حتى يبعثك الله إليه يوم القيامة " .

ثم أخبر الله عن مستقرهم يوم القيامة فقال : ( ويوم تقوم الساعة أدخلوا ) قرأ ابن كثير وابن عامر وأبو عمرو وأبو بكر : " الساعة ادخلوا " بحذف الألف والوصل ، وبضمها في الابتداء ، وضم الخاء من الدخول ، أي : يقال لهم : ادخلوا يا " آل فرعون أشد العذاب " ، وقرأ الآخرون " أدخلوا " بقطع الألف وكسر الخاء من الإدخال ، أي : يقال للملائكة : أدخلوا آل فرعون أشد العذاب . قال ابن عباس : يريد ألوان العذاب غير الذي كانوا يعذبون به منذ أغرقوا .


الإعراب:

لا يوجد إعراب

---

Traslation and Transliteration:

Alnnaru yuAAradoona AAalayha ghuduwwan waAAashiyyan wayawma taqoomu alssaAAatu adkhiloo ala firAAawna ashadda alAAathabi

بيانات السورة

اسم السورة سورة غافر (Ghfir - The Forgiver)
ترتيبها 40
عدد آياتها 85
عدد كلماتها 1228
عدد حروفها 4984
معنى اسمها (الغَافِرُ): مِنْ أَسْمَاءِ اللهِ الْحُسْنَى؛ وَهُوَ الَّذِي يَسْتُرُ المُذْنِبَ وَلا يُؤَاخِذُهُ بِهِ فَيُشْهِرُهُ وَيَفْضَحُهُ، وَمِثْلُهُ: (الغَفَّارُ وَالغَفُورُ)
سبب تسميتها انْفِرَادُ السُّورَةِ بِذِكْرِ اسْمِ اللهِ (الغَافِرِ) الَّذِي ذُكِرَ مَرَّةً وَاحِدَةً فِي الْقُرْآن، وَدِلَالَةُ هَذَا الاسْمِ عَلَى الْمَقْصِدِ الْعَامِّ لِلسُّورَةِ وَمَوضُوعَاتِهَا
أسماؤها الأخرى اشتُهِرَتْ بِسُورَةِ (غَافِرِ)، وتُسَمَّى سُورَةَ (المُؤْمِن)، وَسُورَةَ (الطَّوْلِ)
مقاصدها عَرْضُ حُجَجِ الكَافِرِينَ وَجِدَالِهِمْ، وَبَيَانُ عَاقِبَتِهِمْ، وَمَا أَعَدَّ اللهُ لِعِبَادِهِ المُؤْمِنِينَ
أسباب نزولها سُورَةٌ مَكِّيَّةٌ، لَمْ تَصِحَّ رِوَايَةٌ فِي سَبَبِ نُزُولِهَا أَو فِي نُزُولِ بَعْضِ آياتِهَا
فضلها هِيَ مِنْ ذَوَاتِ ﴿حمٓ ﴾، فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ رَجُلًا طَلَبَ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ أَنْ يُقْرِئَهُ القُرْآنَ، فَقَالَ: «اقرَأْ ثَلاثًا مِنْ ذَوَاتِ ﴿حمٓ ﴾». (حَدِيثٌ صَحيحٌ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد)
مناسبتها مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (غَافِرٍ) بِآخِرِهَا: الحَدِيثُ عَنْ مَغْفِرَةِ اللهِ لِمَنْ صَدَقَ فِي إِيمَانِهِ، فَقَالَ فِي فَاتِحَتِهَا: ﴿غَافِرِ ٱلذَّنۢبِ وَقَابِلِ ٱلتَّوۡبِ ...٣﴾، وَقَالَ فِي خَاتِمَتِهَا: ﴿فَلَمۡ يَكُ يَنفَعُهُمۡ إِيمَٰنُهُمۡ لَمَّا رَأَوۡاْ بَأۡسَنَاۖ ...٨٥﴾. مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (غَافِرٍ) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (الزُّمَرَ): خُتِمَتِ (الزُّمَرُ) بِذِكْرِ المَلائِكَةِ؛ فَقَالَ: ﴿وَتَرَى ٱلۡمَلَٰٓئِكَةَ حَآفِّينَ مِنۡ حَوۡلِ ٱلۡعَرۡشِ ...٧٥﴾، وَجَاءَ ذِكْرُهُمْ ِفي أَوَائِلِ (غَافِرٍ)؛ فَقَالَ: ﴿ٱلَّذِينَ يَحۡمِلُونَ ٱلۡعَرۡشَ وَمَنۡ حَوۡلَهُۥ ...٧﴾.
اختر الًجزء:
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
اختر السورة:
1 - ﴿الفاتحة﴾
2 - ﴿البقرة﴾
3 - ﴿آل عمران﴾
4 - ﴿النساء﴾
5 - ﴿المائدة﴾
6 - ﴿الأنعام﴾
7 - ﴿الأعراف﴾
8 - ﴿الأنفال﴾
9 - ﴿التوبة﴾
10 - ﴿يونس﴾
11 - ﴿هود﴾
12 - ﴿يوسف﴾
13 - ﴿الرعد﴾
14 - ﴿إبراهيم﴾
15 - ﴿الحجر﴾
16 - ﴿النحل﴾
17 - ﴿الإسراء﴾
18 - ﴿الكهف﴾
19 - ﴿مريم﴾
20 - ﴿طه﴾
21 - ﴿الأنبياء﴾
22 - ﴿الحج﴾
23 - ﴿المؤمنون﴾
24 - ﴿النور﴾
25 - ﴿الفرقان﴾
26 - ﴿الشعراء﴾
27 - ﴿النمل﴾
28 - ﴿القصص﴾
29 - ﴿العنكبوت﴾
30 - ﴿الروم﴾
31 - ﴿لقمان﴾
32 - ﴿السجدة﴾
33 - ﴿الأحزاب﴾
34 - ﴿سبأ﴾
35 - ﴿فاطر﴾
36 - ﴿يس﴾
37 - ﴿الصافات﴾
38 - ﴿ص﴾
39 - ﴿الزمر﴾
40 - ﴿غافر﴾
41 - ﴿فصلت﴾
42 - ﴿الشورى﴾
43 - ﴿الزخرف﴾
44 - ﴿الدخان﴾
45 - ﴿الجاثية﴾
46 - ﴿الأحقاف﴾
47 - ﴿محمد﴾
48 - ﴿الفتح﴾
49 - ﴿الحجرات﴾
50 - ﴿ق﴾
51 - ﴿الذاريات﴾
52 - ﴿الطور﴾
53 - ﴿النجم﴾
54 - ﴿القمر﴾
55 - ﴿الرحمن﴾
56 - ﴿الواقعة﴾
57 - ﴿الحديد﴾
58 - ﴿المجادلة﴾
59 - ﴿الحشر﴾
60 - ﴿الممتحنة﴾
61 - ﴿الصف﴾
62 - ﴿الجمعة﴾
63 - ﴿المنافقون﴾
64 - ﴿التغابن﴾
65 - ﴿الطلاق﴾
66 - ﴿التحريم﴾
67 - ﴿الملك﴾
68 - ﴿القلم﴾
69 - ﴿الحاقة﴾
70 - ﴿المعارج﴾
71 - ﴿نوح﴾
72 - ﴿الجن﴾
73 - ﴿المزمل﴾
74 - ﴿المدثر﴾
75 - ﴿القيامة﴾
76 - ﴿الإنسان﴾
77 - ﴿المرسلات﴾
78 - ﴿النبأ﴾
79 - ﴿النازعات﴾
80 - ﴿عبس﴾
81 - ﴿التكوير﴾
82 - ﴿الانفطار﴾
83 - ﴿المطففين﴾
84 - ﴿الانشقاق﴾
85 - ﴿البروج﴾
86 - ﴿الطارق﴾
87 - ﴿الأعلى﴾
88 - ﴿الغاشية﴾
89 - ﴿الفجر﴾
90 - ﴿البلد﴾
91 - ﴿الشمس﴾
92 - ﴿الليل﴾
93 - ﴿الضحى﴾
94 - ﴿الشرح﴾
95 - ﴿التين﴾
96 - ﴿العلق﴾
97 - ﴿القدر﴾
98 - ﴿البينة﴾
99 - ﴿الزلزلة﴾
100 - ﴿العاديات﴾
101 - ﴿القارعة﴾
102 - ﴿التكاثر﴾
103 - ﴿العصر﴾
104 - ﴿الهمزة﴾
105 - ﴿الفيل﴾
106 - ﴿قريش﴾
107 - ﴿الماعون﴾
108 - ﴿الكوثر﴾
109 - ﴿الكافرون﴾
110 - ﴿النصر﴾
111 - ﴿المسد﴾
112 - ﴿الإخلاص﴾
113 - ﴿الفلق﴾
114 - ﴿الناس﴾
اختر الًصفحة:
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
31
32
33
34
35
36
37
38
39
40
41
42
43
44
45
46
47
48
49
50
51
52
53
54
55
56
57
58
59
60
61
62
63
64
65
66
67
68
69
70
71
72
73
74
75
76
77
78
79
80
81
82
83
84
85
86
87
88
89
90
91
92
93
94
95
96
97
98
99
100
101
102
103
104
105
106
107
108
109
110
111
112
113
114
115
116
117
118
119
120
121
122
123
124
125
126
127
128
129
130
131
132
133
134
135
136
137
138
139
140
141
142
143
144
145
146
147
148
149
150
151
152
153
154
155
156
157
158
159
160
161
162
163
164
165
166
167
168
169
170
171
172
173
174
175
176
177
178
179
180
181
182
183
184
185
186
187
188
189
190
191
192
193
194
195
196
197
198
199
200
201
202
203
204
205
206
207
208
209
210
211
212
213
214
215
216
217
218
219
220
221
222
223
224
225
226
227
228
229
230
231
232
233
234
235
236
237
238
239
240
241
242
243
244
245
246
247
248
249
250
251
252
253
254
255
256
257
258
259
260
261
262
263
264
265
266
267
268
269
270
271
272
273
274
275
276
277
278
279
280
281
282
283
284
285
286
287
288
289
290
291
292
293
294
295
296
297
298
299
300
301
302
303
304
305
306
307
308
309
310
311
312
313
314
315
316
317
318
319
320
321
322
323
324
325
326
327
328
329
330
331
332
333
334
335
336
337
338
339
340
341
342
343
344
345
346
347
348
349
350
351
352
353
354
355
356
357
358
359
360
361
362
363
364
365
366
367
368
369
370
371
372
373
374
375
376
377
378
379
380
381
382
383
384
385
386
387
388
389
390
391
392
393
394
395
396
397
398
399
400
401
402
403
404
405
406
407
408
409
410
411
412
413
414
415
416
417
418
419
420
421
422
423
424
425
426
427
428
429
430
431
432
433
434
435
436
437
438
439
440
441
442
443
444
445
446
447
448
449
450
451
452
453
454
455
456
457
458
459
460
461
462
463
464
465
466
467
468
469
470
471
472
473
474
475
476
477
478
479
480
481
482
483
484
485
486
487
488
489
490
491
492
493
494
495
496
497
498
499
500
501
502
503
504
505
506
507
508
509
510
511
512
513
514
515
516
517
518
519
520
521
522
523
524
525
526
527
528
529
530
531
532
533
534
535
536
537
538
539
540
541
542
543
544
545
546
547
548
549
550
551
552
553
554
555
556
557
558
559
560
561
562
563
564
565
566
567
568
569
570
571
572
573
574
575
576
577
578
579
580
581
582
583
584
585
586
587
588
589
590
591
592
593
594
595
596
597
598
599
600
601
602
603
604


يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!