﴿اِهْدِنَا الصِّرٰاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرٰاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لاَ الضّٰالِّينَ﴾ فجمع بين الأمرين و بين رب عظيم وفاه حقه على قدر ما شرعه له لا يطالب بغير ذلك فإنه تعالى هو الذي أدبه أي جمع له و فيه جميع فوائد الخيرات فلما نشأت هذه الصورة العملية الليلية بين هذين الطرفين الكريمين كانت وسطا جامعة للطرفين فكانت عبدا سيدا حقا خلقا و بهذه الصفة أنشأ اللّٰه العالم ابتداء فإن له في أسمائه و نعوته الطرفين فإنه وصف نفسه بما يتعالى به عن الخلق و وصف نفسه بما هو عليه الخلق و لم يزل بهذين النعتين موصوفا لنفسه و هما طرفا نقيض فجمع بين الضدين و لو لا ما هو الأمر على هذا ما خلق الضدين في العالم و المثلان ضدان فهما ضدا المماثلة حتى تعلم أن العالم على صورته في قبول الضدين بل هو العالم الذي هو عين الضدين صورة من أنشأه فظهر العالم بالأصالة بين الطرفين و مشى الأمر في خلق ما خلق اللّٰه بأيدي العالم فللعالم إنشاء الصور و للحق أرواحها و حياتها كما قال في حق عيسى ع ﴿وَ إِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ﴾ [المائدة:110] في الصورة الخلقية ﴿فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللّٰهِ﴾ [آل عمران:49] فجعل الصورة للخلق و كونه طائرا للحق و في إنشائك قال ﴿فَإِذٰا سَوَّيْتُهُ﴾ [الحجر:29]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية