فكثره لما فيها من الوجوه فمن كان قلبه في كن أو كان عليه قفل أو كان أعمى البصيرة أو كان صاديا أو كان على قلبه ران فإن اللّٰه قد حال بينه و بين الفهم عن اللّٰه تعالى و إن تأوله و لهذا يتخذ آيات اللّٰه هزوا و دينه لهوا و لعبا لعدم فهمه عن اللّٰه ما خاطب به عباده فلهذا قال من لم يفهم لم يوصل إليه شيء فأما الران فهو صدأ و طخاء و ليس إلا ما تجلى في مرآة القلب من صور ما لم يدع اللّٰه إلى رؤيتها و جلاؤها من ذلك بالذكر و التلاوة و أما الكن فهو كالمقصورات في الخيام فهو في بيت الطبيعة مشغول بأمه ما عنده خبر بأبيه الذي هو روح اللّٰه فلا يزال في ظلمة الكن و هي حجاب الطبيعة فهو في حجابين كن و ظلمة فهو يسمع و لا يفهم كما قال اللّٰه فيهم ﴿وَ لاٰ تَكُونُوا كَالَّذِينَ قٰالُوا سَمِعْنٰا وَ هُمْ لاٰ يَسْمَعُونَ﴾ [الأنفال:21] أي لا يفهمون و أما أن يكون في أذنيه وقر أو صمم فإن كان وقر فهو ثقل الأسباب الدنياوية التي تصرفه عن الآخرة و إن كان طخاء فهو قساوة قلبه إن يؤثر فيه قبول ما يخطر له حديث النفس من النظر و الإصغاء إلى هذا الداعي الذي هو الشارع و هو قوله تعالى ﴿وَ الْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ﴾ [فصلت:26] حتى لا يسمعوا دعاء فلا يرجعون و لا يعقلون لأنه بلسانهم خاطبهم
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية