فهو ظاهر لقرينة الحال و أما من طريق اللسان فهو الواقع فإن اللّٰه ما ستر الشرك على أهل الشرك بل ظهروا به فهو إخبار بما وقع في الوجود من ظهور الشرك و ستر ما دون ذلك لمن يشاء أن يستر فإن ثم أمورا لم تظهر لعين و لا لعقل «كما جاء في وصف الجنة فيها ما لا عين رأت و لا أذن سمعت و لا خطر على قلب بشر» و لكن قرائن الأحوال تدل على القطع بمؤاخذة المشركين ثم لم يذكر سبحانه ما هو الأمر عليه فيهم بعد المؤاخذة التي هي إقامة الحد عليهم في الآخرة يوم الدين الذي هو الجزاء فيدخلون النار مع بعض آلهتهم ليتحققوا مشاهدة أن تلك الآلهة لا تغني عنهم من اللّٰه شيئا لكونهم اتخذوها عن نظرهم لا عن وضع إلهي فانظر يا ولي في عدل اللّٰه و فضله فله الحمد على كل حال و هذا حمد نبوي صحيح فإن الثناء على كل حال من مشرك و غير مشرك فإن المشرك كما قلنا ما جعل العظمة و الكبرياء إلا لله و جعل الآلهة كالسدنة و الحجاب فما عبدوهم إلا من أجله و إن أخطئوا فيهم فما أخطئوا إلا في الأحدية فهم أيضا من الحامدين لله إذ كانوا أهل ثناء على اللّٰه بتوحيد عظمته و إيثاره على هؤلاء الحجبة فاجعل بالك لرحمة اللّٰه السابغة الواسعة التي بسطها اللّٰه على خلقه ترشد للحق إن شاء اللّٰه و أما اختلاف العقائد في اللّٰه في أصحاب الشرائع الإلهية و غيرهم فإن العالم لو آخذهم اللّٰه تعالى بالخطاء لآخذ كل صاحب عقيدة فيه فإنه قد قيد ربه بعقله و نظره و حصره و لا ينبغي لله إلا الإطلاق فإن ﴿بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ﴾ [المؤمنون:88] فهو يقيد و لا يتقيد و لكن عفا اللّٰه عن الجميع فمن أراد إصابة الحق و إن يوفيه حقه و فقه لعلمه بسعته و اتساعه و أنه عند اعتقاد كل معتقد مشهود لا يصح أن يكون مفقودا عند اعتقاد المعتقد فإنه ربط اعتقاده به ﴿وَ هُوَ عَلىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾ [ سبإ:47] فصاحب هذا العلم يرى الحق دائما و في كل صورة فلا ينكره إذا أنكره من قيده و مع هذا فالله قد عفا عمن قيده بتنزيه أو تشبيه من أئمة الدين ثم انظر في شهادة اللّٰه عزَّ وجلَّ عند نبيه ﷺ في حق المشركين ﴿وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللّٰهُ﴾ [الزخرف:87] فهو تنبيه عجيب و لما قيل لهم
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية