«سئل رسول اللّٰه ﷺ عن الكسوف فقال ﷺ ما تجلى اللّٰه لشيء إلا خشع له» فلهذا قلنا بالخشوع لا بالفناء للمناسبة التي بين الحس و الخيال و لهذا يسمى الخيال بالحس المشترك و إذا لم يعرف لم يورث خشوعا يعرف به أنه هو و لكن لا بد أن يورث خشوعا في المتجلي له و لكن لا يعرف المتجلي له أنه هو و لا سيما أهل الأفكار و هذا من علم الظهور و الخفاء فظهر بلا شك أنه هو و خفي بالتقييد في ظهوره فلم يعلم أنه هو فإذا كان العارف الكامل المعرفة بالله في هذا النوع الإنساني يعلم أن عين الحق هو المنعوت بالوجود و أن أحكام أعيان العالم هي الظاهرة في هذا العين أو هو الظاهر بها عرف ما رأى فإن اقتضى الموطن الإقرار أقر به عند ما يدعي أنه هو و إن اقتضى الموطن الإنكار سكت العارف فلم ينطق بإنكار و لا إقرار لعلمه بما أراده الحق في ذلك الموطن و لما كان التجلي الإلهي يغني من هو على الصورة عرفنا إن العين لا تذهب بل هو تجريد و خلع لا عزل عن تدبير ملك إلا إذا كان الضمير في عليها يعود على الأرض فهو عزل عن تدبير إلهيا كل التي جعل اللّٰه إليها تدبيرها و هذا الظهور و الخفاء للاسم الرب لا لغيره و إليه يرجع حكمه و هو ينقسم إلى ثلاثة أقسام فيظهر في هذا الحكم أعني الظهور و الخفاء في موطنين ليتخذه صاحب الملك وكيلا فيما هو له مالك فيكون له التصريف فيه و العبد مستريح في جميع أحواله من يقظة و نوم و القسم الآخر من هذا الحكم أن يكون له في أربعة مواطن في طول العالم و عرضه لوجود الإنعام عليه كما قال ﴿وَ أَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظٰاهِرَةً وَ بٰاطِنَةً﴾ [لقمان:20] فله هذان الحكمان في طول العالم و مثله في عرضه و طول العالم عالم الأرواح و عرضه عالم صور الأجسام و إنما قلنا صور الأجسام و لم نقل الأجسام بسبب الأجسام المتخيلة و إن كانت أجساما حقيقية في حضرتها فليست أجساما عند كل أحد لما يسرع إليها من التغيير و لأنها راجعة إلى عين الناظر لا إليها و الأجسام الحقيقة هي أجسام لا نفسها لا لعين الناظر فسواء كان الناظر موجودا أو غير موجود هي أجسام في نفسها و الأخر أجسام لا في أنفسها كما قال ﴿يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهٰا تَسْعىٰ﴾ [ طه:66] و هي أجسام في عينها لا حكم لها في السعي فظهرت في عين موسى بصورة الجسم الذي له سعى و الأمر في نفسه ليس كذلك و القسم الثالث من هذا الحكم من الظهور و الخفاء يظهر في سبعمائة موطن و عشرين موطنا و هو منتهى ما يقبل عالم الدنيا من الاقتدار الإلهي لا إن الاقتدار يقصر أو يعجز فهذا حكم القابل و كذا وقع الوجود و يجوز في النظر الفكري خلافه معرى عن علمه بما سبق في علم اللّٰه فما ثم إمكان إلا بالنظر المجرد إلى الأكوان معراة عن علم اللّٰه فيها فلا تعرف إلا بالوقوع فانحصرت مواطن الظهور و الخفاء بين تجل إلهي و استتار في سبعمائة موطن و ستة و عشرين موطنا بأحكام مختلفة و بين كل موطنين من ظهور و خفاء يقع تجل برزخي في قوله
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية