«ألم تروْا» تعلموا يا مخاطبين «أن الله سخَّر لكم ما في السموات» من الشمس والقمر والنجوم لتنتفعوا بها «وما في الأرض» من الثمار والأنهار والدواب «وأسبغ» أوسع وأتمَّ «عليكم نعمه ظاهرةً» وهي حسن الصورة وتسوية الأعضاء وغير ذلك «وباطنةً» هي المعرفة وغيرها «ومن الناس» أي أهل مكة «من يجادل في الله بغير علم ولا هدىً» من رسول «ولا كتاب منير» أنزله الله، بل بالتقليد.
إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ وَما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (34)
قوله تعالى: " وَيَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ» فإنه الخالق ما فيها وهو قوله تعالى (يَعْلَمُ السِّرَّ)
* فإنالسرالنكاح .
(32) سورة السّجدة مكيّة
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
------------
(34) الفتوحات ج 2 /
412
يقول تعالى منبها خلقه على نعمه عليهم في الدنيا والآخرة ، بأنه سخر لهم ما في السماوات من نجوم يستضيئون بها في ليلهم ونهارهم ، وما يخلق فيها من سحاب وأمطار وثلج وبرد ، وجعله إياها لهم سقفا محفوظا ، وما خلق لهم في الأرض من قرار وأنهار وأشجار وزروع وثمار . وأسبغ عليهم نعمه الظاهرة والباطنة من إرسال الرسل وإنزال الكتب ، وإزاحة الشبه والعلل ، ثم مع هذا كله ما آمن الناس كلهم ، بل منهم من يجادل في الله ، أي : في توحيده وإرسال الرسل . ومجادلته في ذلك بغير علم ، ولا مستند من حجة صحيحة ، ولا كتاب مأثور صحيح; ولهذا قال تعالى : ( ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير ) أي : مبين مضيء .
قوله تعالى: {ألم تروا أن الله سخر لكم ما في السماوات وما في الأرض} ذكر نعمه على بني آدم، وأنه سخر لهم {ما في السموات} من شمس وقمر ونجوم وملائكة تحوطهم وتجر إليهم منافعهم. {وما في الأرض} عام في الجبال والأشجار والثمار وما لا يحصى. {وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة} أي أكملها وأتمها. وقرأ ابن عباس ويحيى بن عمارة{وأصبغ} بالصاد على بدلها من السين؛ لأن حروف الاستعلاء تجتذب السين من سفلها إلى علوها فتردها صادا. والنعم : جمع نعمة كسدرة وسدر (بفتح الدال) وهي قراءة نافع وأبي عمرو وحفص. الباقون "نعمة" على الإفراد؛ والإفراد يدل على الكثرة؛ كقوله تعالى: {وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها} إبراهيم : 34]. وهي قراءة ابن عباس من وجوه صحاح. وقيل : إن معناها الإسلام؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس وقد سأله عن هذه الآية : (الظاهرة الإسلام وما حسن من خلقك، والباطنة ما ستر عليك من سيئ عملك). قال النحاس : وشرح هذا أن سعيد بن جبير قال في قول الله عز وجل: {ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم} المائدة : 6] قال : يدخلكم الجنة. وتمام نعمة الله عز وجل على العبد أن يدخله الجنة، فكذا لما كان الإسلام يؤول أمره إلى الجنة سمي نعمة. وقيل : الظاهرة الصحة وكمال الخلق، والباطنة المعرفة والعقل. وقال المحاسبي : الظاهرة نعم الدنيا، والباطنة نعم العقبى. وقيل : الظاهرة ما يرى بالأبصار من المال والجاه والجمال في الناس وتوفيق الطاعات، والباطنة ما يجده المرء في نفسه من العلم بالله وحسن اليقين وما يدفع الله تعالى عن العبد من الآفات. وقد سرد الماوردي في هذا أقوالا تسعة، كلها ترجع إلى هذا. قوله تعالى: {ومن الناس من يجادل في الله} تقدمت. نزلت في يهودي جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا محمد، أخبرني عن ربك، من أي شيء هو؟ فجاءت صاعقة فأخذته؛ قاله مجاهد. وقد مضى هذا في "الرعد". وقيل : إنها نزلت في النضر بن الحارث، كان يقول : إن الملائكة بنات الله؛ قاله ابن عباس. {يجادل} يخاصم {بغير علم} أي بغير حجة {ولا هدى ولا كتاب منير} أي نير بين؛ إلا الشيطان فيما يلقي إليهم. {وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم} الأنعام : 121] وإلا تقليد الأسلاف كما في الآية بعد. {أولو كان الشيطان يدعوهم إلى عذاب السعير} فيتبعونه.
ألم تروا- أيها الناس- أن الله ذلَّل لكم ما في السموات من الشمس والقمر والسحاب وغير ذلك، وما في الأرض من الدوابِّ والشجر والماء، وغير ذلك مما لا يحصى، وعمَّكم بنعمه الظاهرة على الأبدان والجوارح، والباطنة في العقول والقلوب، وما ادَّخره لكم مما لا تعلمونه؟ ومن الناس مَن يجادل في توحيد الله وإخلاص العبادة له بغير حجة ولا بيان، ولا كتاب مبين يبيِّن حقيقة دعواه.
يمتن تعالى على عباده بنعمه، ويدعوهم إلى شكرها ورؤيتها; وعدم الغفلة عنها فقال: { أَلَمْ تَرَوْا } أي: تشاهدوا وتبصروا بأبصاركم وقلوبكم، { أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ } من الشمس والقمر والنجوم، كلها مسخرات لنفع العباد.
{ وَمَا فِي الْأَرْضِ } من الحيوانات والأشجار والزروع، والأنهار والمعادن ونحوها كما قال تعالى: { هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا }
{ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ } أي: عمّكم وغمركم نعمه الظاهرة والباطنة التي نعلم بها; والتي تخفى علينا، نعم الدنيا، ونعم الدين، حصول المنافع، ودفع المضار، فوظيفتكم أن تقوموا بشكر هذه النعم; بمحبة المنعم والخضوع له; وصرفها في الاستعانة على طاعته، وأن لا يستعان بشيء منها على معصيته.
{ و } لكن مع توالي هذه النعم; { مِنَ النَّاسِ مَنْ } لم يشكرها; بل كفرها; وكفر بمن أنعم بها; وجحد الحق الذي أنزل به كتبه; وأرسل به رسله، فجعل { يُجَادِلُ فِي اللَّهِ } أي: يجادل عن الباطل; ليدحض به الحق; ويدفع به ما جاء به الرسول من الأمر بعبادة اللّه وحده، وهذا المجادل على غير بصيرة، فليس جداله عن علم، فيترك وشأنه، ويسمح له في الكلام { وَلَا هُدًى } يقتدي به بالمهتدين { وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ } [غير مبين للحق فلا معقول ولا منقول ولا اقتداء بالمهتدين] وإنما جداله في اللّه مبني على تقليد آباء غير مهتدين، بل ضالين مضلين.
قوله تعالى : ( ألم تروا أن الله سخر لكم ما في السماوات وما في الأرض وأسبغ عليكم ) أتم وأكمل ) ( نعمه ) قرأ أهل المدينة ، وأبو عمرو ، وحفص : " نعمه " بفتح العين وضم الهاء على الجمع ، وقرأ الآخرون منونة على الواحد ، ومعناها الجمع أيضا كقوله : " وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها " ( إبراهيم - 14 ) ( ظاهرة وباطنة ) قال عكرمة عن ابن عباس : النعمة الظاهرة : الإسلام والقرآن ، والباطنة : ما ستر عليك من الذنوب ولم يعجل عليك بالنقمة وقال الضحاك : الظاهرة : حسن الصورة وتسوية الأعضاء ، والباطنة : المعرفة . وقال مقاتل : الظاهرة : تسوية الخلق ، والرزق ، والإسلام . والباطنة : ما ستر من الذنوب . وقال الربيع : الظاهرة بالجوارح ، والباطنة : بالقلب . وقيل : الظاهرة : الإقرار باللسان ، والباطنة : الاعتقاد بالقلب . وقيل : الظاهرة : تمام الرزق والباطنة : حسن الخلق . وقال عطاء : الظاهرة : تخفيف الشرائع ، والباطنة : الشفاعة .
وقال مجاهد : الظاهرة : ظهور الإسلام والنصر على الأعداء ، والباطنة : الإمداد بالملائكة . وقيل : الظاهرة : الإمداد بالملائكة ، والباطنة : إلقاء الرعب في قلوب الكفار . وقال سهل بن عبد الله : الظاهرة : اتباع الرسول ، والباطنة : محبته . ( ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ) نزلت في النضر بن الحارث ، وأبي بن خلف ، وأمية بن خلف ، وأشباههم كانوا يجادلون النبي - صلى الله عليه وسلم - في الله وفي صفاته بغير علم ( ولا هدى ولا كتاب منير )
(أَلَمْ تَرَوْا) الهمزة حرف استفهام ومضارع مجزوم بلم والواو فاعله والجملة مستأنفة لا محل لها (أَنَّ اللَّهَ) أن ولفظ الجلالة اسمها (سَخَّرَ) ماض فاعله مستتر (لَكُمْ) متعلقان بالفعل (ما) مفعول به (فِي السَّماواتِ) متعلقان بمحذوف صلة ما والجملة خبر أن والمصدر المؤول من أن واسمها وخبرها سدت مسد مفعولي تروا (وَما فِي الْأَرْضِ) معطوف على ما في السموات (وَأَسْبَغَ) الواو حرف عطف وماض فاعله مستتر (عَلَيْكُمْ) متعلقان بالفعل (نِعَمَهُ) مفعول به (ظاهِرَةً) حال (وَباطِنَةً) معطوف على ظاهرة والجملة معطوفة على ما قبلها.
(وَمِنَ النَّاسِ) الواو حرف استئناف وخبر مقدم (مِنَ) مبتدأ مؤخر والجملة مستأنفة لا محل لها (يُجادِلُ) مضارع فاعله مستتر (بِغَيْرِ) حال (عِلْمٍ) مضاف إليه (وَلا هُدىً) معطوف على بغير علم (وَلا كِتابٍ) معطوف على بغير علم (مُنِيرٍ) صفة كتاب.
Traslation and Transliteration:
Alam taraw anna Allaha sakhkhara lakum ma fee alssamawati wama fee alardi waasbagha AAalaykum niAAamahu thahiratan wabatinatan wamina alnnasi man yujadilu fee Allahi bighayri AAilmin wala hudan wala kitabin muneerin
See ye not how Allah hath made serviceable unto you whatsoever is in the skies and whatsoever is in the earth and hath loaded you with His favours both without and within? Yet of mankind is he who disputeth concerning Allah, without knowledge or guidance or a scripture giving light.
Görmediler mi ki gerçekten de Allah, ram etti size ne varsa göklerde ve ne varsa yeryüzünde ve görünen ve gizli olan nimetlerini size yaydı, tamamladı ve insanlar içinde, Allah hakkında mücadeleye girişen var bilgisi, delili ve aydınlatıcı bir kitabı yokken.
Ne voyez-vous pas qu'Allah vous a assujetti ce qui est dans les cieux et sur la terre? Et Il vous a comblés de Ses bienfaits apparents et cachés. Et parmi les gens, il y en a qui disputent à propos d'Allah, sans science, ni guidée, ni Livre éclairant.
Habt ihr etwa nicht gesehen, daß ALLAH für euch gratis fügbar machte, was in den Himmeln und was auf Erden ist, und für euch SeineWohltaten Offenkundige und Verborgene, vollendete?! Und unter den Menschen gibt es manche, die über ALLAH weder mit Wissen, noch mit Rechtleitung, noch mit einer erleuchtenden Schrift disputieren.
![](/images/arrowtop.jpg) |
بيانات السورة |
اسم السورة |
سورة لقمان (Luqman - Luqman) |
ترتيبها |
31 |
عدد آياتها |
34 |
عدد كلماتها |
550 |
عدد حروفها |
2121 |
معنى اسمها |
(لُقْمَانُ): رَجُلٌ صَالِحٌ، عُرِفَ بِالْحِكْمَةِ، وَعَاشَ فِي زَمَنِ دَاوُدَ عليه السلام |
سبب تسميتها |
انْفِرَادُ السُّورَةِ بِذِكْرِ وَصَايَا لُقْمَانَ لِابنِهِ، وَدِلَالَةُ هَذَا الاسْمِ عَلَى الْمَقْصِدِ الْعَامِّ لِلسُّورَةِ وَمَوضُوعَاتِهَا |
أسماؤها الأخرى |
لا يُعْرَفُ للسُّورَةِ اسمٌ آخَرُ سِوَى سُورَةِ (لُقْمَانَ) |
مقاصدها |
الِاتِّعَاظُ بِالسُّنَنِ الإِلَهِيَّةِ عُمُومًا، وبَيَانُ الْوَصَايَا فِي تَرْبِيَةِ الأَبْنَاء |
أسباب نزولها |
سُورَةٌ مَكِّيَّةٌ، لَمْ تَصِحَّ رِوَايَةٌ فِي سَبَبِ نُزُولِهَا أَو فِي نُزُولِ بَعْضِ آياتِهَا |
فضلها |
لَمْ يَصِحَّ حَدِيثٌ أَو أَثَرٌ خَاصٌّ فِي فَضْلِ السُّورَةِ سِوَى أَنـَّهَا مِنَ المَثَانِي |
مناسبتها |
مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (لُقْمَانَ) بِآخِرِهَا: الإِشَارَةُ إِلَى آيَاتِ اللهِ، فقَالَ فِي فَاتِحَتِهَا: ﴿تِلۡكَ ءَايَٰتُ ٱلۡكِتَٰبِ ٱلۡحَكِيمِ ٢﴾، وَقَالَ فِي خَاتِمَتِهَا: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ عِندَهُۥ عِلۡمُ ٱلسَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ ٱلۡغَيۡثَ وَيَعۡلَمُ مَا فِي ٱلۡأَرۡحَامِۖ ...٣٤﴾.
مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (لُقْمَانَ) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (الرُّومِ): لَمَّا خَتَمَ اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى (الرُّومَ) بِقَولِهِ: ﴿وَلَقَدۡ ضَرَبۡنَا لِلنَّاسِ فِي هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانِ مِن كُلِّ مَثَلٖۚ ...٥٨﴾ ضَرَبَ أَرْوَعَ الأَمْثِلَةِ بِوَصَايَا لُقْمَانَ لابْنِهِ فِي سُورَةِ (لُقْمَانَ). |