[الكتاب من باب الإشارة]
فهي فاتحة الكتاب لأن الكتاب عبارة من باب الإشارة عن المبدع الأول فالكتاب يتضمن الفاتحة و غيرها لأنها منه و إنما صح لها اسم الفاتحة من حيث إنها أول ما افتتح بها كتاب الوجود و هي عبارة عن المثل المنزه في ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ [الشورى:11] بأن تكون الكاف عين الصفة فلما أوجد المثل الذي هو الفاتحة أوجد بعده الكتاب و جعله مفتاحا له فتأمل و هي أم القرآن لأن الأم محل الإيجاد و الموجود فيها هو القرآن و الموجد الفاعل في الأم فالأم هي الجامعة الكلية و هي أم الكتاب الذي عنده في قوله تعالى ﴿وَ عِنْدَهُ أُمُّ الْكِتٰابِ﴾ [الرعد:39] فانظر عيسى و مريم عليهما السلام و فاعل الإيجاد يخرج لك عكس ما بدا لحسك فالأم عيسى و الابن الذي هو الكتاب العندي أو القرآن مريم عليهما السلام فافهم و كذلك الروح ازدوج مع النفس بواسطة العقل فصارت النفس محل الإيجاد حسا و الروح ما أتاها إلا من النفس فالنفس الأب فهذه النفس هو الكتاب المرقوم لنفوذ الخط فظهر في الابن ما خط القلم في الأم و هو القرآن الخارج على عالم الشهادة و الأم أيضا عبارة عن وجود المثل محل الأسرار فهو الرق المنشور الذي أودع فيه الكتاب المسطور المودعة فيه تلك الأسرار الإلهية فالكتاب هنا أعلى من الفاتحة إذ الفاتحة دليل الكتاب و مدلولها و شرف الدليل بحسب ما يدل عليه أ رأيت لو كان مفتاحا لضد الكتاب المعلوم أن لو فرض له ضد حقر الدليل لحقارة المدلول و لهذا «أشار النبي صلى اللّٰه عليه و سلم أن لا يسافر بالمصحف إلى أرض العدو» لدلالة تلك الحروف على كلام اللّٰه تعالى إذ قد سماها الحق كلام اللّٰه و الحروف الذي فيه أمثالها و أمثال الكلمات إذا لم يقصد بها الدلالة على كلام اللّٰه يسافر بها إلى أرض العدو و يدخل بها مواضع النجاسات و أشباهها و الكشف
[حضرتا الجمع و الأفراد في الفاتحة]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية