أي لا تتفكروا فيها و سبب ذلك ارتفاع المناسبة بين ذات الحق و ذات الخلق و أهل اللّٰه لما علموا مرتبة الفكر و أنه غاية علماء الرسوم و أهل الاعتبار من الصالحين و أنه يعطي المناسبات بين الأشياء تركوه لأهله و أنفوا منه أن يكون حالا لهم كما سيأتي في باب ترك الفكر
[كيف يفوز صاحب الفكر بالصواب مع أن الفكر حال لا يعطى العصمة]
و الفكر حال لا يعطي العصمة و لهذا مقامه خطر لأن صاحبه لا يدري هل يصيب أو يخطئ لأنه قابل للاصابة و الخطاء فإذا أراد صاحبه أن يفوز بالصواب فيه غالبا في العلم بالله فليبحث عن كل آية نزلت في القرآن فيها ذكر التفكر و الاعتبار و لا يتعدى ما جاء من ذلك في غير كتاب و لا سنة متواترة فإن اللّٰه ما ذكر في القرآن أمرا يتفكر فيه و نص على إيجاده عبرة أو قرن معه التفكر إلا و الإصابة معه و الحفظ و حصول المقصود منه الذي أراده اللّٰه لا بد من ذلك لأن الحق ما نصبه و خصه في هذا الموضع دون غيره إلا و قد مكن العبد من الوصول إلى علم ما قصد به هناك فقد ألقيت بك على الطريق و هكذا وجده أهل اللّٰه
[التزم الموضوعات التي نصبها الحق ميدانا للفكر و لا تتعد بالأمور مراتبها و لا تعدل بالآيات إلى غير منازلها]
فإن تعديت آيات التفكر إلى آيات العقل أو آيات السمع أو آيات العلم أو آيات الايمان و استعملت فيها الفكر لم تصب جملة واحدة فالتزم الآيات التي نصبها الحق لقوم يتفكرون و لا تتعدى بالأمور مراتبها و لا تعدل بالآيات إلى غير منازلها و إذا سلكت على ما قلته لك حمدت مسعاك و شكرتني على ذلك فابحث على كل آية عبرة و تفكر تسعد إن شاء اللّٰه تعالى و كذلك الآيات التي فيها النظر من هذا الباب الفكري مثل قوله تعالى ﴿أَ فَلاٰ يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ﴾ [الغاشية:17] و مثل قوله ﴿أَ وَ لَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمٰاوٰاتِ وَ الْأَرْضِ﴾ [الأعراف:185] و كذلك ﴿أَ لَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحٰابِ الْفِيلِ﴾ [الفيل:1]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية