[فجآت الحق لمن خلا به في سره]
يقول اللّٰه تعالى ﴿وَ تَرَى النّٰاسَ سُكٰارىٰ وَ مٰا هُمْ بِسُكٰارىٰ﴾ [الحج:2] و ذلك أن لله قوما كانت عقولهم محجوبة بما كانوا عليه من الأعمال التي كلفهم الحق تعالى في كتابه و على لسان رسوله صلى اللّٰه عليه و سلم التصرف فيها شرعا و شرعها لهم و لم يكن لهم علم بأن لله تعالى الحق فجأة لمن خلا به في سره و أطاعه في أمره و هيأ قلبه لنوره من حيث لا يشعر ففجأه الحق على غفلة منه بذلك و عدم علم و استعداد لهائل أمر فذهب بعقله في الذاهبين و أبقى تعالى ذلك الأمر الذي فجأه مشهودا له فهام فيه و مضى معه فبقي في عالم شهادته بروحه الحيواني يأكل و يشرب و يتصرف في ضروراته الحيوانية تصرف الحيوان المفطور على العلم بمنافعه المحسوسة و مضاره من غير تدبير و لا روية و لا فكر ينطق بالحكمة و لا علم له بها و لا يقصد نفعك بها لتتعظ و تتذكر أن الأمور ليست بيدك و أنك عبد مصرف بتصريف حكيم و سقط التكليف عن هؤلاء إذ ليس لهم عقول يقبلون بها و لا يفقهون بها ﴿تَرٰاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَ هُمْ لاٰ يُبْصِرُونَ﴾ [الأعراف:198]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية