الفتوحات المكية

المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة الحج: [الآية 2]

سورة الحج
يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّآ أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى ٱلنَّاسَ سُكَٰرَىٰ وَمَا هُم بِسُكَٰرَىٰ وَلَٰكِنَّ عَذَابَ ٱللَّهِ شَدِيدٌ ﴿2﴾

تفسير الجلالين:

«يوم ترَوْنها تذُهَلُ» بسببها «كل مرضعة» بالفعل «عما أرضعت» أي تنساه «وتضع كل ذات حمل» أي حبلى «حملها وترى الناس سكارى» من شدة الخوف «وما هم بسكارى» من الشراب «ولكن عذاب الله شديد» فهم يخافونه.

تفسير الشيخ محي الدين:

وَجاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهادِهِ هُوَ اجْتَباكُمْ وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هذا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (78)

«وَجاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهادِهِ» الهاء من جهاده تعود على اللّه ، أي يتصفون بالجهاد ، أي في حال جهاده صفة الحق ، أي لا يرون مجاهدا إلا اللّه ، وذلك لأن الجهاد وقع فيه ، ولا يعلم أحد كيف الجهاد في اللّه إلا اللّه ، فإذا ردوا ذلك إلى اللّه وهو قوله : «حَقَّ جِهادِهِ» فنسب الجهاد إليه بإضافة الضمير ، فكان المجاهد لا هم ، أي لا يرون لأنفسهم عملا وإن كانوا محل ظهور الآثار . قال اللّه لموسى عليه السلام يا موسى اشكرني حق الشكر ، قال يا رب ومن يقدر على ذلك ، قال إذا رأيت النعمة مني فقد شكرتني حق الشكر - أخرجه


ابن ماجة في سننه - قال تعالى : «فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ» فكل عمل أضفته إلى اللّه عن ذوق ومشاهدة ، لا عن اعتقاد وحال بل عن مقام وعلم صحيح فقد أعطيت ذلك العمل حقه حيث رأيته ممن هو له «وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ» تأمل هذه الآية

فإن لها وجهين كبيرين قريبين خلاف ما لها من الوجوه ، أي خففت عنكم في الحكم ، وما أنزلت عليكم ما يحرجكم ،

وينظر إلى هذا قوله تعالى : «لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها»

وقوله تعالى : «لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا ما آتاها»

وقوله عليه السلام : [ بعثت بالحنيفية السمحاء ]

وقوله عليه السلام : [ إن الدين يسر ]

فلا يكون الحق يراعي اليسر في الدين ورفع الحرج ويفتي المفتي بخلاف ذلك ، فإن النفوس أبت أن تقف عند الأحكام المنصوص عليها ، فأثبتت لها عللا وجعلتها مقصودة للشارع وطردتها ، وألحقت المسكوت عنه في الحكم بالمنطوق به بعلة جامعة اقتضاها نظر الجاعل المجتهد ، ولو لم يفعل لبقي المسكوت عنه على أصله من الإباحة والعافية ، فكثرت الأحكام بالتعليل وطرد العلة والقياس والرأي والاستحسان ،

وما كان ربك نسيا ، ولكن بحمد اللّه جعل اللّه في ذلك رحمة أخرى لنا ، لولا أن الفقهاء حجرت هذه الرحمة على العامة ، بإلزامهم إياها مذهب شخص معين لم يعينه اللّه ولا رسوله ، ولا دل عليه ظاهر كتاب ولا سنة صحيحة ولا ضعيفة ،

ومنعوه أن يطلب رخصة في نازلته في مذهب عالم آخر اقتضاه اجتهاده ، وشددوا في ذلك وقالوا هذا يفضي إلى التلاعب بالدين ، وتخيلوا أن ذلك دين ، وقد قال النبي صلّى اللّه عليه وسلم : [ إن اللّه تصدق عليكم فاقبلوا صدقته ]

فالرخص مما تصدق اللّه بها على عباده ، وقد أجمعنا على تقرير حكم المجتهد وعلى تقليد العامي له في ذلك الحكم لأنه عنده عن دليل شرعي ، سواء كان صاحب قياس أو غير قائل به ، فتلك الرخصة التي رآها الشافعي في مذهبه على ما اقتضاه دليله ،

وقد قررها الشرع فيمنع المفتي من المالكية المالكي المذهب أن يأخذ برخصة الشافعي التي تعبده بها الشارع –

وإنما أضفناها إلى الشارع لأن الشرع قررها - بمنعه مما يقتضيه الدليل في الأخذ به بأمر لا يقتضيه الدليل الذي لا أصل له ، وهو ربط الرجل نفسه بمذهب خاص لا يعدل عنه إلى غيره ،

ويحجر عليه ما لم يحجر الشرع عليه ، وهذا من أعظم الطوام وأشق الكلف على عباد اللّه ،

فالذي وسع الشرع بتقرير حكم المجتهدين في هذه الأمة ضيقه عوام الفقهاء ،

وأما الأئمة مثل أبي حنيفة ومالك وأحمد بن حنبل والشافعي فحاشاهم من هذا ،


ما فعله واحد منهم قط ، ولا نقل عنهم أنهم قالوا لأحد اقتصر علينا ، ولا قلدني فيما أفتيك به ، بل المنقول عنهم خلاف هذا رضي اللّه عنهم ،

والوجه الآخر في قوله تعالى:" وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ " رفع الحديث من النفس عند توجه الحكم بما لا يوافق الغرض وتمجه النفس ، فكأنه خاطب المؤمنين ومن وجد الحرج ليس بمؤمن ،

وهذا صعب جدا ، فإذا قال تعالى : «وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ» فللإنسان إذا توجه عليه حكم بفتيا عالم من العلماء تصعب عليه أن يبحث عند العلماء المجتهدين ،

هل له في تلك النازلة حكم من الشرع أهون من ذلك ، فإن وجده عمل به وارتفع الحرج ، وإن وجد الإجماع في تلك النازلة على ذلك الحكم الذي صعب عليه ، قبله إن كان مؤمنا طيب النفس ، وعادت حزونته سهولة ،

ودفعه له قبولا لما حكم عليه به اللّه ، فيصح بذلك عنده إيمانه ، وهي علامة له على ثبوت الإيمان عنده ، ولما كان هذا المقام شامخا عسيرا على النفوس نيله ،

أقسم بنفسه جل وتعالى عليه ، ولما لم يكن المحكوم عليهم يسمعون ذلك من اللّه وإنما حكم عليهم بذلك رسول اللّه الثابت صدقه ، النائب عن اللّه وخليفته في الأرض ،

لذلك أضاف الاسم إليه عناية به وشرفا له صلّى اللّه عليه وسلم ،

فقال : «فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً»

«مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ» ،

فإبراهيم عليه السلام هو أبونا في الإسلام وهو الذي سمانا مسلمين «وَفِي هذا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ» فنشهد نحن على الأمم بما أوحى اللّه تعالى به إلينا من قصص أنبيائه مع أممهم ، فالشهادة بالخبر الصادق كالشهادة بالعيان الذي لا ريب فيه ، مثل شهادة خزيمة ، بل الشهادة بالوحي أتم من الشهادة بالعين ، لأن خزيمة لو شهد شهادة عين لم تقم شهادته مقام اثنين ، «فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ» الاعتصام باللّه هو قوله صلّى اللّه عليه وسلم في الاستعاذة «وأعوذ بك منك»

فإنه لا يقاومه شيء من خلقه ، فلا يستعاذ به إلا منه «هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ ".


(23) سورة المؤمنون مكيّة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

------------

(78) الفتوحات ج 2 / 148 - كتاب القسم الإلهي - الفتوحات ج 1 / 620 - ج 2 / 685 - كتاب القسم الإلهي - الفتوحات ج 3 / 50 - ج 4 / 85

تفسير ابن كثير:

ثم قال تعالى : ( يوم ترونها ) : هذا من باب ضمير الشأن; ولهذا قال مفسرا له : ( تذهل كل مرضعة عما أرضعت ) أي : تشتغل لهول ما ترى عن أحب الناس إليها ، والتي هي أشفق الناس عليه ، تدهش عنه في حال إرضاعها له; ولهذا قال : ( كل مرضعة ) ، ولم يقل : " مرضع " وقال : ( عما أرضعت ) أي : عن رضيعها قبل فطامه .

وقوله : ( وتضع كل ذات حمل حملها ) أي : قبل تمامه لشدة الهول ، ( وترى الناس سكارى ) وقرئ : " سكرى " أي : من شدة الأمر الذي [ قد ] صاروا فيه قد دهشت عقولهم ، وغابت أذهانهم ، فمن رآهم حسب أنهم سكارى ، ( وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد ) .


تفسير الطبري :

قوله تعالى{يوم ترونها} الهاء في {ترونها} عائدة عند الجمهور على الزلزلة؛ ويقوي هذا قوله عز وجل{ تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها} والرضاع والحمل إنما هو في الدنيا. وقالت فرقة : الزلزلة في يوم القيامة؛ واحتجوا بحديث عمران بن حصين الذي ذكرناه، وفيه : (أتدرون أي يوم ذلك...) الحديث. وهو الذي يقتضيه سياق مسلم في حديث أبي سعيد الخدري. قوله{تذهل} أي تشتغل؛ قاله قطرب. وأنشد : ضربا يزيل الهام عن مقيله ** ويذهل الخليل عن خليله وقيل تنسى. وقيل تلهو؛ وقيل تسلو؛ والمعنى متقارب. {عما أرضعت} قال المبرد{ما} بمعنى المصدر؛ أي تذهل عن الإرضاع. قال : وهذا يدل على أن هذه الزلزلة في الدنيا؛ إذ ليس بعد البعث حمل وإرضاع. إلا أن يقال : ما ماتت حاملا تبعث حاملا فتضع حملها للهول. ومن ماتت مرضعة بعثت كذلك. ويقال : هذا كما قال الله عز وجل{يوما يجعل الولدان شيبا}[المزمل : 17]. وقيل : تكون مع النفخة الأولى. وقيل : تكون مع قيام الساعة، حتى يتحرك الناس من قبورهم في النفخة الثانية. ويحتمل أن تكون الزلزلة في الآية عبارة عن أهوال يوم القيامة؛ كما قال تعالى{مستهم البأساء والضراء وزلزلوا}[البقرة : 214]. وكما قال عليه السلام : (اللهم اهزمهم وزلزلهم). وفائدة ذكر هول ذلك اليوم التحريض على التأهب له والاستعداد بالعمل الصالح. وتسمية الزلزلة بـ {شيء} إما لأنها حاصلة متيقن وقوعها، فيستسهل لذلك أن تسمى شيئا وهي معدومة؛ إذ اليقين يشبه الموجدات. وإما على المآل؛ أي هي إذا وقعت شيء عظيم. وكأنه لم يطلق الاسم الآن، بل المعنى أنها إذا كانت فهي إذا شيء عظيم، ولذلك تذهل المراضع وتسكر الناس؛ كما قال : قوله تعالى{ وترى الناس سكارى} أي من هولها ومما يدركهم من الخوف والفزع. { وما هم بسكارى} من الخمر. وقال أهل المعاني : وترى الناس كأنهم سكارى. يدل عليه قراءة أبي زرعة هرم بن عمرو بن جرير بن عبدالله {وترى الناس} بضم التاء؛ أي تظن ويخيل إليك. وقرأ حمزة والكسائي {سكرى} بغير ألف. الباقون {سكارى} وهما لغتان لجمع سكران؛ مثل كسلى وكسالى. والزلزلة : التحريك العنيف. والذهول. الغفلة عن الشيء بطروء ما يشغل عنه من هم أو وجع أو غيره. قال ابن زيد : المعنى تترك ولدها للكرب الذي نزل بها.

التفسير الميسّر:

يوم ترون قيام الساعة تنسى الوالدةُ رضيعَها الذي ألقمته ثديها؛ لِمَا نزل بها من الكرب، وتُسْقط الحامل حملها من الرعب، وتغيب عقول للناس، فهم كالسكارى من شدة الهول والفزع، وليسوا بسكارى من الخمر، ولكن شدة العذاب أفقدتهم عقولهم وإدراكهم.

تفسير السعدي

{ يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ } مع أنها مجبولة على شدة محبتها لولدها، خصوصا في هذه الحال، التي لا يعيش إلا بها.

{ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا } من شدة الفزع والهول، { وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى } أي: تحسبهم -أيها الرائي لهم- سكارى من الخمر، وليسوا سكارى.

{ وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ } فلذلك أذهب عقولهم، وفرغ قلوبهم، وملأها من الفزع، وبلغت القلوب الحناجر، وشخصت الأبصار، وفي ذلك اليوم، لا يجزي والد عن ولده، ولا مولود هو جاز عن والده شيئا.

ويومئذ { يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ* وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ* وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ* لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ }

وهناك { يعض الظالم على يديه، يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا يا ويلتي ليتني لم أتخذ فلانا خليلا } وتسود حينئذ وجوه وتبيض وجوه، وتنصب الموازين، التي يوزن بها مثاقيل الذر، من الخير والشر، وتنشر صحائف الأعمال وما فيها من جميع الأعمال والأقوال والنيات، من صغير وكبير، وينصب الصراط على متن جهنم، وتزلف الجنة للمتقين، وبرزت الجحيم للغاوين. { إذا رأتهم من مكان بعيد سمعوا لها تغيظا وزفيرا* وإذا ألقوا منها مكانا ضيقا مقرنين دعوا هنالك ثبورا } ويقال لهم: { لَا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا وَادْعُوا ثُبُورًا كَثِيرًا } وإذا نادوا ربهم ليخرجهم منها، قال: { اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ } قد غضب عليهم الرب الرحيم، وحضرهم العذاب الأليم، وأيسوا من كل خير، ووجدوا أعمالهم كلها، لم يفقدوا منها نقيرا ولا قطميرا.

هذا، والمتقون في روضات الجنات يحبرون، وفي أنواع اللذات يتفكهون، وفيما اشتهت أنفسهم خالدون، فحقيق بالعاقل الذي يعرف أن كل هذا أمامه، أن يعد له عدته، وأن لا يلهيه الأمل، فيترك العمل، وأن تكون تقوى الله شعاره، وخوفه دثاره، ومحبة الله، وذكره، روح أعماله.


تفسير البغوي

( يوم ترونها ) يعني الساعة وقيل الزلزلة ، ( تذهل ) قال ابن عباس : تشغل ، وقيل تنسى ، يقال ذهلت عن كذا أي تركته واشتغلت بغيره . ( كل مرضعة عما أرضعت ) أي كل امرأة معها ولد ترضعه يقال امرأة مرضع بلا هاء إذا أريد به الصفة مثل حائض وحامل فإذا أرادوا الفعل أدخلوا الهاء ( وتضع كل ذات حمل حملها ) أي تسقط ولدها من هول ذلك اليوم

قال الحسن : تذهل المرضعة عن ولدها بغير فطام وتضع الحامل ما في بطنها بغير تمام وهذا يدل على أن هذه الزلزلة تكون في الدنيا لأن بعد البعث لا يكون حمل

ومن قال تكون في القيامة قال هذا على وجه تعظيم الأمر لا على حقيقته كقولهم أصابنا أمر يشيب فيه الوليد يريد شدته

( وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ) قرأ حمزة والكسائي : " سكرى وما هم بسكرى " بلا ألف وهما لغتان في جمع السكران مثل كسلى وكسالى

قال الحسن : معناه وترى الناس سكارى من الخوف وما هم بسكارى من الشراب .

وقيل معناه وترى الناس كأنهم سكارى ( ولكن عذاب الله شديد )

أخبرنا الإمام أبو علي الحسين بن محمد القاضي ، أخبرنا أبو طاهر محمد بن محمش الزيادي ، أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر بن حفص التاجر ، أخبرنا إبراهيم بن عبد الله بن عمر بن بكير الكوفي العبسي ، أخبرنا وكيع عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " يقول الله عز وجل يوم القيامة يا آدم قم فابعث بعث النار قال فيقول لبيك وسعديك والخير كله في يديك يا رب وما بعث النار؟ قال فيقول من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين قال فحينئذ يشيب المولود وتضع كل ذات حمل حملها وترى [ الناس ] سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد قال : فيقولون وأينا ذاك الواحد؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " تسعمائة وتسعة وتسعون من يأجوج ومأجوج ومنكم واحد " فقال الناس الله أكبر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " والله إني لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة والله إني لأرجو أن تكونوا ثلث أهل الجنة والله إني لأرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة قال فكبر الناس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أنتم يومئذ في الناس إلا كالشعرة البيضاء في الثور الأسود أو الشعرة السوداء في الثور الأبيض " .

وروي عن عمران بن حصين ، وأبي سعيد الخدري ، وغيرهما أن هاتين الآيتين نزلتا في غزوة بني المصطلق ليلا فنادى [ منادي ] رسول الله صلى الله عليه وسلم فحثوا المطي حتى كانوا حول رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأها عليهم فلم ير أكثر باكيا من تلك الليلة فلما أصبحوا لم يحطوا السروج عن الدواب ولم يضربوا الخيام ولم يطبخوا قدرا والناس ما بين باك أو جالس حزين متفكر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أتدرون أي يوم ذلك قالوا الله ورسوله أعلم ، قال ذلك يوم يقول الله عز وجل لآدم قم فابعث بعث النار من ولدك فيقول آدم من كل كم فيقول الله عز وجل من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين إلى النار وواحدا في الجنة ، قال فكبر ذلك على المسلمين وبكوا وقالوا فمن ينجو إذا يا رسول الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أبشروا وسددوا وقاربوا فإن معكم خليقتين ما كانتا في قوم إلا كثرتاه يأجوج ومأجوج ، ثم قال إني لأرجو [ أن تكونوا ] ثلث أهل الجنة فكبروا وحمدوا الله ثم قال إني لأرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة فكبروا وحمدوا الله ثم قال إني لأرجو أن تكونوا ثلثي أهل الجنة وإن أهل الجنة مائة وعشرون صفا ثمانون منها أمتي وما المسلمون في الكفار إلا كالشامة في جنب البعير أو كالرقمة في ذراع الدابة بل كالشعرة السوداء في الثور الأبيض أو كالشعرة البيضاء في الثور الأسود ثم قال ويدخل من أمتي سبعون ألفا الجنة بغير حساب فقال عمر سبعون ألفا؟ قال نعم ومع كل واحد سبعون ألفا فقام عكاشة بن محصن فقال يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنت منهم فقام رجل من الأنصار فقال ادع الله أن يجعلني منهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : سبقك بها عكاشة " .


الإعراب:

(يَوْمَ) ظرف زمان متعلق بتذهل.

(تَرَوْنَها) مضارع مرفوع بثبوت النون والواو فاعل والها مفعول به والجملة مضاف إليه.

(تَذْهَلُ كُلُّ) مضارع وفاعله.

(مُرْضِعَةٍ) مضاف إليه والجملة مستأنفة.

(عَمَّا) عن حرف جر وما موصولية متعلقان بتذهل.

(أَرْضَعَتْ) ماض وفاعل والجملة معطوفة.

(وَتَضَعُ كُلُّ) مضارع وفاعله والجملة معطوفة على تذهل.

(ذاتِ) مضاف إليه (حَمْلٍ) مضاف إليه.

(حَمْلَها) مفعول به والها مضاف إليه.

(وَتَرَى) مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر فاعله مستتر.

(النَّاسَ) مفعول به (سُكارى) حال منصوبة والجملة معطوفة على ما سبق (وَما) الواو حالية وما نافية تعمل عمل ليس (هُمْ) اسم ما في محل رفع (بِسُكارى) الباء زائدة وسكارى خبر مجرور لفظا منصوب محلا والجملة في محل نصب على الحال (وَلكِنَّ عَذابَ اللَّهِ شَدِيدٌ) لكن واسمها وخبرها ولفظ الجلالة مضاف إليه والجملة معطوفة على جملة الحال وهي في محل نصب مثلها.

---

Traslation and Transliteration:

Yawma tarawnaha tathhalu kullu murdiAAatin AAamma ardaAAat watadaAAu kullu thati hamlin hamlaha watara alnnasa sukara wama hum bisukara walakinna AAathaba Allahi shadeedun

بيانات السورة

اسم السورة سورة الحج (Al-Hajj - The Pilgrimage)
ترتيبها 22
عدد آياتها 78
عدد كلماتها 1279
عدد حروفها 5196
معنى اسمها (الحَجُّ): مِنْ أَرْكَانِ الإِسْلامِ، فُرِضَ علَى الْمُسْلِمِ المُكَلَّفِ مَرَّةً فِي العُمُرِ لِمَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيهِ سَبِيلًا
سبب تسميتها ذِكْرُ أَصْلِ فَرِيضَةِ (الحَجِّ) عَلَى لِسَانِ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام
أسماؤها الأخرى لا يُعرَفُ للسُّورَةِ اسمٌ آخَرُ سِوَى سُورَةِ (الحَجِّ)
مقاصدها تَعْظِيمُ اللهِ تَعَالَى وَتَعْظِيمُ شَعَائِرَهِ وَأَحْكَامِهِ
أسباب نزولها سُورَةٌ مَدَنيَّةٌ، لَمْ يُنقَل سَبَبٌ لِنـُزُوْلِهَا جُملَةً وَاحِدَةً، ولكِن صَحَّ لِبَعضِ آياتِها سَبَبُ نُزُولٍ
فضلها فُضِّلَتْ بِسَجْدَتَين، سَأَلَ عُقْبَةُ بنُ عَامِرٍ رضي الله عنه رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ! أَفُضِّلَتْ سُورَةُ الْحَجِّ عَلَى سَائِرِ الْقُرْآنِ بِسَجْدَتَيْنِ؟ قَالَ: نَعَمْ. (حَدِيثٌ صَحيحٌ، رَوَاهُ أَحمَد)
مناسبتها مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (الحَجِّ) بِآخِرِهَا: الحَدِيثُ عَنِ السَّاعَةِ وَمَشَاهِدِهَا، فقَالَ فِي فَاتِحَتِهَا: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمۡۚ إِنَّ زَلۡزَلَةَ ٱلسَّاعَةِ شَيۡءٌ عَظِيمٞ ١﴾، وَقَالَ فِي خَاتِمَتِهَا: ﴿وَفِي هَٰذَا لِيَكُونَ ٱلرَّسُولُ شَهِيدًا ...٧٨﴾، وَذَلِكَ يَومُ القِيَامَةِ. مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (الحَجِّ) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (الأَنْبِيَاءِ عليه السلام): لَمَّا خَتَمَ اللهُ تعَالَى سُورَةَ (الأَنْبِيَاءِ) بِتَوبِيخِ الكُفَّارِ بِقَولِهِ: ﴿وَرَبُّنَا ٱلرَّحۡمَٰنُ ٱلۡمُسۡتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ ١١٢﴾ نَاسَبَ ذَلِكَ افْتِتَاحَ (الحَجِّ) بِالأَمْرِ بِتَقْوَى اللهِ؛ فَقَالَ: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمۡۚ إِنَّ زَلۡزَلَةَ ٱلسَّاعَةِ شَيۡءٌ عَظِيمٞ ١﴾.
اختر الًجزء:
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
اختر السورة:
1 - ﴿الفاتحة﴾
2 - ﴿البقرة﴾
3 - ﴿آل عمران﴾
4 - ﴿النساء﴾
5 - ﴿المائدة﴾
6 - ﴿الأنعام﴾
7 - ﴿الأعراف﴾
8 - ﴿الأنفال﴾
9 - ﴿التوبة﴾
10 - ﴿يونس﴾
11 - ﴿هود﴾
12 - ﴿يوسف﴾
13 - ﴿الرعد﴾
14 - ﴿إبراهيم﴾
15 - ﴿الحجر﴾
16 - ﴿النحل﴾
17 - ﴿الإسراء﴾
18 - ﴿الكهف﴾
19 - ﴿مريم﴾
20 - ﴿طه﴾
21 - ﴿الأنبياء﴾
22 - ﴿الحج﴾
23 - ﴿المؤمنون﴾
24 - ﴿النور﴾
25 - ﴿الفرقان﴾
26 - ﴿الشعراء﴾
27 - ﴿النمل﴾
28 - ﴿القصص﴾
29 - ﴿العنكبوت﴾
30 - ﴿الروم﴾
31 - ﴿لقمان﴾
32 - ﴿السجدة﴾
33 - ﴿الأحزاب﴾
34 - ﴿سبأ﴾
35 - ﴿فاطر﴾
36 - ﴿يس﴾
37 - ﴿الصافات﴾
38 - ﴿ص﴾
39 - ﴿الزمر﴾
40 - ﴿غافر﴾
41 - ﴿فصلت﴾
42 - ﴿الشورى﴾
43 - ﴿الزخرف﴾
44 - ﴿الدخان﴾
45 - ﴿الجاثية﴾
46 - ﴿الأحقاف﴾
47 - ﴿محمد﴾
48 - ﴿الفتح﴾
49 - ﴿الحجرات﴾
50 - ﴿ق﴾
51 - ﴿الذاريات﴾
52 - ﴿الطور﴾
53 - ﴿النجم﴾
54 - ﴿القمر﴾
55 - ﴿الرحمن﴾
56 - ﴿الواقعة﴾
57 - ﴿الحديد﴾
58 - ﴿المجادلة﴾
59 - ﴿الحشر﴾
60 - ﴿الممتحنة﴾
61 - ﴿الصف﴾
62 - ﴿الجمعة﴾
63 - ﴿المنافقون﴾
64 - ﴿التغابن﴾
65 - ﴿الطلاق﴾
66 - ﴿التحريم﴾
67 - ﴿الملك﴾
68 - ﴿القلم﴾
69 - ﴿الحاقة﴾
70 - ﴿المعارج﴾
71 - ﴿نوح﴾
72 - ﴿الجن﴾
73 - ﴿المزمل﴾
74 - ﴿المدثر﴾
75 - ﴿القيامة﴾
76 - ﴿الإنسان﴾
77 - ﴿المرسلات﴾
78 - ﴿النبأ﴾
79 - ﴿النازعات﴾
80 - ﴿عبس﴾
81 - ﴿التكوير﴾
82 - ﴿الانفطار﴾
83 - ﴿المطففين﴾
84 - ﴿الانشقاق﴾
85 - ﴿البروج﴾
86 - ﴿الطارق﴾
87 - ﴿الأعلى﴾
88 - ﴿الغاشية﴾
89 - ﴿الفجر﴾
90 - ﴿البلد﴾
91 - ﴿الشمس﴾
92 - ﴿الليل﴾
93 - ﴿الضحى﴾
94 - ﴿الشرح﴾
95 - ﴿التين﴾
96 - ﴿العلق﴾
97 - ﴿القدر﴾
98 - ﴿البينة﴾
99 - ﴿الزلزلة﴾
100 - ﴿العاديات﴾
101 - ﴿القارعة﴾
102 - ﴿التكاثر﴾
103 - ﴿العصر﴾
104 - ﴿الهمزة﴾
105 - ﴿الفيل﴾
106 - ﴿قريش﴾
107 - ﴿الماعون﴾
108 - ﴿الكوثر﴾
109 - ﴿الكافرون﴾
110 - ﴿النصر﴾
111 - ﴿المسد﴾
112 - ﴿الإخلاص﴾
113 - ﴿الفلق﴾
114 - ﴿الناس﴾
اختر الًصفحة:
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
31
32
33
34
35
36
37
38
39
40
41
42
43
44
45
46
47
48
49
50
51
52
53
54
55
56
57
58
59
60
61
62
63
64
65
66
67
68
69
70
71
72
73
74
75
76
77
78
79
80
81
82
83
84
85
86
87
88
89
90
91
92
93
94
95
96
97
98
99
100
101
102
103
104
105
106
107
108
109
110
111
112
113
114
115
116
117
118
119
120
121
122
123
124
125
126
127
128
129
130
131
132
133
134
135
136
137
138
139
140
141
142
143
144
145
146
147
148
149
150
151
152
153
154
155
156
157
158
159
160
161
162
163
164
165
166
167
168
169
170
171
172
173
174
175
176
177
178
179
180
181
182
183
184
185
186
187
188
189
190
191
192
193
194
195
196
197
198
199
200
201
202
203
204
205
206
207
208
209
210
211
212
213
214
215
216
217
218
219
220
221
222
223
224
225
226
227
228
229
230
231
232
233
234
235
236
237
238
239
240
241
242
243
244
245
246
247
248
249
250
251
252
253
254
255
256
257
258
259
260
261
262
263
264
265
266
267
268
269
270
271
272
273
274
275
276
277
278
279
280
281
282
283
284
285
286
287
288
289
290
291
292
293
294
295
296
297
298
299
300
301
302
303
304
305
306
307
308
309
310
311
312
313
314
315
316
317
318
319
320
321
322
323
324
325
326
327
328
329
330
331
332
333
334
335
336
337
338
339
340
341
342
343
344
345
346
347
348
349
350
351
352
353
354
355
356
357
358
359
360
361
362
363
364
365
366
367
368
369
370
371
372
373
374
375
376
377
378
379
380
381
382
383
384
385
386
387
388
389
390
391
392
393
394
395
396
397
398
399
400
401
402
403
404
405
406
407
408
409
410
411
412
413
414
415
416
417
418
419
420
421
422
423
424
425
426
427
428
429
430
431
432
433
434
435
436
437
438
439
440
441
442
443
444
445
446
447
448
449
450
451
452
453
454
455
456
457
458
459
460
461
462
463
464
465
466
467
468
469
470
471
472
473
474
475
476
477
478
479
480
481
482
483
484
485
486
487
488
489
490
491
492
493
494
495
496
497
498
499
500
501
502
503
504
505
506
507
508
509
510
511
512
513
514
515
516
517
518
519
520
521
522
523
524
525
526
527
528
529
530
531
532
533
534
535
536
537
538
539
540
541
542
543
544
545
546
547
548
549
550
551
552
553
554
555
556
557
558
559
560
561
562
563
564
565
566
567
568
569
570
571
572
573
574
575
576
577
578
579
580
581
582
583
584
585
586
587
588
589
590
591
592
593
594
595
596
597
598
599
600
601
602
603
604


يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!