اقتباسات ملهمة من الفتوحات المكية (... المزيد)

ظاهرا وباطنا ثم قال أَ ولَمْ يَرَ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ من نُطْفَةٍ فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ أي بين الخصومة ظاهر بها وقال خَلَقَ الْإِنْسانَ من نُطْفَةٍ فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ وذلك لدعواه في الربوبية وما خلقه الله إلا عبدا فلا يتجاوز قدره فنازع ربه في ربوبيته وما نازعه مخلوق إلا هو ووصف خصومته بالإبانة دون من وصفه بالخصومة من الملإ الأعلى وغيرهم وفي دعوى غير الربوبية فإنه ما من خصام يكون من مخلوق في أمر خلاف دعوى الربوبية إلا وهو ممكن أن يكون الحق بيده في ذلك ويخفى على السامع والحاكم فلا يدري هل الحق معه أو مع خصمه وهل هو صادق في دعواه أو هو كاذب للاحتمال المتطرق في ذلك إلا دعواه في الربوبية فإنه يعلم من نفسه ويعلم كل سامع من خلق الله أنه كاذب في دعواه وأنه عبد ولذلك خلقه الله فلهذا قيل فيه إنه خصيم مبين أي ظاهر الظلم في خصومته فمن نازع ربه في ربوبيته كيف يكون حاله ثم إن هذا الإنسان ليته يسعى في ذلك في حق نفسه فإنه يعلم من نفسه أنه ليس له حظ في الربوبية ثم يعترف بالربوبية لخلق من خلق الله من حجر أو نبات أو حيوان أو إنسان مثله أو جان أو ملك أو كوكب فإنه ما بقي صنف من
--- المزيد من الاقتباسات من الفتوحات المكية

واعلم أن الحق تعالى لا يخلق شيئا بشيء لكن يخلق شيئا عند شيء فكل ما يقتضي
الاستعانة والسببية فهي لام الحكمة فما خلق الله شيئا إلا للحق والحق أن يعبدوه فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ وما ذاك إلا من عمى القلوب الَّتِي في الصُّدُورِ عن الحق فلو كانت غير معرضة عن الحق مقبلة عليه لأبصرت الحق فأقرت بالربوبية له في كل شيء ولم يشرك بعبادة ربه أحدا ولذلك قال فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صالِحاً والصالح الذي لا يدخله خلل فإن ظهر فيه خلل فليس بصالح وليس الخلل في العمل وعدم الصلاح فيه إلا الشرك فقال ولا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً فنكر فعم كل من ينطلق عليه اسم أحد وهو كل شيء في عالم الخلق والأمر وعم الشرك الأصغر وهو الشرك الذي في العموم وهو الربوبية المستورة المنتهكة في مثل فعلت وصنعت وفعل فلان ولو لا فلان فهذا هو الشرك المغفور فإنك إذا راجعت أصحاب هذا القول فيه رجعوا إلى الله تعالى والشرك الذي في الخصوص فهم الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ الله إِلهاً آخَرَ وهو الظلم العظيم الذي ظلموا به هذا المقول عليه إنه إله مع الله فظلموا الله في وحدانية الألوهية له وظ