لأن جنوبهم تجافت عن المضاجع الطبيعية : و صاروا أهلا للموارد الإلهية و الشوارد الربانية فمياههم عذبة صافية و عروشهم عن كل ما سوى ما يلقي اللّٰه إليهم خاوية آبارهم معطلة و أبوابهم مقفلة و قصورهم مشيدة ضاعت مفاتح أقفالها و تقطعت حبال آبارها فتنظر إلى مياهها و لا تذاق فتستحسن على جهالة فإذا سردت أخبارها قرآنا ظهر إعجازها فلم يستطع أحد معارضتها فيستحليها فإذا سئل عن معانيها لا يدري ما يقول إذ لا ذوق له فيها إلا ما أعطاه الشهود فغايته أن يقول ﴿إِنْ هٰذٰا إِلاّٰ سِحْرٌ يُؤْثَرُ﴾ [المدثر:24] لاختلاط ضوئه بظلمته تشبيها بسحر الليل و بالسحر الذي يخرج الهواء الحار و يسوق الهواء البارد لتبقى بذلك الحياة على هيكل الحيوان فلا يدري الناظر فيه أي وجه يستقبل به فإنه مهما أقبل على وجه أعرض عن الآخر إلا أن يكون نبيا فيرى من خلفه كما يرى من أمامه فيكون وجها كله و ذلك هو المعبر عنه بالذوق الذي يكون عنه حقيقة الاشتياق و الشوق فما ينطق عن هوى ﴿إِنْ هُوَ إِلاّٰ وَحْيٌ يُوحىٰ﴾ [ النجم:4] علمه ذو القوة المتين في صورة شديد القوي ف ﴿مٰا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ وَ مٰا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطٰانٍ رَجِيمٍ﴾
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية