و أما صراط ربك فقد أشار إليه تعالى بقوله ﴿فَمَنْ يُرِدِ اللّٰهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلاٰمِ وَ مَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمٰا يَصَّعَّدُ فِي السَّمٰاءِ﴾ [الأنعام:125] يقول كأنما يخرج عن طبعه و الشيء لا يخرج عن حقيقته ﴿كَذٰلِكَ يَجْعَلُ اللّٰهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاٰ يُؤْمِنُونَ﴾ [الأنعام:125] و هذا فأشار إلى ما تقدم ذكره ﴿صِرٰاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيماً﴾ [الأنعام:126] و ما ذكر إلا إرادته للشرح و الضيق فلا بد منهما في العالم لأنه ما يكون إلا ما يريد و قد وجد ثم وصف نفسه يعني بالغضب و الرضاء و التردد و الكراهة ثم أوجب فقال و مع الكراهة فلا بد له من لقائي فهذا عين قوله ﴿كَأَنَّمٰا يَصَّعَّدُ فِي السَّمٰاءِ﴾ [الأنعام:125] فهو كالجبر في الاختيار فمن ارتفع عنه أحد الوصفين من عباد اللّٰه فليس بكامل أصلا و لذا قال في حق الكامل ﴿وَ لَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمٰا يَقُولُونَ﴾ [الحجر:97] ﴿فَاصْبِرْ﴾ [الأعراف:87] و هو الصبور على أذى خلقه و سمي هذا الصراط صراط الرب لاستدعائه المربوب و جعله مستقيما فمن خرج عنه فقد انحرف و خرج عن الاستقامة و لهذا شرع لنا الود في اللّٰه و البغض في اللّٰه و جعل ذلك من العمل المختص له ليس للعبد فيه حظ إلا ما يعطيه اللّٰه من الجزاء عليه و هو أن يعادي اللّٰه من عادى أولياءه و يوالي من والاهم فالسالك على صراط الرب هو القائم بالصفتين و لكن بالحق المشروع له لله لا لنفسه فإن اللّٰه لا يقوم لأحد من عباده إلا لمن قام له و لهذا قال ﴿وَ لاٰ يَخٰافُونَ لَوْمَةَ لاٰئِمٍ﴾
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية