و هو صحيح فقوله لوجدتني عنده هو ذكر المريض ربه في سره و علانيته و كذلك إذا استطعمك أحد من خلق اللّٰه أو استسقاك فأطعمه و اسقه إذا كنت موجدا لذلك فإنه لو لم يكن لك من الشرف و المنزلة إلا إن هذا المستطعم و المستسقي قد أنزلك منزلة الحق الذي يطعم عباده و يسقيهم و هذا نظر قل من يعتبره انظر إلى السائل إذا سأل و يرفع صوته يقول بالله أعطني فما نطقه اللّٰه إلا باسمه في هذه الحال و ما رفع صوته إلا ليسمعك أنت حتى تعطيه فقد سماك بالاسم اللّٰه و التجأ إليك برفع الصوت التجائه إلى اللّٰه و من أنزلك منزلة سيده فينبغي لك أن لا تحرمه و تبادر إلى إعطائه ما سالك فيه فإن «في هذا الحديث الذي سقناه آنفا في مرض العبد إن اللّٰه يقول يا ابن آدم استطعمتك فلم تطعمني قال يا رب كيف أطعمك و أنت رب العالمين قال أ ما علمت إن عبدي فلانا استطعمك فلم تطعمه أ ما لو أطعمته لوجدت ذلك عندي يا ابن آدم استسقيتك فلم تسقني قال يا رب كيف أسقيك و أنت رب العالمين قال أ ما علمت إن عبدي فلانا استسقاك فلم تسقه أما لو سقيته لوجدت ذلك عندي خرج هذا الحديث مسلم عن محمد بن حاتم عن بهز عن حماد بن سلمة عن ثابت عن أبي رافع عن أبي هريرة قال قال رسول اللّٰه ص» فأنزل اللّٰه نفسه في هذا الخبر منزلة عبده فالعبد الحاضر مع اللّٰه الذاكر اللّٰه في كل حال في مثل هذه الحال يرى الحق أنه الذي استطعمه و استسقاه فيبادر لما طلب الحق منه فإنه لا يدري يوم القيامة لعله يقام في حال هذا الشخص الذي استطعمه و استسقاه من الحاجة فيكافئه اللّٰه على ذلك و هو قوله لوجدت ذلك عندي أي تلك الطعمة و الشربة كنت أرفعها لك و أربيها حتى تجيء يوم القيامة فاردها عليك أحسن و أطيب و أعظم مما كانت فإن لم تكن لك همة أن ترى هذا الذي استسقاك قد أنزلك منزلة من بيده قضاء حاجته إذ جعلك اللّٰه خليفة عنه فلا أقل أن تقضي حاجة هذا السائل بنية التجارة طلبا للريح و تضاعف الحسنة فكيف إذا وقفت على مثل هذا الخبر و رأيت أن اللّٰه هو الذي سألك ما أنت مستخلف فيه فإن الكل لله و قد أمرك بالإنفاق مما استخلفك فيه فقال ﴿وَ أَنْفِقُوا مِمّٰا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ﴾ [الحديد:7] و عظم الأجر فيه إذا أنفقت فلا ترد سائلا و لو بكلمة طيبة و ألقه طلق الوجه مسرورا به فإنك إنما تلقى اللّٰه و «كان الحسين أو الحسن عليه السّلام إذا سأله السائل سارع إليه بالعطاء و يقول أهلا و اللّٰه و سهلا بحامل زادي إلى الآخرة»
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية