المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة الأنعام: [الآية 164]
![]() |
![]() |
![]() |
سورة الأنعام | ||
![]() |
![]() |
![]() |
تفسير الجلالين:
تفسير الشيخ محي الدين:
وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (165)
«وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ»
[ رتبة الخلافة متوارثة ، والخليفة واحد أبدا ]
هي رتبة الخلافة التي كانت لآدم عليه السلام ، فالخلفاء نواب الحق في عباده ، وقوله تعالى : «خَلائِفَ» بالجمع ، والخليفة واحد أبدا ، فإن سر الخلافة واحد ، وهو متوارث تتوارثه هذه الأشباح ، فإن ظهرت في شخص ما ، ما دام ذلك الشخص متصفا به ، من المحال شرعا أن يوجد لذلك القبيل في ذلك الزمان بعينه في شخص آخر ، وإن ادعاه أحد فهو باطل ، ودعواه مردودة ، وهو دجال ذلك الزمان ،
فإذا فقد ذلك الشخص انتقل ذلك السر إلى شخص آخر ، فانتقل معه اسم الخليفة ، فلهذا قيل خلائف الأرض ، أي يخلف بعضنا بعضا فيها ، في مرتبة الخلافة ،
فإن آدم كانت خلافته في الأرض ، وهكذا هو كل خليفة فيها ، مع وجود التفاضل بين الخلفاء فيها ، وذلك لاختلاف الأزمان واختلاف الأحوال ، فيعطي هذا الحال والزمان من الأمر ما لا يعطيه الزمان والحال الذي كان قبله والذي يكون بعده ،
ولهذا اختلفت آيات الأنبياء باختلاف الأعصار ، فآية كل خليفة ورسول من نسبة ما هو الظاهر والغالب على ذلك الزمان وأحوال علمائه ، أي شيء كان ، من طب أو سحر أو فصاحة ، وما شاكل هذا وهو قوله : «وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ»
[ وزن الأعمال يوم القيامة بالعامل ]
ففضل بعضهم على بعض بالمراتب والزيادات التي لها شرف في العرف والعقل ، ثم يقول للخلفاء «لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ» وهاتان الصفتان لا تكونان إلا لمن بيده الحكم والأمر والنهي ، فهذا النسق يقوي أنه أراد خلافة السلطنة والملك ،
ومن حقيقة قوله تعالى : «إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ» قال صلّى اللّه عليه وسلم :
[ أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك ] .
(7) سورة الأعراف مكيّة
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
------------
(165) الفتوحات ج 2 / 447 - كتاب التدبيرات الإلهية - الفتوحات ج 2 / 68 ، 60 ، 68 ، 401تفسير ابن كثير:
يقول تعالى : ( قل ) يا محمد لهؤلاء المشركين بالله في إخلاص العبادة له والتوكل عليه : ( أغير الله أبغي ربا ) أي : أطلب ربا سواه ، وهو رب كل شيء ، يربني ويحفظني ويكلؤني ويدبر أمري ، أي : لا أتوكل إلا عليه ، ولا أنيب إلا إليه; لأنه رب كل شيء ومليكه ، وله الخلق والأمر .
هذه الآية فيها الأمر بإخلاص التوكل ، كما تضمنت الآية التي قبلها إخلاص العبادة له لا شريك له . وهذا المعنى يقرن بالآخر كثيرا في القرآن كما قال تعالى مرشدا لعباده أن يقولوا : ( إياك نعبد وإياك نستعين ) [ الفاتحة : 5 ] ، وقوله ( فاعبده وتوكل عليه ) [ هود : 123 ] ، وقوله ( قل هو الرحمن آمنا به وعليه توكلنا ) [ الملك : 29 ] ، وقوله ( رب المشرق والمغرب لا إله إلا هو فاتخذه وكيلا ) [ المزمل : 9 ] ، وأشباه ذلك من الآيات .
وقوله : ( ولا تكسب كل نفس إلا عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى ) إخبار عن الواقع يوم القيامة في جزاء الله تعالى وحكمه وعدله ، أن النفوس إنما تجازى بأعمالها إن خيرا فخير ، وإن شرا فشر ، وأنه لا يحمل من خطيئة أحد على أحد . وهذا من عدله تعالى ، كما قال : ( وإن تدع مثقلة إلى حملها لا يحمل منه شيء ولو كان ذا قربى ) [ فاطر : 18 ] ، وقوله ( فلا يخاف ظلما ولا هضما ) [ طه : 112 ] ، قال علماء التفسير : فلا يظلم بأن يحمل عليه سيئات غيره ، ولا يهضم بأن ينقص من حسناته . وقال تعالى : ( كل نفس بما كسبت رهينة إلا أصحاب اليمين ) [ المدثر : 38 ، 39 ] ، معناه : كل نفس مرتهنة بعملها السيئ إلا أصحاب اليمين ، فإنه قد تعود بركات أعمالهم الصالحة على ذراريهم ، كما قال في سورة الطور : ( والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء ) [ الآية : 21 ] ، أي : ألحقنا بهم ذرياتهم في المنزلة الرفيعة في الجنة ، وإن لم يكونوا قد شاركوهم في الأعمال ، بل في أصل الإيمان ، ( وما ألتناهم ) أي : أنقصنا أولئك السادة الرفعاء من أعمالهم شيئا حتى ساويناهم وهؤلاء الذين هم أنقص منهم منزلة ، بل رفعهم تعالى إلى منازل الآباء ببركة أعمالهم ، بفضله ومنته ثم قال : ( كل امرئ بما كسب رهين ) [ الطور : 21 ] ، أي : من شر .
وقوله : ( ثم إلى ربكم مرجعكم فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون ) أي : اعملوا على مكانتكم إنا عاملون على ما نحن عليه ، فستعرضون ونعرض عليه ، وينبئنا وإياكم بأعمالنا وأعمالكم ، وما كنا نختلف فيه في الدار الدنيا ، كما قال تعالى : ( قل لا تسألون عما أجرمنا ولا نسأل عما تعملون قل يجمع بيننا ربنا ثم يفتح بيننا بالحق وهو الفتاح العليم ) [ سبأ : 25 ، 26 ] .
تفسير الطبري :
التفسير الميسّر:
تفسير السعدي
{ قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ } من المخلوقين { أَبْغِي رَبًّا } أي: يحسن ذلك ويليق بي، أن أتخذ غيره، مربيا ومدبرا والله رب كل شيء، فالخلق كلهم داخلون تحت ربوبيته، منقادون لأمره؟". فتعين علي وعلى غيري، أن يتخذ الله ربا، ويرضى به، وألا يتعلق بأحد من المربوبين الفقراء العاجزين. ثم رغب ورهب بذكر الجزاء فقال: { وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ } من خير وشر { إِلَّا عَلَيْهَا } كما قال تعالى: { مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا } { وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى } بل كل عليه وزر نفسه، وإن كان أحد قد تسبب في ضلال غيره ووزره، فإن عليه وزر التسبب من غير أن ينقص من وزر المباشر شيء. { ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ } يوم القيامة { فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ } من خير وشر، ويجازيكم على ذلك، أوفى الجزاء.
تفسير البغوي
( قل أغير الله أبغي ربا ) قال ابن عباس رضي الله عنهما : سيدا وإلها ( وهو رب كل شيء ) وذلك أن الكفار كانوا يقولون للنبي - صلى الله عليه وسلم - : ارجع إلى ديننا . قال ابن عباس : كان الوليد بن المغيرة يقول : اتبعوا سبيلي أحمل عنكم أوزاركم ، فقال الله تعالى : ( ولا تكسب كل نفس إلا عليها ) لا تجني كل نفس إلا ما كان من إثمه على الجاني ، ( ولا تزر وازرة وزر أخرى ) أي لا تحمل نفس حمل أخرى ، أي : لا يؤاخذ أحد بذنب غيره ، ( ثم إلى ربكم مرجعكم فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون )
الإعراب:
(قُلْ) الجملة مستأنفة (أَغَيْرَ) مفعول به مقدم منصوب بالفتحة والهمزة للاستفهام (اللَّهِ) لفظ الجلالة مضاف إليه.
(أَبْغِي) مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل، والفاعل أنا (رَبًّا) تمييز منصوب.
(وَهُوَ رَبُّ) مبتدأ وخبر والواو حالية والجملة في محل نصب حال وجملة أبغي مقول القول.
(كُلِّ) مضاف إليه (شَيْءٍ) مضاف إليه.
(وَلا تَكْسِبُ كُلُّ) فعل مضارع وفاعله (نَفْسٍ) مضاف إليه ولا نافية لا عمل لها والجملة معطوفة على ما قبلها.
(إِلَّا) أداة حصر.
(عَلَيْها) متعلقان بالفعل تكسب (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ) فعل مضارع وفاعله ومفعوله ولا نافية والجملة معطوفة.
(أُخْرى) مضاف إليه مجرور بالكسرة المقدرة على الألف للتعذر.
(ثُمَّ) عاطفه (إِلى رَبِّكُمْ) متعلقان بمحذوف خبر المبتدأ المؤخر (مَرْجِعُكُمْ) والجملة معطوفة.
(فَيُنَبِّئُكُمْ) فعل مضارع فاعله هو والكاف مفعوله والجملة معطوفة.
(بِما) اسم موصول في محل جر بالباء والجار والمجرور متلعقان بالفعل قبلهما.
(كُنْتُمْ) كان والتاء اسمها.
(فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) مضارع مرفوع بثبوت النون تعلق به الجار والمجرور قبله والواو فاعله، والجملة في محل نصب خبر كنتم. وجملة كنتم صلة الموصول لا محل لها.