«ليحملوا» في عاقبة الأمر «أوزارهم» ذنوبهم «كاملة» لم يُكفَّر منها شيء «يوم القيامة ومن» بعض «أوزار الذين يضلونهم بغير علم» لأنهم دعوهم إلى الضلال فاتبعوهم فاشتركوا في الإثم «ألا ساء» بئس «ما يزرون» يحملونه حملهم هذا.
إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ (128)
[ الفرق بين الوارث المحمدي وباقي ورثة الأنبياء عليهم السلام ]
-الوجه الأول -من جمع الإحسان والتقوى كان اللّه معه ، ومن أحسن إلى نفسه بأداء الزكاة كان متقيا أذى شح نفسه فهو من المتقين ، ومن المحسنين من يعبد اللّه كأنه يراه ويشهده ، ومن شهوده للحق علمه بأنه ما كلفه التصرف إلا فيما هو للحق وتعود منفعته على العبد ، منة وفضلا ، مع الثناء الحسن له على ذلك ، فإن عمل ما كلفه اللّه به لا يعود على اللّه من ذلك نفع ، وإن لم يعمل لا يتضرر بذلك ، والكل يعود على العبد ، فالزم الأحسن إليك تكن محسنا إلى نفسك
- الوجه الثاني -إن اللّه مع المحسنين كما هو مع المتقين ، والإحسان عيان وفي منزل كأنه عيان .
(17) سورة الإسراء مكيّة
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
------------
(128) الفتوحات ج 1 /
549 - ج 4 /
360
قال الله تعالى : ( ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم ) أي : إنما قدرنا عليهم أن يقولوا ذلك فيتحملوا أوزارهم ومن أوزار الذين يتبعونهم ويوافقونهم ، أي : يصير عليهم خطيئة ضلالهم في أنفسهم ، وخطيئة إغوائهم لغيرهم واقتداء أولئك بهم ، كما جاء في الحديث : " من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من اتبعه ، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا ، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من اتبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا " .
وقال [ الله ] تعالى : ( وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم وليسألن يوم القيامة عما كانوا يفترون ) [ العنكبوت : 13 ] .
وهكذا روى العوفي عن ابن عباس في قوله : ( ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم ) إنها كقوله : ( وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم ) [ العنكبوت : 13 ] .
وقال مجاهد : يحملون أثقالهم : ذنوبهم وذنوب من أطاعهم ، ولا يخفف عمن أطاعهم من العذاب شيئا .
قوله تعالى {ليحملوا أوزارهم} قيل : هي لام كي، وهي متعلقة بما قبلها. وقيل : لام العاقبة، كقوله{ليكون لهم عدوا وحزنا} [
القصص : 8]. أي قولهم في القرآن والنبي أدّاهم إلى أن حملوا أوزارهم؛ أي ذنوبهم. وقيل : هي لام الأمر، والمعنى التهدد. {كاملة} لم يتركوا منها شيئا لنكبة أصابتهم في الدنيا بكفرهم. {ومن أوزار الذين يضلونهم} قال مجاهد : يحملون وزر من أضلوه ولا ينقص من إثم المضل شيء. وفي الخبر (أيما داع دعا إلى ضلالة فاتُبع فإن عليه مثل أوزار من اتبعه من غير أن ينقص من أوزارهم شيء وأيما داع دعا إلى هدى فاتُبع فله مثل أجورهم من غير أن ينقص من أجورهم شيء) خرجه مسلم بمعناه. و{من} للجنس لا للتبعيض؛ فدعاة الضلالة عليهم مثل أوزار من اتبعهم. وقوله {بغير علم} أي يضلون الخلق جهلا منهم بما يلزمهم من الآثام؛ إذ لو علموا لما أضلوا. {ألا ساء ما يزرون} أي بئس الوزر الذي يحملونه. ونظير هذه الآية {وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم} [
العنكبوت : 13] وقد تقدم.
ستكون عاقبتهم أن يحملوا آثامهم كاملة يوم القيامة -لا يُغْفَر لهم منها شيء - ويَحْملوا من آثام الذين كذبوا عليهم؛ ليبعدوهم عن الإسلام من غير نقص من آثامهم. ألا قَبُحَ ما يحملونه من آثام.
وحملوا وزرهم ووزر من انقاد لهم إلى يوم القيامة.وقوله: { وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ ْ} أي: من أوزار المقلدين الذين لا علم عندهم إلا ما دعوهم إليه، فيحملون إثم ما دعوهم إليه، وأما الذين يعلمون فكلٌّ مستقلٌّ بجرمه، لأنه عرف ما عرفوا { أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ ْ} أي: بئس ما حملوا من الوزر المثقل لظهورهم، من وزرهم ووزر من أضلوه.
( ليحملوا أوزارهم ) ذنوب أنفسهم ، ( كاملة ) وإنما ذكر الكمال لأن البلايا التي تلحقهم في الدنيا وما يفعلون من الحسنات لا تكفر عنهم شيئا ، ( يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم ) بغير حجة فيصدونهم عن الإيمان ، ( ألا ساء ما يزرون ) يحملون .
أنبأنا أبو عبد الله محمد بن الفضل الخرقي ، أخبرنا أبو الحسن علي بن عبد الله الطيسفوني أخبرنا عبد الله بن عمر الجوهري ، أخبرنا أحمد بن علي الكشميهني ، حدثنا علي بن حجر ، حدثنا إسماعيل بن جعفر ، عن العلاء بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا ، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا " .
(لِيَحْمِلُوا) اللام للتعليل يحملوا مضارع منصوب بأن المضمرة بعد لام التعليل والواو فاعل واللام وما بعدها متعلقان بفعل قالوا والجملة مستأنفة (أَوْزارَهُمْ) مفعول به والهاء مضاف إليه (كامِلَةً) حال (يَوْمَ) ظرف زمان (الْقِيامَةِ) مضاف إليه (وَمِنْ أَوْزارِ) معطوف على أوزارهم (الَّذِينَ) اسم موصول مضاف إليه (يُضِلُّونَهُمْ) مضارع وفاعله ومفعوله والجملة صلة (بِغَيْرِ) متعلقان بحال محذوفة من الهاء (عِلْمٍ) مضاف إليه (أَلا) حرف تنبيه (ساءَ) ماض لإنشاء الذم (ما) اسم موصول في محل رفع فاعل والجملة استئنافية (يَزِرُونَ) مضارع مرفوع بثبوت النون والواو فاعل والجملة صلة
Traslation and Transliteration:
Liyahmiloo awzarahum kamilatan yawma alqiyamati wamin awzari allatheena yudilloonahum bighayri AAilmin ala saa ma yaziroona
That they may bear their burdens undiminished on the Day of Resurrection, with somewhat of the burdens of those whom they mislead without knowledge. Ah! evil is that which they bear!
Bu da, kıyamet günü kendi günahlarını tamamıyla yüklendikten başka bilgisizlikle doğru yoldan çıkarıp saptırdıkları kişilerin suçlarının bir kısmını da yüklenmeleri içindir. Bilin ki yüklendikleri yük, ne de kötü yüktür.
Qu'ils portent donc, au Jour de la Résurrection, tous les fardeaux de leurs propres œuvres ainsi qu'une partie des fardeaux de ceux qu'ils égarent, sans le savoir; combien est mauvais [le fardeau] qu'ils portent!
Sie werden gewiß ihre Verfehlungen, vollständig am Tag der Auferstehung auf sich nehmen sowie von den Verfehlungen derjenigen, die sie verleitet haben ohne Wissen. Ja! Erbärmlich ist es, was sie an Verfehlungen auf sich nehmen.
![](/images/arrowtop.jpg) |
بيانات السورة |
اسم السورة |
سورة النحل (An-Nahl - The Bee) |
ترتيبها |
16 |
عدد آياتها |
128 |
عدد كلماتها |
1845 |
عدد حروفها |
7642 |
معنى اسمها |
(النَّحْلُ): الْحَشَرَةُ الْمَعْرُوفَةُ، وَمُفْرَدُهَا النَّحْلَةُ، تُقَالُ لِلذَّكَرِ وَالأُنْثَى |
سبب تسميتها |
انْفِرَادُ السُّورَةِ بِذِكْرِ مُفْرَدَةِ (النَّحْلِ)، وَدِلَالَةُ هَذَا الاسْمِ عَلَى الْمَقْصِدِ الْعَامِّ لِلسُّورَةِ وَمَوضُوعَاتِهَا |
أسماؤها الأخرى |
اشتُهِرَتْ بِسُورَةِ (النَّحْلِ)، وتُسَمَّى سُورَةَ (النِعَم) |
مقاصدها |
التَّذْكِيرُ بِنِعَمِ اللهِ تَعَالَى الْكَثِيرَةِ، وَشُكْرِ الْمُنْعِمِ سُبْحَانَهُ، وَالتَّحْذِيرُ مِنَ الْكُفْرِ بِهَا |
أسباب نزولها |
سُورَةٌ مَكِّيَّةٌ، لَمْ يُنقَل سَبَبٌ لِنـُزُوْلِهَا جُملَةً وَاحِدَةً، ولكِنْ صَحَّ لِبَعضِ آياتِها سَبَبُ نُزُولٍ |
فضلها |
لَم يَصِحَّ حَدِيثٌ أَو أَثَرٌ خَاصٌّ فِي فَضلِ السُّورَةِ سِوَى أَنَّهَا مِنَ المِئِينِ |
مناسبتها |
مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (النَّحْلِ) بِِآخِرِهَا:
الأَمْرُ بِالتَّقْوَى والْحَدِيثُ عَنْ مَعِيَّةِ اللهِ تَعَالَى لِلْمُتَّقِينَ، فقَالَ فِي فَاتِحَتِهَا: ﴿أَنَّهُۥ لَآ إِلَٰهَ إِلَّآ أَنَا۠ فَٱتَّقُونِ ٢﴾،
وَقَالَ فِي خَاتِمَتِهَا:
﴿إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ وَّٱلَّذِينَ هُم مُّحۡسِنُونَ ١٢٨﴾.
مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (النَّحْلِ) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (الحِجْرِ):
خُتِمَتِ (الحِجْرُ) بِتَوجِيهِ النَّبِيِّ ﷺ بِمُدَاوَمَةِ العِبَادَةِ حتَّى يَنْقَضِيَ أَجَلُهُ، فَقَالَ: ﴿وَٱعۡبُدۡ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأۡتِيَكَ ٱلۡيَقِينُ ٩٩﴾، وَافتُتِحَتِ (النَّحْلُ) بِقَضَاءِ أَمْرِ اللهِ وَعَدَمِ اسْتِعْجَالِهِ؛ فَقَالَ: ﴿أَتَىٰٓ أَمۡرُ ٱللَّهِ فَلَا تَسۡتَعۡجِلُوهُۚ سُبۡحَٰنَهُۥ وَتَعَٰلَىٰ عَمَّا يُشۡرِكُونَ ١﴾. |