الفتوحات المكية

المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة الأنفال: [الآية 25]

سورة الأنفال
وَٱتَّقُوا۟ فِتْنَةً لَّا تُصِيبَنَّ ٱلَّذِينَ ظَلَمُوا۟ مِنكُمْ خَآصَّةً ۖ وَٱعْلَمُوٓا۟ أَنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ ﴿25﴾

تفسير الجلالين:

«واتقوا فتنة» إن أصابتكم «لا تصيبنَّ الذين ظلموا منكم خاصة» بل تعمهم وغيرهم واتقاؤها بإنكار موجبها من المنكر «واعلموا أن الله شديد العقاب» لمن خالفه.

تفسير الشيخ محي الدين:

وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (74) وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولئِكَ مِنْكُمْ وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (75)

«وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ» فأمر بصلة الأرحام - من باب الإشارة - أمر سبحانه بصلة الأرحام ، وهو تعالى أولى بهذه الصفة منا ، فلا بد أن يكون للرحم وصولا ، فإنها شجنة من الرحمن ، وقد وصلنا اللّه بلا شك من حيث أنه رحم لنا ، فهو الرزاق ذو القوة المتين ، المنعم على أي حالة كنا ، من طاعة أمره أو معصيته ، وموافقة أو مخالفة ، فإنه لا يقطع صلة الرحم من جانبه وإن انقطعت عنه من جانبنا لجهلنا ، فأينما كان الخلق فالحق يصحبه من حيث اسمه الرحمن ، لأن الرحم شجنة من الرحمن ، وجميع الناس رحم ،

والقرابة قرابتان :

قرابة الدين وقرابة الطين ،

فمن جمع بين القرابتين فهو أولى بالصلة ، وإن انفرد أحدهما بالدين والآخر بالطين فتقدم قرابة الدين على قرابة الطين ، وأفضل الصلات في الأرحام صلة الأقرب فالأقرب ، وتنقطع الأرحام بالموت ولا ينقطع الرحم المنسوبة إلى الحق ، فإنه معنا حيثما كن .

(9) سورة التوبة مدنيّة

اختلف الناس في سورة التوبة ، هل هي سورة مستقلة كسائر سور القرآن ؟

أو هل هي وسورة الأنفال سورة واحدة ؟

فإنهم كانوا لا يعرفون كمال السورة إلا بالفصل بالبسملة ، ولم يجئ هنا ، فدل أنها من سورة الأنفال وهو الأوجه

. وإن كان لترك البسملة وجه ، وهو عدم المناسبة بين الرحمة والتبري ، فإن بسملة سورة براءة هي التي في النمل ، والحق تعالى إذا وهب شيئا لم يرجع فيه ولا يرده إلى العدم ، فلما خرجت رحمة براءة وهي البسملة ، حكم التبري من أهلها برفع الرحمة عنهم ، وأعطيت هذه البسملة للبهائم التي آمنت بسليمان عليه السلام ، وهي لا يلزمها إيمان إلا برسولها ، فلما عرفت قدر سليمان وآمنت به أعطيت من الرحمة الإنسانية حظا ، وهي بسم اللّه الرحمن الرحيم الذي سلب عن المشركين . ولكن ما لهذا الوجه تلك القوة بل هو وجه ضعيف ، وسبب ضعفه أنه في الاسم اللّه المنعوت بجميع الأسماء ما هو اسم خاص يقتضي المؤاخذة ، والبراءة إنما هي من الشريك ، وإذا تبرأ من المشرك فلكونه مشركا ، لأن متعلقه العدم ، فإن الخالق لا يتبرأ من المخلوق ، ولو تبرأ منه من كان يحفظ عليه وجوده ، ولا وجود للشريك ، فالشريك معدوم ، فلا شركة في نفس الأمر ، فإذا صحت البراءة من الشريك فهي صفة تنزيه وتبرئة للّه من الشريك ، وللرسول من اعتقاد الجهل .

ووجه آخر في ضعف هذا التأويل الذي ذكرناه وهو عدم المناسبة بين الرحمة والتبري ، وهو أن البسملة موجودة في كل سورة أولها (وَيْلٌ) *وأين الرحمة من الويل ؟

ولهذا كان للقراء في مثل هذه السورة مذهب مستحسن فيمن يثبت البسملة من القراء ، وفيمن يتركها كقراءة حمزة ، وفيمن يخير فيها كقراءة ورش ، والبسملة إثباتها عنده أرجح ، فأثبتناها عند قراءتنا بحرف حمزة في هذين الموضعين لما فيهما من قبيح الوصل بالقراءة ،

وهو أن يقول (وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِويل) فبسملوا هنا ، وأما مذهبنا فيه فهو أن يقف على آخر السورة ويقف على آخر البسملة ، ويبتدئ بالسورة من غير وصل .

والخلاف في سورة التوبة أنها والأنفال سورة واحدة حيث لم يفصل بينهما بالبسملة خلاف منقول بين علماء هذا الشأن من الصحابة ، ولما علم اللّه ما يجري من الخلاف في هذه الأمة في حذف البسملة في سورة براءة ، فمن ذهب إلى أنها سورة مستقلة وكان القرآن عنده مائة وثلاث

عشرة سورة فيحتاج إلى مائة وثلاث عشرة بسملة ، أظهر لهم في سورة النمل بسملة ليكمل العدد ، وجاء بها كما جاء بها في أوائل السور بعينها ، فإن لغة سليمان عليه السلام لم تكن عربية ،

وإنما كانت أخرى في كتب لغة هذا اللفظ في كتابه ، وإنما كتب لفظة بلغته يقتضي معناها باللسان العربي إذا عبر عنها بسم اللّه الرحمن الرحيم ، وأتى بها محذوفة الألف كما جاءت في أوائل السور ، ليعلم أن المقصود بها هو المقصود بها في أوائل السور ، ولم يعمل ذلك في (بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها) و (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ) فأثبت الألف هناك ليفرق بين اسم البسملة وغيرها ، ولهذا تتضمن سورة التوبة من صفات الرحمة والتنزل الإلهي كثيرا ، فإن فيها شراء اللّه نفوس المؤمنين منهم بأن لهم الجنة وأي تنزل أعظم من أن يشتري السيد ملكه من عبده ؟

وهل يكون في الرحمة أبلغ من هذا ؟ فلا بد أن تكون التوبة والأنفال سورة واحدة ، أو تكون بسملة النمل السليمانية لسورة التوبة ، ثم انظر في اسمها ، فإن من يجعلها سورة على حدة منفصلة عن سورة الأنفال سماها سورة التوبة ،

وهو الرجعة الإلهية على العباد بالرحمة والعطف ، فإن الرجعة الإلهية لا تكون إلا بالرحمة ، لا يرجع على عباده بغيرها ، فإن كانت الرجعة في الدنيا ردّهم بها إليه ، وإن كانت في الآخرة فتكون رجعتهم مقدمة على رجعته ،

لأن الموطن يقتضي ذلك ، فإن كل من حضر من الخلق في ذلك المشهد سقط ورجع بالضرورة إلى ربه ، فيرجع اللّه إليهم وعليهم ، فمنهم من يرجع اللّه عليه بالرحمة في القيامة ومنازلها ، ومنهم من يرجع عليه بالرحمة بعد دخول النار ،

وذلك بحسب ما تعطيه الأحوال ، فالتوبة تطلب الرحمة ما تطلب التبري ، وإن ابتدأ عزّ وجل بالتبري فقد ختم بآية لم يأت بها ولا وجدت إلا عند من جعل اللّه شهادته شهادة رجلين ،

فإن كنت تعقل علمت ما في هذه السورة من الرحمة المدرجة ، ولا سيما في قوله تعالى : (ومنهم) ومنهم ، وذلك كله رحمة بنا لنحذر الوقوع فيه ، والاتصاف بتلك الصفات ، فإن القرآن علينا نزل ، فلم تتضمن سورة من القرآن في حقنا رحمة أعظم من هذه السورة ، لأنه كثر من الأمور التي ينبغي أن يتقيها المؤمن ويجتنبها ، فلو لم يعرفنا الحق تعالى بها ، وقعنا فيها ولا نشعر ، فهي سورة رحمة للمؤمنين .

كان علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه نائب محمد صلّى اللّه عليه وسلم في تلاوة سورة براءة على أهل مكة ، وقد كان بعث بها أبا بكر ثم رجع عن ذلك فقال : لا يبلغ عني القرآن إلا رجل

من أهل بيتي ، فدعا بعلي فأمره فلحق أبا بكر ، فلما وصل إلى مكة حج أبو بكر بالناس وبلغ عليّ إلى الناس سورة براءة ، وتلاها عليهم نيابة عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم ، وهذا مما يدلك على صحة خلافة أبي بكر ومنزلة علي رضي اللّه عنهما .

------------

(75) الفتوحات ج 3 / 531

تفسير ابن كثير:

يحذر تعالى عباده المؤمنين ) فتنة ) أي : اختبارا ومحنة ، يعم بها المسيء وغيره ، لا يخص بها أهل المعاصي ولا من باشر الذنب ، بل يعمهما ، حيث لم تدفع وترفع . كما قال الإمام أحمد :

حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم ، حدثنا شداد بن سعيد ، حدثنا غيلان بن جرير ، عن مطرف قال : قلنا للزبير : يا أبا عبد الله ، ما جاء بكم ؟ ضيعتم الخليفة الذي قتل ، ثم جئتم تطلبون بدمه ؟ فقال الزبير - رضي الله عنه - : إنا قرأنا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر وعثمان - رضي الله عنهم - : ( واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة ) لم نكن نحسب أنا أهلها حتى وقعت منا حيث وقعت .

وقد رواه البزار من حديث مطرف ، عن الزبير ، وقال : لا نعرف مطرفا روى عن الزبير غير هذا الحديث .

وقد روى النسائي من حديث جرير بن حازم ، عن الحسن ، عن الزبير نحو هذا .

وروى ابن جرير : حدثني الحارث ، حدثنا عبد العزيز ، حدثنا مبارك بن فضالة ، عن الحسن قال : قال الزبير : لقد خوفنا بها ، يعني قوله [ تعالى ] ( واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة ) ونحن مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وما ظننا أنا خصصنا بها خاصة .

وكذا رواه حميد ، عن الحسن ، عن الزبير ، رضي الله عنه .

وقال داود بن أبي هند ، عن الحسن في هذه الآية قال : نزلت في علي ، وعثمان وطلحة والزبير ، رضي الله عنهم .

وقال سفيان الثوري عن الصلت بن دينار ، عن عقبة بن صهبان ، سمعت الزبير يقول : لقد قرأت هذه الآية زمانا وما أرانا من أهلها فإن نحن المعنيون بها : ( واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب )

وقد روي من غير وجه ، عن الزبير بن العوام .

وقال السدي : نزلت في أهل بدر خاصة ، فأصابتهم يوم الجمل ، فاقتتلوا .

وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس في قوله تعالى : ( واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة ) يعني : أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - خاصة .

وقال في رواية له ، عن ابن عباس ، في تفسير هذه الآية : أمر الله المؤمنين ألا يقروا المنكر بين ظهرانيهم إليهم فيعمهم الله بالعذاب .

وهذا تفسير حسن جدا ؛ ولهذا قال مجاهد في قوله تعالى : ( واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة ) هي أيضا لكم ، وكذا قال الضحاك ، ويزيد بن أبي حبيب ، وغير واحد .

وقال ابن مسعود : ما منكم من أحد إلا وهو مشتمل على فتنة ، إن الله تعالى يقول : ( إنما أموالكم وأولادكم فتنة ) [ التغابن : 15 ] فأيكم استعاذ فليستعذ بالله من مضلات الفتن . رواه ابن جرير .

والقول بأن هذا التحذير يعم الصحابة وغيرهم - وإن كان الخطاب معهم - هو الصحيح ، ويدل على ذلك الأحاديث الواردة في التحذير من الفتن ، ولذلك كتاب مستقل يوضح فيه إن شاء الله تعالى ، كما فعله الأئمة وأفردوه بالتصنيف ومن أخص ما يذكر هاهنا ما رواه الإمام أحمد حيث قال :

حدثنا أحمد بن الحجاج ، أخبرنا عبد الله - يعني ابن المبارك - أنبأنا سيف بن أبي سليمان ، سمعت عدي بن عدي الكندي يقول : حدثني مولى لنا أنه سمع جدي - يعني عدي بن عميرة - يقول : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : إن الله - عز وجل - لا يعذب العامة بعمل الخاصة حتى يروا المنكر بين ظهرانيهم ، وهم قادرون على أن ينكروه فلا ينكروه ، فإذا فعلوا ذلك عذب الله الخاصة والعامة .

فيه رجل مبهم ، ولم يخرجوه في الكتب الستة ، ولا واحد منهم ، والله أعلم .

حديث آخر : قال الإمام أحمد : حدثنا سليمان الهاشمي ، حدثنا إسماعيل - يعني ابن جعفر - أخبرني عمرو بن أبي عمرو ، عن عبد الله بن عبد الرحمن الأشهل ، عن حذيفة بن اليمان ؛ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : والذي نفسي بيده ، لتأمرن بالمعروف ، ولتنهون عن المنكر ، أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقابا من عنده ، ثم لتدعنه فلا يستجيب لكم .

ورواه عن أبي سعيد ، عن إسماعيل بن جعفر ، وقال : أو ليبعثن الله عليكم قوما ثم تدعونه فلا يستجيب لكم .

وقال أحمد : حدثنا عبد الله بن نمير ، قال حدثنا رزين بن حبيب الجهني ، حدثني أبو الرقاد قال : خرجت مع مولاي ، فدفعت إلى حذيفة وهو يقول : إن كان الرجل ليتكلم بالكلمة على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيصير منافقا ، وإني لأسمعها من أحدكم في المقعد الواحد أربع مرات ؛ لتأمرن بالمعروف ، ولتنهون عن المنكر ، ولتحاضن على الخير ، أو ليسحتنكم الله جميعا بعذاب ، أو ليؤمرن عليكم شراركم ، ثم يدعو خياركم فلا يستجاب لهم .

حديث آخر : قال الإمام أحمد أيضا : حدثني يحيى بن سعيد ، عن زكريا ، حدثنا عامر ، قال : سمعت النعمان بن بشير - رضي الله عنه - يخطب يقول - وأومأ بإصبعيه إلى أذنيه - يقول : مثل القائم على حدود الله والواقع فيها - أو المدهن فيها - كمثل قوم ركبوا سفينة ، فأصاب بعضهم أسفلها وأوعرها وشرها ، وأصاب بعضهم أعلاها ، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا الماء مروا على من فوقهم فآذوهم ، فقالوا : لو خرقنا في نصيبنا خرقا ، فاستقينا منه ، ولم نؤذ من فوقنا ، فإن تركوهم وأمرهم هلكوا جميعا ، وإن أخذوا على أيديهم نجوا جميعا .

انفرد بإخراجه البخاري دون مسلم ، فرواه في " الشركة " و " الشهادات " ، والترمذي في الفتن من غير وجه ، عن سليمان بن مهران الأعمش ، عن عامر بن شراحيل الشعبي ، به .

حديث آخر : قال الإمام أحمد : حدثنا حسين ، حدثنا خلف بن خليفة ، عن ليث ، عن علقمة بن مرثد ، عن المعرور بن سويد ، عن أم سلمة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : إذا ظهرت المعاصي في أمتي ، عمهم الله بعذاب من عنده . فقلت : يا رسول الله ، أما فيهم أناس صالحون ؟ قال : بلى ، قالت : فكيف يصنع أولئك ؟ قال : يصيبهم ما أصاب الناس ، ثم يصيرون إلى مغفرة من الله ورضوان .

حديث آخر : قال الإمام أحمد : حدثنا حجاج بن محمد ، أخبرنا شريك ، عن أبي إسحاق ، عن المنذر بن جرير ، عن أبيه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ما من قوم يعملون بالمعاصي ، وفيهم رجل أعز منهم وأمنع لا يغيرون ، إلا عمهم الله بعقاب - أو : أصابهم العقاب .

ورواه أبو داود ، عن مسدد ، عن أبي الأحوص ، عن أبي إسحاق ، به .

وقال أحمد أيضا : حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة سمعت أبا إسحاق يحدث ، عن عبيد الله بن جرير ، عن أبيه ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ما من قوم يعمل فيهم بالمعاصي ، هم أعز وأكثر ممن يعمله ، لم يغيروه ، إلا عمهم الله بعقاب .

ثم رواه أيضا عن وكيع ، عن إسرائيل - وعن عبد الرزاق ، عن معمر - وعن أسود ، عن شريك ويونس - كلهم عن أبي إسحاق السبيعي ، به .

وأخرجه ابن ماجه ، عن علي بن محمد ، عن وكيع ، به .

[ حديث آخر ] وقال الإمام أحمد : حدثنا سفيان ، حدثنا جامع بن أبي راشد ، عن منذر ، عن حسن بن محمد ، عن امرأته ، عن عائشة تبلغ به النبي - صلى الله عليه وسلم - : إذا ظهر السوء في الأرض ، أنزل الله بأهل الأرض بأسه . قالت : وفيهم أهل طاعة الله ؟ قال : نعم ، ثم يصيرون إلى رحمة الله .


تفسير الطبري :

فيه مسألتان: الأولى: قال ابن عباس : أمر الله المؤمنين ألا يقروا المنكر بين أظهرهم فيعمهم العذاب. وكذلك تأول فيها الزبير بن العوام فإنه قال يوم الجمل، وكان سنة ست وثلاثين : ما علمت أنا أردنا بهذه الآية إلا اليوم، وما كنت أظنها إلا فيمن خوطب ذلك الوقت. وكذلك تأول الحسن البصري والسدي وغيرهما. قال السدي : نزلت الآية في أهل بدر خاصة؛ فأصابتهم الفتنة يوم الجمل فاقتتلوا. وقال ابن عباس رضي الله عنه : نزلت هذه الآية في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : وقال : أمر الله المؤمنين ألا يقروا المنكر فيما بينهم فيعمهم الله بالعذاب. وعن حذيفة بن اليمان قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (يكون بين ناس من أصحابي فتنة يغفرها الله لهم بصحبتهم إياي يستن بهم فيها ناس بعدهم يدخلهم الله بها الناس). قلت : وهذه التأويلات هي التي تعضدها الأحاديث الصحيحة؛ ففي صحيح مسلم عن زينب بنت جحش أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت له : يا رسول الله، أنهلك وفينا الصالحون؟ قال : (نعم إذا كثر الخبث}. وفي صحيح الترمذي : (إن الناس إذا رأوا الظالم ولم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب من عنده) وقد تقدمت هذه الأحاديث. وفي صحيح البخاري والترمذي عن النعمان بن بشير عن النبي صلى الله عليه وسلم قال {مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم فقالوا لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا ولم نؤذ من فوقنا فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا}. ففي هذا الحديث تعذيب العامة بذنوب الخاصة. وفيه استحقاق العقوبة بترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. قال علماؤنا : فالفتنة إذا عملت هلك الكل. وذلك عند ظهور المعاصي وانتشار المنكر وعدم التغيير، وإذا لم تغير وجب على المؤمنين المنكرين لها بقلوبهم هجران تلك البلدة والهرب منها. وهكذا كان الحكم فيمن كان قبلنا من الأمم؛ كما في قصة السبت حين هجروا العاصين وقالوا لا نساكنكم. وبهذا قال السلف رضي الله عنهم. روى ابن وهب عن مالك أنه قال : تهجر الأرض التي يصنع فيها المنكر جهارا ولا يستقر فيها. واحتج بصنيع أبي الدرداء في خروجه عن أرض معاوية حين أعلن بالربا، فأجاز بيع سقاية الذهب بأكثر من وزنها. خرجه الصحيح. وروى البخاري عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {إذا أنزل الله بقوم عذابا أصاب العذاب من كان فيهم ثم بعثوا على أعمالهم}. فهذا يدل على أن الهلاك العام منه ما يكون طهرة للمؤمنين ومنه ما يكون نقمة للفاسقين. وروى مسلم عن عبدالله بن الزبير أن عائشة رضي الله عنها قالت : عبث رسول الله صلى الله عليه وسلم في منامه، فقلت : يا رسول الله، صنعت شيئا في منامك لم تكن تفعله؟ فقال : (العجب، إن ناسا من أمتي يؤمون هذا البيت برجل من قريش قد لجأ بالبيت حتى إذا كانوا بالبيداء خسف بهم}. فقلنا : يا رسول الله، إن الطريق قد يجمع الناس. قال {نعم، فيهم المستبصر والمحبور وابن السبيل يهلكون مهلكا واحدا ويصدرون مصادر شتى يبعثهم الله تعالى على نياتهم}. فإن قيل : فقد قال الله تعالى {ولا تزر وازرة وزر أخرى} [الأنعام : 164]. {كل نفس بما كسبت رهينة}[المدثر : 38]. {لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت} [البقرة : 286]. وهذا يوجب ألا يؤخذ أحد بذنب أحد، وإنما تتعلق العقوبة بصاحب الذنب. فالجواب أن الناس إذا تظاهروا بالمنكر فمن الفرض على كل من رآه أن يغيره؛ فإذا سكت عليه فكلهم عاص. هذا بفعله وهذا برضاه. وقد جعل الله في حكمه وحكمته الراضي بمنزلة العامل؛ فانتظم في العقوبة؛ قال ابن العربي. وهو مضمون الأحاديث كما ذكرنا. ومقصود الآية : واتقوا فتنة تتعدى الظالم، فتصيب الصالح والطالح. الثانية: واختلف النحاة في دخول النون في {لا تصيبن}. قال الفراء : هو بمنزلة قولك : انزل عن الدابة لا تطرحنك؛ فهو جواب الأمر بلفظ النهي؛ أي إن تنزل عنها لا تطرحنك. ومثله قوله تعالى {ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم} [النمل : 18]. أي إن تدخلوا لا يحطمنكم؛ فدخلت النون لما فيه من معنى الجزاء. وقيل : لأنه خرج مخرج القسم، والنون لا تدخل إلا على فعل النهي أو جواب القسم. وقال أبو العباس المبرد : إنه نهي بعد أمر، والمعنى النهي للظالمين؛ أي لا تقربن الظلم. وحكى سيبويه : لا أرينك ههنا؛ أي لا تكن ههنا؛ فإنه من كان ههنا رأيته. وقال الجرجاني : المعنى اتقوا فتنة تصيب الذين ظلموا خاصة. فقوله {لا تصيبن} نهي في موضع وصف النكرة؛ وتأويله الإخبار بإصابتها الذين ظلموا. وقرأ علي وزيد بن ثابت وأبي وابن مسعود {لتصيبن} بلا ألف. قال المهدوي : من قرأ {لتصيبن} جاز أن يكون مقصورا من {لا تصيبن} حذفت الألف كما حذفت من {ما} وهي أخت {لا} في نحو أم والله لأفعلن، وشبهه. ويجوز أن تكون مخالفة لقراءة الجماعة؛ فيكون المعنى أنها تصيب الظالم خاصة.

التفسير الميسّر:

واحذروا -أيها المؤمنون- اختبارًا ومحنة يُعَمُّ بها المسيء وغيره لا يُخَص بها أهل المعاصي ولا مَن باشر الذنب، بل تصيب الصالحين معهم إذا قدروا على إنكار الظلم ولم ينكروه، واعلموا أن الله شديد العقاب لمن خالف أمره ونهيه.

تفسير السعدي

‏{‏وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً‏}‏ بل تصيب فاعل الظلم وغيره، وذلك إذا ظهر الظلم فلم يغير، فإن عقوبته تعم الفاعل وغيره، وتقوى هذه الفتنة بالنهي عن المنكر، وقمع أهل الشر والفساد، وأن لا يمكنوا من المعاصي والظلم مهما أمكن‏.‏ ‏{‏وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ‏}‏ من تعرض لمساخطه، وجانب رضاه‏.‏


تفسير البغوي

( واتقوا فتنة ) اختبارا وبلاء ( لا تصيبن ) قوله : " لا تصيبن " ليس بجزاء محض ، ولو كان جزاء لم تدخل فيه النون ، لكنه نفي وفيه طرف من الجزاء كقوله تعالى : " يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده " ( النمل - 18 ) وتقديره واتقوا فتنة إن لم تتقوها أصابتكم ، فهو كقول القائل : انزل عن الدابة لا تطرحنك ، فهذا جواب الأمر بلفظ النهي ، معناه إن تنزل لا تطرحك .

قال المفسرون : نزلت هذه الآية في أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومعناه : اتقوا فتنة تصيب الظالم وغير الظالم .

قال الحسن : نزلت في علي وعمار وطلحة والزبير رضي الله عنهم . قال الزبير : لقد قرأنا هذه الآية زمانا وما أرانا من أهلها فإذا نحن المعنيون بها ، يعني ما كان يوم الجمل .

وقال السدي ومقاتل والضحاك وقتادة : هذا في قوم مخصوصين من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصابتهم الفتنة يوم الجمل .

وقال ابن عباس : أمر الله - عز وجل - المؤمنين أن لا يقروا المنكر بين أظهرهم فيعمهم الله بعذاب يصيب الظالم وغير الظالم .

أخبرنا محمد بن عبد الله بن أبي توبة ، أنا أبو طاهر الحارثي ، أنا محمد بن يعقوب الكسائي ، أنا عبد الله بن محمود ، أنا إبراهيم بن عبد الله الخلال ، ثنا عبد الله بن المبارك ، عن سيف بن أبي سليمان ، قال : سمعت عدي بن عدي الكندي يقول : حدثني مولى لنا أنه سمع جدي يقول : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " إن الله لا يعذب العامة بعمل الخاصة حتى يروا المنكر بين ظهرانيهم وهم قادرون على أن ينكروه فلا ينكروه ، فإذا فعلوا ذلك عذب الله العامة والخاصة " . وقال ابن زيد : أراد بالفتنة افتراق الكلمة ومخالفة بعضهم بعضا .

أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنا محمد بن يوسف ، ثنا محمد بن إسماعيل ، ثنا أبو اليمان ، أنا شعيب ، عن الزهري ، أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ستكون فتن القاعد فيها خير من القائم ، والقائم فيها خير من الماشي ، والماشي فيها خير من الساعي ، من تشرف لها تستشرفه ، فمن وجد ملجأ أو معاذا فليعذ به " .

قوله ( لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة ) يعني : العذاب ، ( واعلموا أن الله شديد العقاب )


الإعراب:

(وَاتَّقُوا) فعل أمر وفاعله، والجملة معطوفة على استجيبوا.

(فِتْنَةً) مفعول به.

(لا تُصِيبَنَّ) فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة فاعله مستتر ولا نافية لا عمل لها.

(الَّذِينَ) اسم موصول في محل نصب مفعول به والجملة في محل نصب صفة.

(ظَلَمُوا) فعل ماض وفاعل.

(مِنْكُمْ) متعلقان بالفعل.

(خَاصَّةً) حال منصوبة، والجملة صلة الموصول.

(وَاعْلَمُوا) عطف على اتقوا.

(أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ) والمصدر المؤول من أن واسمها وخبرها سد مسد مفعولي اعلموا.

(الْعِقابِ) مضاف إليه.

---

Traslation and Transliteration:

Waittaqoo fitnatan la tuseebanna allatheena thalamoo minkum khassatan waiAAlamoo anna Allaha shadeedu alAAiqabi

بيانات السورة

اسم السورة سورة الأنفال (Al-Anfal - The Spoils of War)
ترتيبها 8
عدد آياتها 75
عدد كلماتها 1243
عدد حروفها 5299
معنى اسمها (الأَنْفَالُ) جَمْعُ (نَفَلٍ)، والنَّفَلُ: الغَنِيمَةُ. وَالمُرَادُ بِـ(الأنْفَالِ): الْغَنَائِمُ الَّتِي أَخَذَهَا المُسْلمُونَ فِي غَزْوَةِ بَدرٍ
سبب تسميتها نُزُولُ السُّورَةِ فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ، وذِكْرُ تَقْسِيمِ الغَنَائِمِ فِيهَا
أسماؤها الأخرى اشتُهِرَتْ بِسُورَةِ (الْأَنْفَالِ)، وتُسَمَّى سُورَةَ (بَدْرٍ)، وَسُورَةَ (الْجِهَادِ)
مقاصدها بَيَانُ أَحْكَامِ الجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَأَسْبَابِ النُّصْرَةِ وَالتَّمْكِينِ
أسباب نزولها سُورَةٌ مَدَنيَّةٌ، عَن سَعدِ بنِ أبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه قَالَ: «نَزَلَتْ فِيَّ أَرْبَعُ آياتٍ...»، وَذَكَرَ أَنَّهُ أَصَابَ سَيْفًا غَنِيمَةً مِنْ غَزْوَةِ بَدرٍ، فَطَلَبَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ، وَكَرَّرَ طَلَبَهُ ثَلاثًا، والرَّسُولُ ﷺ يَقُولُ لَهُ: «ضَعْهُ مِنْ حَيْثُ أَخَذْتَهُ» فَنَزَلَتِ الآيَةُ: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنفَالِ قُلِ الْأَنفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ﴾. (رَوَاهُ مُسْلِمٌ)
فضلها هِيَ مِنَ السَّبعِ، قَالَ ﷺ: «مَن أخَذَ السَّبعَ الْأُوَلَ منَ القُرآنِ فَهُوَ حَبْرٌ» أَيْ: عَالِم. (حَدِيثٌ حَسَنٌ، رَوَاهُ أَحمَد)
مناسبتها مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (الأنْفَالِ) بِآخِرِهَا: الحَدِيثُ عَنْ صِفَاتِ المُؤْمِنينَ،فَقَالَ فِي أوَّلِها: ﴿أُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ حَقّٗاۚ ...٤﴾، وَقَالَ فِي خَاتِمَتِهَا: ﴿أُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ حَقّٗاۚ ...٧٤﴾. مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (الأَنْفَالِ) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (الأَعْرَافِ): لَمَّا قَالَ فِي آخِرِ (الأَعْرَافِ): ﴿وَإِذَا قُرِئَ ٱلۡقُرۡءَانُ فَٱسۡتَمِعُواْ لَهُۥ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمۡ تُرۡحَمُونَ٢٠٤﴾. بَيَّنَ لَهُمْ أَثَرَ هَذَا الاسْتِمَاعِ فِي أَوَّلِ (الأَنْفَالِ) فَقَالَ: ﴿إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَجِلَتۡ قُلُوبُهُمۡ وَإِذَا تُلِيَتۡ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتُهُۥ زَادَتۡهُمۡ إِيمَٰنٗا ...٢﴾.
اختر الًجزء:
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
اختر السورة:
1 - ﴿الفاتحة﴾
2 - ﴿البقرة﴾
3 - ﴿آل عمران﴾
4 - ﴿النساء﴾
5 - ﴿المائدة﴾
6 - ﴿الأنعام﴾
7 - ﴿الأعراف﴾
8 - ﴿الأنفال﴾
9 - ﴿التوبة﴾
10 - ﴿يونس﴾
11 - ﴿هود﴾
12 - ﴿يوسف﴾
13 - ﴿الرعد﴾
14 - ﴿إبراهيم﴾
15 - ﴿الحجر﴾
16 - ﴿النحل﴾
17 - ﴿الإسراء﴾
18 - ﴿الكهف﴾
19 - ﴿مريم﴾
20 - ﴿طه﴾
21 - ﴿الأنبياء﴾
22 - ﴿الحج﴾
23 - ﴿المؤمنون﴾
24 - ﴿النور﴾
25 - ﴿الفرقان﴾
26 - ﴿الشعراء﴾
27 - ﴿النمل﴾
28 - ﴿القصص﴾
29 - ﴿العنكبوت﴾
30 - ﴿الروم﴾
31 - ﴿لقمان﴾
32 - ﴿السجدة﴾
33 - ﴿الأحزاب﴾
34 - ﴿سبأ﴾
35 - ﴿فاطر﴾
36 - ﴿يس﴾
37 - ﴿الصافات﴾
38 - ﴿ص﴾
39 - ﴿الزمر﴾
40 - ﴿غافر﴾
41 - ﴿فصلت﴾
42 - ﴿الشورى﴾
43 - ﴿الزخرف﴾
44 - ﴿الدخان﴾
45 - ﴿الجاثية﴾
46 - ﴿الأحقاف﴾
47 - ﴿محمد﴾
48 - ﴿الفتح﴾
49 - ﴿الحجرات﴾
50 - ﴿ق﴾
51 - ﴿الذاريات﴾
52 - ﴿الطور﴾
53 - ﴿النجم﴾
54 - ﴿القمر﴾
55 - ﴿الرحمن﴾
56 - ﴿الواقعة﴾
57 - ﴿الحديد﴾
58 - ﴿المجادلة﴾
59 - ﴿الحشر﴾
60 - ﴿الممتحنة﴾
61 - ﴿الصف﴾
62 - ﴿الجمعة﴾
63 - ﴿المنافقون﴾
64 - ﴿التغابن﴾
65 - ﴿الطلاق﴾
66 - ﴿التحريم﴾
67 - ﴿الملك﴾
68 - ﴿القلم﴾
69 - ﴿الحاقة﴾
70 - ﴿المعارج﴾
71 - ﴿نوح﴾
72 - ﴿الجن﴾
73 - ﴿المزمل﴾
74 - ﴿المدثر﴾
75 - ﴿القيامة﴾
76 - ﴿الإنسان﴾
77 - ﴿المرسلات﴾
78 - ﴿النبأ﴾
79 - ﴿النازعات﴾
80 - ﴿عبس﴾
81 - ﴿التكوير﴾
82 - ﴿الانفطار﴾
83 - ﴿المطففين﴾
84 - ﴿الانشقاق﴾
85 - ﴿البروج﴾
86 - ﴿الطارق﴾
87 - ﴿الأعلى﴾
88 - ﴿الغاشية﴾
89 - ﴿الفجر﴾
90 - ﴿البلد﴾
91 - ﴿الشمس﴾
92 - ﴿الليل﴾
93 - ﴿الضحى﴾
94 - ﴿الشرح﴾
95 - ﴿التين﴾
96 - ﴿العلق﴾
97 - ﴿القدر﴾
98 - ﴿البينة﴾
99 - ﴿الزلزلة﴾
100 - ﴿العاديات﴾
101 - ﴿القارعة﴾
102 - ﴿التكاثر﴾
103 - ﴿العصر﴾
104 - ﴿الهمزة﴾
105 - ﴿الفيل﴾
106 - ﴿قريش﴾
107 - ﴿الماعون﴾
108 - ﴿الكوثر﴾
109 - ﴿الكافرون﴾
110 - ﴿النصر﴾
111 - ﴿المسد﴾
112 - ﴿الإخلاص﴾
113 - ﴿الفلق﴾
114 - ﴿الناس﴾
اختر الًصفحة:
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
31
32
33
34
35
36
37
38
39
40
41
42
43
44
45
46
47
48
49
50
51
52
53
54
55
56
57
58
59
60
61
62
63
64
65
66
67
68
69
70
71
72
73
74
75
76
77
78
79
80
81
82
83
84
85
86
87
88
89
90
91
92
93
94
95
96
97
98
99
100
101
102
103
104
105
106
107
108
109
110
111
112
113
114
115
116
117
118
119
120
121
122
123
124
125
126
127
128
129
130
131
132
133
134
135
136
137
138
139
140
141
142
143
144
145
146
147
148
149
150
151
152
153
154
155
156
157
158
159
160
161
162
163
164
165
166
167
168
169
170
171
172
173
174
175
176
177
178
179
180
181
182
183
184
185
186
187
188
189
190
191
192
193
194
195
196
197
198
199
200
201
202
203
204
205
206
207
208
209
210
211
212
213
214
215
216
217
218
219
220
221
222
223
224
225
226
227
228
229
230
231
232
233
234
235
236
237
238
239
240
241
242
243
244
245
246
247
248
249
250
251
252
253
254
255
256
257
258
259
260
261
262
263
264
265
266
267
268
269
270
271
272
273
274
275
276
277
278
279
280
281
282
283
284
285
286
287
288
289
290
291
292
293
294
295
296
297
298
299
300
301
302
303
304
305
306
307
308
309
310
311
312
313
314
315
316
317
318
319
320
321
322
323
324
325
326
327
328
329
330
331
332
333
334
335
336
337
338
339
340
341
342
343
344
345
346
347
348
349
350
351
352
353
354
355
356
357
358
359
360
361
362
363
364
365
366
367
368
369
370
371
372
373
374
375
376
377
378
379
380
381
382
383
384
385
386
387
388
389
390
391
392
393
394
395
396
397
398
399
400
401
402
403
404
405
406
407
408
409
410
411
412
413
414
415
416
417
418
419
420
421
422
423
424
425
426
427
428
429
430
431
432
433
434
435
436
437
438
439
440
441
442
443
444
445
446
447
448
449
450
451
452
453
454
455
456
457
458
459
460
461
462
463
464
465
466
467
468
469
470
471
472
473
474
475
476
477
478
479
480
481
482
483
484
485
486
487
488
489
490
491
492
493
494
495
496
497
498
499
500
501
502
503
504
505
506
507
508
509
510
511
512
513
514
515
516
517
518
519
520
521
522
523
524
525
526
527
528
529
530
531
532
533
534
535
536
537
538
539
540
541
542
543
544
545
546
547
548
549
550
551
552
553
554
555
556
557
558
559
560
561
562
563
564
565
566
567
568
569
570
571
572
573
574
575
576
577
578
579
580
581
582
583
584
585
586
587
588
589
590
591
592
593
594
595
596
597
598
599
600
601
602
603
604


يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!