﴿يُورِثُهٰا مَنْ يَشٰاءُ مِنْ عِبٰادِهِ﴾ [الأعراف:128] و هو الذي أطلعه اللّٰه على هذا العلم الذي فرق به بين الخالق و المخلوق فخلق الخلق للخلق لا لنفسه فإن المنافع إنما تعود من الخلق على الخلق و اللّٰه هو النافع الموجد للمنافع و إن كان خلقنا لنعبده فمعناه لنعلم أنا عبيد له فإنا في حال عدمنا لا نعلم ذلك لأنه ما ثم وجود يعلم فهو سبحانه الحي الذي لا يموت مع أنه يتميز عن خلقه بما هو عليه من صفات الجلال و الكبرياء الذي لا نعقله إلا منا فما نعلم الإجلال الحادثات و كبريائها لا غير و لا تنسب إليه ما نحن عليه مما حمده الحق أو ذمه فينا فإن ذلك كله محدث و المحدثات لا نصفه بها و إنما نصفه بإيجادها و ما أوجده لا يقوم به فالكبرياء و الجلال الذي ننسبه إليه غير معلوم لنا فإنه لا يقبل جلالنا و لا كبرياءنا و جميع ما نحن عليه من الصفات وصف نفسه بها ثم نزه نفسه عنها فقال ﴿سُبْحٰانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ﴾ [الصافات:180] و هي المنع عما يصفون فأخذنا هذه الصفات التي كنا نصفه بها بعد تنزيهه عنها بحكم الورث لأنه قد وصف نفسه بها و وصفناه بها فقام التنزيه بعد ذلك مقام الورث لنا فهو يرثنا بالموت و نحن نرثه بالتنزيه
فكل وصف فعلينا يعود *** من كل ما أظهره في الوجود
فالجود لله على خلقه *** و نحن من إحسانه في مزيد
فنحن بالحق كما هو بنا *** فإنه المولى و نحن العبيد
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية