﴿فِي السَّمٰاءِ رِزْقُكُمْ وَ مٰا تُوعَدُونَ﴾ [الذاريات:22]
جعل الرزق و البناء جميعا *** في سماء و ما لها من فروج
ثم لا بد للعبيد إليها *** حين يدعون نحوها من عروج
إنما الخلق إن نظرتم إليهم *** تجدوهم في كل أمر مريج
دون علم فهم حيارى سكارى *** في خروج إن كان أو في ولوج
[من حضرة الجلال ظهرت الألوهة]
فمن نسبة الجلال إليه له الاسم و من حضرة الجلال ظهرت الألوهة و عجز الخلق عن المعرفة بها و من هذا الاسم يعلم سركم في الأرض لما فيكم من نسبة الباطن و جهركم لما فيكم من نسبة الظاهر لارتفاعكم عن تأثير الأركان فكل عظيم فهو جليل و كل حقير فهو جليل فهو من الأضداد و قيل لأبي سعيد الخراز بم عرفت اللّٰه فقال بجمعه بين الضدين ثم تلا ﴿هُوَ الْأَوَّلُ وَ الْآخِرُ وَ الظّٰاهِرُ وَ الْبٰاطِنُ﴾ [الحديد:3] يعني من عين واحدة و في عين واحدة ثم نرجع و نقول و لا أحقر ممن يسأل أن يطعم لإقامة نشأته و إبقاء الحياة الحيوانية عليه و على قدر الاحتقار يكون الافتقار و أي افتقار أعظم ممن لا يكون له ما يريد إلا بغيره لا بنفسه و لو لا القوابل ما ظهر مجد القادر لو لا جوع العبد ما ادعى فيه السيد و لو لا عين العبد ما كان للجوع حكم و لما أراد السيد أن يظهر بحكم لا يقوم إلا بعبده فلا بد أن يتعين وجود العبد و هو الذليل فالمفتقر إليه أشد في الحكم و أولى بالاسم فما كمل الوجود إلا بهذا الاسم فما من شيء إلا و له و عليه حكم فثبت الافتقار للحكم سواء حكمت له أو عليه و ما حكم على شيء و لا لشيء إلا عينه فما جاءه شيء من خارج فما ثم إلا هو فهو الحاكم و الحكم و المحكوم عليه أو له فتوحدت العين و اختلفت النسب كبدل الشيء من الشيء و هما لعين واحدة و أما عظمة الجليل فمن تأثيره كما إن حقارته من كونه مؤثرا فيه اسم مفعول و ما من شيء إلا مؤثر و مؤثر فيه لا بد من ذلك فاسم الجليل له حقيقة فيقول العظيم الذي له التأثير للمؤثر فيه الحقير يا جليل و يقول الحقير الذي تأثر و ظهر الأثر فيه للذي له الأثر و التأثير يا جليل بالوجهين من كل قائل و مسم و واصف و ناعت فما رأينا أشبه شيء منه بالصدى فإنه ما يرد عليك إلا ما تكلمت به فوضعه الحق لهذا المقام و أمثاله مثالا مضروبا فإن اللّٰه ما خلق الخلق لعين الخلق و إنما خلقه ضرب مثال له سبحانه و تعالى علوا كبيرا و لهذا أوجده على صورته فهو عظيم بهذا القصد و حقير بكونه موضوعا و لا بد من عارف و معروف فلا بد من خلق و حق و ليس كمال الوجود إلا بهما فظهر كمال الوجود في الدنيا ثم ينتقل الأمر إلى الأخرى على أتم الوجوه و أكملها عموما في الظاهر كما عمت في الدنيا في الباطن فهي في الآخرة في الظاهر و الباطن فلا بد أن تكون الآخرة تطلب حشر الأجساد و ظهورها و لا بد من إمضاء حكم التكوين فيهما فهي في الدنيا في العموم تقول للشيء ﴿كُنْ فَيَكُونُ﴾ [البقرة:117] في تصورها و تخيلها لأن موطن الدنيا ينقص في بعض الأمزجة عن إمضاء عين التكوين في العين في الظاهر و في الآخرة تقول ذلك بعينه لما يريد أن يكون
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية