فهو يمشي في وجودي دائما *** بالذي يعلم من سيرته
[خلق الحق نفسه]
يدعى صاحبها عبد البارئ فمن أصحابنا من قصرها على كل مخلوق من الأرض العنصري خاصة ما لها سوى ذلك من الخلق و ما عدا هذا الخلق المنسوب إلى أرض العنصر فخلق آخر ما هو عين هذا و من أصحابنا من عمم الأمر في كل مخلوق من أرض الطبيعة فدخل فيه كل صورة طبيعية من جوهر الهيولى إلى كل صورة تظهر فيه فلم يدخل اللوح و القلم و الملائكة المهيمة في هذا الخلق و جعل أولئك خلقا آخر و الكل خلق في العماء الذي هو نفس الرحمن القابل لصور كل ما سوى اللّٰه و قد ورد ذلك في خلق الحق نفسه فردته العقول كلها لعدم فهمها من ذلك و ما شعرت بأن كل صاحب مقالة في اللّٰه إنه يتصور في نفسه أمرا ما يقول فيه هو اللّٰه فيعبده و هو اللّٰه لا غيره و ما خلقه في ذلك المحل إلا اللّٰه فهذا معنى ذلك الخبر و اختلفت المقالات باختلاف نظر النظار فيه فكل صاحب نظر ما عبد و لا اعتقد إلا ما أوجده في محله و ما وجد في محله و قلبه إلا مخلوق و ليس هو إلا له الحق و في تلك الصورة أعني المقالة تتجلى له و إن كانت العين من حيث ما هي واحدة و لكن هكذا تدركه و هذا معنى قول عليم الأسود حين ضرب بيده الأسطوانة فصارت ذهبا في عين الرائي فلما بهت الرائي عند ذلك قال له عليم يا هذا إن الأعيان لا تنقلب و لكن هكذا تراها لحقيقتك بربك يشير إلى ظهور الحق في صورة كل اعتقاد لكل معتقد و هذا هو الحق المخلوق به في نفس كل ذي عقد من ملك و جان و إنسان مقلد أو صاحب نظر فجاءت الأنبياء في الحق على مقالة واحدة لا تتبدل و لا تتغير بل عين ما أثبته الأول أثبته كل رسول بعده و نبي إلى آخر من يخبر عن اللّٰه و ادعوا أن ذلك مما أوحى به إليهم و لو لا ذلك لاختلفوا فيه كما اختلف أهل النظر فهم أقرب إلى الحق بل ما جاءوا إلا بالحق في ذلك ليصدق الآخر الأول و الأول الآخر و هذه مقالة لا يقتضيها النظر الفكري أصلا لكن الكشف يعطيها و على كل حال فأنجى الطوائف من اعتقد في اللّٰه ما أخبر الحق به عن نفسه على ألسنة رسله فإنا نعلم أن الحق صادق القول فلو لا إن هذا الحكم عليه صحيح بوجه ما ما وجه به إرساله إلى الكافة من عباده و لو لا إن له وجها في كل معتقد ما وصف نفسه على ألسنة رسله بالتحول في صور الاعتقادات فقد برأ في نفس كل معتقد صورة حق يقول من يجدها هذا هو الحق الذي نستند إليه في وجودنا فلم ير المخلوق إلا مخلوقا فإنه لا يرى إلا معتقده و الحق وراء ذلك كله من حيث عينه القابلة في عين الرائي و العاقل لهذه الصور لا في نفسها فإن اللّٰه غني عن العالمين بالعالمين كما تقول في صاحب المال إنه غني بالمال عن المال فهو الموجب له صفة الغناء عنده و هي مسألة دقيقة لطيفة الكشف فإن الشيء لا يفتقر إلى نفسه فهو غني بنفسه عن نفسه لكونه عند نفسه ﴿يٰا أَيُّهَا النّٰاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرٰاءُ إِلَى اللّٰهِ وَ اللّٰهُ هُوَ الْغَنِيُّ﴾ [فاطر:15] عنكم
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية