إذا أراد الحق إيصاله إلى أذن السامع بالأصوات و الحروف أو الإيماء و الإشارة فلا بد من الواسطة إذ يستحيل عليه تعالى قيام الحوادث به فافهم ﴿وَ عَلَى اللّٰهِ قَصْدُ السَّبِيلِ﴾ [النحل:9] و في هذا المنزل من العلوم علم ما يفتقر إليه و لا يتصل به و فيه علم بيان الجمع أنه عين الفرق و فيه علم الفرق بين علم الخبر و علم النظر العقلي و علم النظر الكشفي و هو الذي يحصل بإدراك الحواس و فيه علم تنبيه الغافل بما ذا ينبه و مراتب التنبيه و فيه علم شرف العلم على شرف الرؤية فقد يرى الشخص شيئا و لا يدري ما هو فيقصه على غيره فيعلمه ذلك الغير ما هو و إن لم يره فالعلم أتم من الرؤية لأن الرؤية طريق من طرق العلم يتوصل بالسلوك فيه من هو عليه إلى أمر خاص و فيه علم ظهور الباطل في صورة الحق و هما على النقيض و من المحال أن يظهر أمر في صورة أمر آخر من غير تناسب فهو مثله في النسبة لا مثله في العين و هذا هو في صناعة النحو فعل المقاربة يقولون في ذلك كاد النعام يطير و كاد العروس يكون أميرا و الحق تعالى يظهر في عين الرائي السراب ماء و ليس بماء و هو عنده إذا جاء إليه الظمآن و كذلك المعطش إلى العلم بالله يأخذ في النظر في العلم به فيفيده تقييد تنزيه أو تشبيه فإذا كشف الغطاء و هو حال وصول الظمآن إلى السراب لم يجده كما قيده فأنكره و وجد اللّٰه عنده غير مقيد بذلك التقييد الخاص بل له الإطلاق في التقييد
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية