اعلم أيدك اللّٰه أيها الولي الحميم أن الناس تكلموا في الشريعة و الحقيقة قال اللّٰه تعالى لنبيه ﷺ آمرا ﴿وَ قُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً﴾ [ طه:114] يريد من العلم به من حيث ما له تعالى من الوجوه في كل مخلوق و مبدع و هو علم الحقيقة فما طلب الزيادة من علم الشريعة بل كان يقول اتركوني ما تركتكم و علم الشريعة علم محجة و طريق لا بد له من سالك و السلوك تعب فكان يريد التقليل من ذلك و غاية طريق الشريعة السعادة الحسية و ليست الحقيقة غايتها في العموم فإن من الناس من ينال الحقيقة في أول قدم يضعه في طريق الشريعة لأن وجه الحق في كل قدم و ما كل أحد يكشف له وجه الحق في كل قدم و الشريعة المحكوم بها في المكلفين و الحقيقة الحكم بذلك المحكوم به و الشريعة تنقطع و الحقيقة لها الدوام فإنها باقية بالبقاء الإلهي و الشريعة باقية بالإبقاء الإلهي و الإبقاء يرتفع و البقاء لا يرتفع فهذا المنزل يعطيك شرف الإنسان على جميع من في السماء الأرض و إنه العين المقصودة للحق من الموجودات لأنه الذي اتخذه اللّٰه مجلى و أعني به الإنسان الكامل لأنه ما كمل إلا بصورة الحق كما إن المرآة و إن كانت تامة الخلق فلا تكمل إلا بتجلى صورة الناظر فتلك مرتبتها و المرتبة هي الغاية كما إن الألوهة تامة بالأسماء التي تطلبها من المألوهين فهي لا ينقصها شيء و كمالها أعني الرتبة التي تستحقها الغني عن العالمين فكان له الكمال المطلق بالغنى عن العالمين و لما شاء أن يعطي كما له حقه و لم يزل كذلك و خلق العالم للتسبيح بحمده سبحانه لا لأمر آخر و التسبيح لله و لا يكون المسبح في حالة الشهود لأنه فناء عن الشهود و العالم لا يفتر عن التسبيح طرفة عين لأن تسبيحه ذاتي كالنفس للمتنفس فدل إن العالم لا يزال محجوبا و طلبهم بذلك التسبيح المشاهدة فخلق سبحانه الإنسان الكامل على صورته و عرف الملائكة بمرتبته و أخبرهم بأنه الخليفة في العالم و أن مسكنه الأرض و جعلها له دارا لأنه منها خلقه و شغل الملأ الأعلى به سماء و أرضا فسخر له
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية