﴿هٰذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ﴾ [التين:3] فإن حاملة الحمى النفس الحيوانية في هذا الموضع و هي للنفس الناطقة بمنزلة ملك اختل عليه بعض ملكه فهمه يكون أشد أ لا ترى الحق سبحانه قد وصف نفسه بالغضب و بالرحمة و بالقبول و بالإجابة و أمثال هذا و جعل ذلك كله مسببا عن أسباب تكون منا فإذا عصيناه مجاهرة أغضبناه و إذا قلنا قولا يرتضيه منا أرضيناه كما «قال ﷺ و لا نقول إلا ما يرضى ربنا» و إذا تبنا آثرنا القبول عنده و لو لا سيئاتنا ما عاقب و لا عفا و هذا كله مما يصحح النسب و يثبت النسب و يقوي آثار السبب فنحن أولاد علات أم واحدة و آباء مختلفون فهو السبب الأول بالدليل لا بالمشاهدة و لما تقرر ما ذكرناه أيد هذا النسب بقوله فمن وصلها وصله اللّٰه و من قطعها قطعه اللّٰه فانظر ما أعجب هذا الحكم إن قطعها سبحانه من الرحمن و جعل السعادة لنا و الوصلة به في وصل ما قطعه فالصورة صورة منازعة و فيها القرب الإلهي ليكون لنا حكم الوصل و هو رد الغريب إلى أهله و ليس للحكمة الإلهية في هذا إلا نفي التشبيه فإنه قال ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ [الشورى:11]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية