﴿وَ إِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاّٰ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَ لٰكِنْ لاٰ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كٰانَ حَلِيماً غَفُوراً﴾ [الإسراء:44] فبعنايته الأزلية بنا أعطانا الوجود على الصورة و لم يعطنا السورة التي هي منزلته فإن منزلته الربوبية و منزلتنا المربوبية و لذلك قلنا إن العالم لا يعق عن نفسه ينسك فإنه لا يأكله و الحق لا يكون له ذلك و لا ينبغي له فكانت عقيقته التسبيح بحمده لأن التسبيح ينبغي له و لما كانت طبيعة الممكن قبلت الوجود فظهر في عينه بعد أن لم يكن سماه خلقا مشتقا من الخليقة و هي طبيعة الأمر و حقيقته أي مطبوعا على الصورة و هي خليقته و لما أوجده اللّٰه على صورته و أوجده لعبادته فكان ما أوجده عليه خلاف ما أوجده له فقال ﴿وَ مٰا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ إِلاّٰ لِيَعْبُدُونِ مٰا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَ مٰا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ﴾ و هو ما أشرنا إليه في العقيقة أنه سبحانه لا ينبغي له أن يطعم فاشترك الجن مع الإنس فيما وجد له لا فيما وجد عليه و لما كانت صورة الحق تعطي أن لا تكون مأمورة و لا منهية لعزتها سرت هذه العزة في الإنسان طبعا فعصى ظاهرا و باطنا من حيث صورته لأنه على صورة من لا يقبل الأمر و النهي و الجبر أ لا ترى إبليس لما لم يكن على الصورة لم يعص باطنا فيقول
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية