فأهل الكشف يرونها روضة كما قال «و يرون نهر النيل و الفرات و سيحان و جيحان نهر عسل و ماء و خمر و لبن كما هو في الجنة فإن النبي ﷺ أخبر أن هذه الأنهار من الجنة» و من لم يكشف اللّٰه عن بصره و بقي في عمى حجابه لا يدرك ذلك مثل الأعمى يكون في بستان فما هو غائب عنه بذاته و لا يراه فلم يلزم من كونه لا يراه أنه لا يكون فيه بل هو فيه و كذلك تلك الأماكن التي ذكر رسول اللّٰه ﷺ أنها من النار كبطن محسر بمنى و غيره و لهذا شرع الإسراع في الخروج عنه لأمته فإنه ﷺ يرى ما لا يرون و يشهد ما لا يشهدون و من الناس من يستصحبه هذا الكشف و منهم من لا يستصحبه على ما قد أراده اللّٰه من ذلك لحكمة أخفاها في خلقه أ لا ترى أهل الورع إذا حماهم اللّٰه عن أكل الحرام من بعض علاماته عندهم إن يتغير في نظره ذلك المطعوم إلى صورة محرمة عليه فيراه دما أو خنزيرا مثلا فيمتنع من أكله فإذا بحث عن كسب ذلك الطعام وجده مكتسبا على غير الطريقة المشروعة في اكتسابه فلأهل اللّٰه تعالى ﴿أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهٰا﴾ [الأعراف:195] و ﴿آذٰانٌ يَسْمَعُونَ بِهٰا﴾ [الأعراف:195]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية