و السؤال قد يكون لفظا و حالا و المسئول عنه الذي تعلق به الوعيد لا بد أن يكون واجبا عليه السؤال عنه فلا بد أن يجب على العالم الجواب عنه و سؤالات الافتقار كلها بهذه المثابة قال اللّٰه تعالى ﴿يٰا أَيُّهَا النّٰاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرٰاءُ إِلَى اللّٰهِ﴾ [فاطر:15] ففي هذا الخطاب تسمية اللّٰه بكل اسم هو لمن يفتقر إليه فيما يفتقر إليه فيه و هو من باب الغيرة الإلهية حتى لا يفتقر إلى غيره و الشرف فيه إلى العالم بذلك و في هذا الخطاب هجاء للناس حيث لم يعرفوا ذلك إلا بعد التعريف الإلهي في الخطاب الشرعي على ألسنة الرسل عليهم السلام و مع هذا أنكر ذلك خلق كثير و خصوه بأمور معينة يفتقر إليه فيها لا في كل الأمور من اللوازم التابعة للوجود التي تعرض مع الآنات للخلق و كان ينبغي لنا لو كنا متحققين بفهم هذه الآية أن نبكي بدل الدموع دما حيث جهلنا هذا الأمر من نفوسنا إلى أن وقع به التعريف الإلهي فكيف حال من أنكره و تأوله و خصصه فهذا قد بينا نبذة من الفصل الثاني المتعلق بهذا المنزل و أما الفصل الثالث من فصول هذا المنزل فاعلم إن اللّٰه تعالى قد عرف عباده أن له حضرات معينة لأمور دعاهم إلى طلب دخولها و تحصيلها منه و جعلهم فقراء إليها فمن الناس من قبلها و من الناس من ردها جهلا بها فمنها حضرة المشاهدة و هي على منازل مختلفة و إن عمتها حضرة واحدة فمنهم من يشهده في الأشياء و منهم قبلها و منهم بعدها و منهم معها و منهم من يشهده عينها على اختلاف مقامات كثيرة فيها يعلمها أهل طريق اللّٰه أصحاب الذوق و الشرب و منها حضرة المكالمة و منها حضرة الكلام و منها حضرة السماع و منها حضرة التعليم و منها حضرة التكوين و غير ذلك فإنها كثيرة لا يتسع هذا التصنيف لذكرها فحضرة المكالمة من خصائص هذا المنزل فمن عدل عنها فقد حرم ما يتضمنه من المعارف الإلهية و الالتذاذ بالمحادثة الربانية و كان ممن قيل فيه ﴿مٰا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ﴾ [الأنبياء:2]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية