[عبودية التصريف و عبودية الإمكان]
و أما من نزل منهم عن هذه الطبقة فإنه يقول لا يصح تركها باطنا لوجود الافتقار الذي لا ينكره المحدث من نفسه فلا بد أن يذله فتلك الذلة عين العبودية إلا أن يؤخذ الإنسان عن معرفته بنفسه و أما تركها من باب المعرفة فهو أن العبد إذا نظرته من حيث تصرفه لا من حيث ما هو ممكن و أطلقت عليه اسم العبودة من ذلك الباب فيمكن في المعرفة تركها من باب التصرف لا من باب الإمكان و ذلك أن حقيقة العبودية الوقوف عند أوامر السيد و ما هنا مأمور إلا من يصح منه الفعل بما أمر به و الأفعال خلق اللّٰه فهو الآمر و المأمور فأين التصرف الحقيقي الذي به يسمى العبد عبدا قائما بأوامر سيده أو منازعا له فيتصف بالإباق فبقي المسمى عبدا على ظهور الاقتدار الإلهي بجريان الفعل على ظاهره و باطنه إما بموافقة الأمر أو بمخالفته و إذا كان هذا على ما ذكرناه فلا عبودية تصريف فهو أعني العبد موجود بلا حكم و هذا مقام تحقيقه عند جميع علماء الذوق من أهل اللّٰه إلا طائفة من أصحابنا و غيرهم ممن ليس منا يرون خلاف ذلك و أن الممكن له فعل و أن اللّٰه قد فوض إلى عباده أن يفعلوا بعض الممكنات من الأفعال فكلفهم فعلها فقال ﴿أَقِيمُوا الصَّلاٰةَ وَ آتُوا الزَّكٰاةَ﴾ [البقرة:43]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية